إصداراتٌ تتنوع بين السرد والتأريخ في مسيرة الكاتب العُماني سالم البحري

صحيفة عمان 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

مسقط "العُمانية": تتشكل تجربة الكتابة لدى الدكتور سالم بن سعيد البحري في 5 إصدارات متنوعة، فالراصد لها يجد تأكيد البدايات ضمن بحوث تأريخية في الإرث العلمي العُماني، بدءًا من الرحلة مع الإمام الجلندى بن مسعود وآخر يمخر في عوالم الإمام الوارث بن كعب، مرورا بتقصي سيرة الإمام الصلت بن مالك، جميعها وضعت اللبنات الأولى لسيرة تجربة كتابة "البحري"، ويعزز ذلك التعرف على العديد من أعلام الثقافة والفكر في سلطنة عُمان، ومن بينهم الراحل الشيخ أحمد بن سليمان الكندي، والشيخ أحمد بن سعود السيابي، اللذان كان لهما دور في صقل مساره الأدبي وفق تعبيره ومنحه الثقة للغوص في أعماق التراث والمعرفة.

آخر إصدارات الكاتب الدكتور سالم البحري "رواية أحلام في حدائق الموت" الصادرة عن دار حدائق الفكر في سلطنة عُمان، تقع في 223 صفحة، وتسافر ضمن سياقات متعددة بدءا من قرية "الياسمين" مسقط وبطلها "سليمان"، مرورا بالقاهرة التي درس فيها بالإضافة إلى مدن المغرب الأقصى التي زارها احتفالا بزواجه. وفي هذه الرواية يشهد المكان توهّجا مغايرًا، فثمة تصوير لمشاهد أقرب إلى الواقع لا تخلو من الدهشة وحبكة القصة التي قامت من أجلها تفاصيل الرواية.

وفي حديث خاص مع وكالة الأنباء العُمانية يقول البحري: أبرز محطاتي إصدار أول كتاب لي، وكان عن الأفلاج وأهميتها في سلطنة عُمان، وأحسبه شهادة انتماء للأرض بل شكّل منعطفًا مهمًّا في مسيرتي، إذ أعددت منه برنامجًا إذاعيًّا بصوت الإعلامي المكرم محمد بن علي المرجبي. فالكتاب يمثل وثيقة معرفية تراثية توثق نظامًا مائيًّا له أبعاد حضارية واجتماعية ودينية، ويقدّم سردية مقاومة للاندثار، ويؤكد على أصالة الهوية العُمانية المرتبطة بالأرض والماء والعمل الجماعي. ويشير البحري إلى أنه من بين الإصدارات إصدار "الشباب والقيم" ويناقش هذا العمل التربوي التحول في القيم لدى الشباب، في ظل التغيرات الثقافية والاقتصادية وهو يربط بين الماضي والحاضر، بين القيم الموروثة والتحديات الراهنة، ويقدم دعوة لإعادة بناء الهوية من خلال ترسيخ القيم في النشء، بما يعكس التوجه الثقافي والاجتماعي الرامي للحفاظ على التوازن بين الأصالة والمعاصرة،

أما كتاب "العلاقات الحضارية العُمانية التونسية" فيعكس بعدًا حضاريًّا عابرًا للحدود، حيث يركز على تفاعل سلطنة عُمان مع محيطها العربي عبر التاريخ، ويسعى لبناء وعي مشترك بأهمية التلاقي الثقافي، ما يعزز حضور الهُوية العُمانية باعتبارها جزءا فاعلًا من الهُوية العربية الإسلامية الجامعة، ومن بين الإصدارات أيضا "حوار الكلمات بين الرواية والتاريخ" ومن يتأمل العلاقة بين الأدب والتاريخ يكتشف حتمًا أن بينهما نوعًا من التكامل غير المعلن، لذلك جاءت فكرة هذا الإصدار، فالكثير من الروايات الأدبية الخالدة، كالإلياذة مثلًا، استندت إلى أحداث حقيقية جرت في اليونان. والعلاقة، وإن كانت بين ما هو أدبي وما هو تاريخي، هي علاقة تتجه أحيانًا نحو التقارب، وأحيانًا نحو التسارع والجدال، وأحيانًا يخدم أحدهما الآخر بطريقة مختلفة. فالتاريخ فن الحقيقة، والرواية فن الخيال.

ويؤكد البحري على أن النتاجات الأدبية سالفة الذكر، على اختلاف مناهجها وتخصصاتها، تلتقي عند نقطة مركزية وهي صيانة الهوية الثقافية والاجتماعية في سياق محلي يتفاعل مع العولمة، دون أن يذوب فيها ومن هنا تأتي قيمتها المعرفية، لا بوصفها توثيقًا فقط، بل مثل مشروعات ثقافية تستنهض الذاكرة، وتؤسس للمستقبل.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق