loading ad...
في الوقت الذي انتشرت فيه مصطلحات مثل "وجه أوزيمبيك" و"مؤخرة أوزيمبيك"، بدأ يظهر مؤخراً تعبير جديد يُعرف بـ"شخصية أوزيمبيك"، وهو مصطلح يُستخدم لوصف تغييرات مزاجية أو سلوكية يلاحظها بعض مستخدمي هذا الدواء.اضافة اعلان
يُستخدم أوزيمبيك، وأدوية أخرى من فئة GLP-1، للمساعدة في إنقاص الوزن وتنظيم مستوى السكر في الدم، ويُعد تأثيرها على الدماغ من العوامل الأساسية في فعاليتها، ما يثير تساؤلات حول ما إذا كان هذا التأثير يمتد ليشمل الحالة النفسية أو الشخصية، نقلا عن موقع وومن هيلث مغازين.
يؤكد الأطباء أن التغيرات السلوكية ليست شائعة، بل تُلاحظ في عدد محدود جداً من المستخدمين. وفي الحالات التي تظهر فيها تأثيرات، فإن معظمها يُعتبر إيجابياً، حيث يشعر المستخدمون بتحسن عام في المزاج، وزيادة في صفاء الذهن، وتحسن في الاستقرار النفسي، ويُعزى ذلك إلى استقرار مستويات السكر وانخفاض الالتهابات الدماغية.
إلا أن بعض التقارير الشخصية التي شاركها مستخدمون على منصات مثل Reddit تشير إلى تجارب أقل إيجابية، منها الإحساس بالهدوء الزائد، وفقدان الحماسة، وانخفاض الرغبة الجنسية، بالإضافة إلى مشاعر الغربة أو الفتور العاطفي.
ووصف البعض حالتهم بأنها أقرب إلى فقدان "الشرارة الداخلية"، بينما عبّر آخرون عن شعورهم بأن تقلباتهم المزاجية أصبحت أقل حدة، حتى أن بعض الأصدقاء أو أفراد العائلة وصفوهم بأنهم أصبحوا "مملين".
ورغم عدم توفر أدلة علمية قطعية حتى الآن تثبت وجود علاقة مباشرة بين استخدام أوزيمبيك وتغيرات في الشخصية أو المزاج، فإن الأطباء يوصون بمراقبة هذه التحولات خاصة لدى الأشخاص الذين يلاحظون اختلافاً في سلوكهم أو استجابتهم العاطفية بعد بدء العلاج. ومن المهم التفرقة بين التأثيرات الدوائية المؤقتة والتغيرات النفسية الأعمق، والتي قد تتطلب تقييماً إضافياً أو تعديلاً في الخطة العلاجية.
ولكن الأطباء لديهم فكرة واضحة عن سبب احتمال ملاحظتك لتغيرات في شخصيتك بعد البدء باستخدام أدوية مثل أوزيمبيك، وإذا شعرت بأنك تمر بتجربة مشابهة، فهناك خطوات بسيطة يمكنك اتخاذها. إليك ما تحتاج معرفته عن التأثير المحتمل لأوزيمبيك على الشخصية والمزاج.
يشرح الأطباء أن أوزيمبيك وأدوية GLP-1 المشابهة تعمل عن طريق تقليد هرمون موجود بطبيعته في الأمعاء والدماغ، ما يعني أنها لا تؤثر فقط على الشهية والجهاز الهضمي، بل تمتد لتطال الدماغ أيضاً.
هذه الأدوية فعالة في إنقاص الوزن لأنها تُبطئ عملية الهضم مما يساعد على الشعور بالشبع لفترات أطول، لكنها أيضاً تُعدّل نشاط مركز المكافأة في الدماغ، المعروف طبياً باسم "تحت المهاد" أو "الهايبوثالاموس"، وبالتالي تُقلل من الشعور بالنشوة المرتبط بتناول الطعام.
تقول الطبيبة ريخا كومار، أخصائية الغدد الصماء في مستشفى نيويورك برسبيتريان وكلية طب وايل كورنيل، إن أدوية GLP-1 لا تُعتبر فقط علاجات للسكري أو فقدان الوزن، بل هي أيضاً "أدوية تؤثر على الدماغ".
وتضيف أن هذه الأدوية تعمل على مستوى الجسم كله بما في ذلك الدماغ، وتُقلل من تدفق المواد الكيميائية المسببة للسعادة مثل الدوبامين، ما قد يُسهم في تقليل الشغف بالطعام وبالتالي فقدان الوزن.
الأثر الإيجابي لهذا التأثير لا يتوقف عند خسارة الوزن فحسب، بل يمتد أيضاً إلى إمكانية علاج بعض حالات الإدمان، ويُعتقد أن ذلك يعود إلى تأثير GLP-1 على نفس المركز العصبي المسؤول عن الإشباع والسلوك الإدماني.
ويجد بعض المرضى أنفسهم أكثر هدوءاً وصفاء ذهنياً لأنهم لم يعودوا مشتتين بسبب "ضجيج الطعام"، أي الأفكار المرتبطة بالأكل المستمر، وهو ما يُحسن من تركيزهم وجودة حياتهم اليومية.
لكن بالمقابل، يُشير بعض المستخدمين إلى شعورهم بأن شخصياتهم أصبحت "باهتة" أو "أقل حيوية". فبينما يجد البعض في هذه الأدوية نوعاً من الهدوء النفسي، يشعر آخرون بأن شيئاً من حيويتهم أو اندفاعهم قد تراجع، وكأن الحماس العاطفي الذي كان يميزهم أصبح أقل وضوحاً.
هذه التأثيرات، رغم كونها غير شائعة، تستحق الملاحظة والمتابعة، خاصة لمن يشعر بتغيرات غير مألوفة في ردود أفعاله أو اهتماماته. وفي معظم الحالات، يُمكن تعديل الجرعة أو تقييم البدائل مع الطبيب المختص لضمان تحقيق الفائدة دون التأثير على جودة الحياة النفسية والعاطفية.
ويُعد فقدان الشعور بالمتعة أو اللذة، أو ما يُعرف طبياً بـ"انهدونيا"، من أبرز التغيرات التي لاحظها بعض مستخدمي أدوية GLP-1 مثل أوزيمبيك، بحسب الدكتور مايكل روسو، جرّاح السمنة المعتمد في مركز ميموريال كير لجراحة إنقاص الوزن بكاليفورنيا.
ويقول روسو إن هذا الأثر، رغم انتشاره في روايات المستخدمين، يبقى نادر الحدوث للغاية من وجهة نظر طبية، موضحاً أنه في ممارسته الشخصية، لم تتجاوز هذه الحالات نسبة واحد بالمئة. ويؤكد أن الظاهرة "نادرة جداً جداً".
ولا تزال الأبحاث العلمية حول التأثيرات النفسية لهذه الفئة من الأدوية محدودة، إلا أن الأطباء مثل الدكتور روسو والدكتورة ريخا كومار يرجحون أن هذه التغيرات محتملة، نظراً للطريقة التي تؤثر بها هذه الأدوية على مركز المتعة والمكافأة في الدماغ. فكما أن GLP-1 يقلل من الشعور بالنشوة عند تناول الطعام، فإنه قد يؤثر أيضاً على المشاعر المرتبطة بأنشطة وهوايات أخرى اعتاد الشخص الاستمتاع بها.
وتوضح الدكتورة كومار أن هذا التغير المزاجي قد يكون ناتجاً عن "كبح مفرط لمسارات المتعة في الدماغ". وعلى الرغم من أن كبح هذه المسارات يساعد في إعادة التوازن إلى أدمغة تعاني من اختلال في تنظيم المشاعر، فإن الاستجابة تختلف من شخص لآخر.
فبينما قد يستفيد البعض من هذا التأثير في تحقيق هدوء نفسي واستقرار، قد يشعر آخرون بأنهم أصبحوا أقل انخراطاً في الحياة اليومية أو أقل حماساً تجاه الأمور التي كانت تجلب لهم البهجة.
ومن المهم أن تبلغ طبيبك فورًا إذا لاحظت أي تغيرات في المزاج أو الشخصية بعد بدء استخدام أدوية أوزيمبيك أو غيرها من فئة GLP-1. فبينما تُعد هذه التغيرات نادرة، إلا أن الأطباء يؤكدون على ضرورة عدم تجاهلها، لأن هناك غالبًا ما يمكن فعله، مثل خفض الجرعة أو التحول إلى دواء آخر من نفس الفئة.
ويوضح الدكتور روسو أن من بين الخيارات الممكنة في حال ظهور أعراض مثل انعدام المتعة "أنهدونيا" عند استخدام سيماجلوتايد، التحول إلى دواء آخر مثل تيرزيباتايد، الذي يُعتقد أن له تأثيراً أقل على المزاج.
ويؤكد روسو أن الغاية من وصف هذه الأدوية هي تحسين جودة حياة المرضى، وليس العكس، ويقول: "في نهاية المطاف، نحن نصف هذه الأدوية من أجل تحسين حياة الناس، وإذا لم تكن تفعل ذلك، فلابد أن نبحث عن بديل."
اقرأ أيضا:
كيف يمكن لأدوية أوزمبيك وأخواتها أن تساهم في الوقاية من السرطان؟
0 تعليق