الأغوار الجنوبية.. تدني أسعار البصل يضع المزارعين أمام خسائر جديدة

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

loading ad...

الكرك- ما إن انتهى موسم البندورة على وقع خسائر فادحة، حتى وجد مزارعو الأغوار الجنوبية أنفسهم في مواجهة خسائر جديدة نتيجة تدني أسعار بيع محصول البصل في موسم وصفوه بالأسوأ منذ سنوات، الأمر الذي دفعهم إلى التوقف عن حصاد المحصول وتركه في الأرض.اضافة اعلان
محاولات تعويض خسائر محصول البندورة، الذي يعد الموسم الرئيس في الأغوار الجنوبية، جميعها باءت بالفشل، إذ إن غالبية المزارعين أنهوا موسم البندورة وقاموا بزراعة عدد من المحاصيل الأخرى، خصوصا البصل، في محاولة لإنقاذ الموسم، إلا أن أسعار بيعه في الأسواق المركزية لم تتجاوز أربعة قروش للكيلو الواحد، في حين بيع الصنف الأقل جودة بمبلغ قرشين للكيلو.
وبدا سوء الموسم واضحا في تراكم كميات كبيرة من محصول البصل في المحال التجارية، وبيعه بأسعار متدنية وصلت في بعض المحال التجارية الكبرى إلى 8 قروش للكيلو، في حين يؤكد مزارعون أن كلفة الكيلو الواحد على المزارع تصل إلى 15 قرشا بعد تصفية كلفة مستلزمات الإنتاج من البذور والأسمدة والمياه والعاملين ورش المبيدات والحصاد والنقل.
وبين عدد من المزارعين أن الخسائر الفادحة التي تكبدوها قضت على آمالهم بإنقاذ الموسم الزراعي، لا سيما أن التراجع الكبير في أسعار البيع بدأ منذ بداية حصاد المحصول، لافتين إلى أن غالبية المزارعين كانوا يعولون على محصول البصل لتعويض خسائرهم الكبيرة في مختلف الزراعات الأخرى، وخصوصا البندورة.
ورغم الآمال الكبيرة التي علقت على زيادة فرص التصدير للأسواق الخارجية، خصوصا إلى سورية، إلا أن الحال بقي كما هو، وفقا للعديد من المزارعين، مشيرين إلى أن توالي الخسائر في كافة المحاصيل، سواء الرئيسة أو البديلة، أسهم في انتهاء موسم زراعي هو الأكثر خسارة في تاريخ الأغوار الجنوبية.
كلفة الحصاد الكبيرة
وبسبب تردي الأسعار لمستويات كبيرة، لم يقدم العديد من المزارعين على حصاد المحصول من أرضه بسبب كلفة الحصاد الكبيرة، ناهيك عن نقله إلى الأسواق المركزية للخضار. وبذلك يلحق موسم البصل بموسم البندورة، الذي شكل أكبر خسارة يتعرض لها المزارعون في الأغوار الجنوبية منذ فترة طويلة، مؤكدين أنهم اضطروا لترك مساحات كبيرة من الأراضي المزروعة بالبصل دون حصاد، وإبقائها علفا للمواشي، لعدم قدرتهم على حصادها وبيعها بسعر أقل من كلفة الإنتاج.
وقال نائب رئيس اتحاد المزارعين بمحافظة الكرك، المزارع المهندس سعد الحجران، إن المزارعين تعرضوا الموسم الحالي إلى خسائر مالية كبيرة، وهي سلسلة من سنوات التراكم للخسائر، لافتا إلى أن تراجع أسعار البصل، رغم زراعة مساحات أقل من السنوات الماضية، يعود إلى توقف التصدير إلى الدول المجاورة، خصوصا سورية والعراق ودول الخليج، إضافة إلى غياب الإجراءات الرسمية المساندة للمزارعين.
وقال إن المزارعين كانوا قد تكبدوا خسائر مالية كبيرة بسبب تراجع أسعار البندورة بشكل كبير بداية الموسم، حيث وصل سعر الصندوق بوزن 9 كيلو إلى أقل من 30 قرشا، وهو مبلغ لا يغطي كلفة الإنتاج فقط، خلافا لسعر النقل والصندوق والدلالة وغيرها من الكلف الأخرى على المزارع.
وأشار الحجران إلى أن أسعار البصل حاليا، وهو المحصول الذي كان يمكن أن يساهم في تعديل الموسم بالنسبة للمزارعين، وصلت إلى حوالي 3 قروش وأقل أحيانا، وهو سعر متدن كثيرا، خصوصا مع كلفة تصل إلى حوالي 12 ألف دينار للوحدة الزراعية التي تزرع بالبصل ومساحتها حوالي 30 دونما، مؤكدا أن غالبية المزارعين أبقوا المحصول أرضه بدون حصاد لتقليل الكلفة عليهم ووقف الخسائر المالية.
ويقدر المهندس الحجران مساحة الأراضي الزراعية التي تزرع بالبصل والثوم معا بحوالي 130 وحدة، أي ما يعادل 3900 دونم، وهي مساحة جيدة كان يمكن أن تسهم، في حال وجود أسعار جيدة، بإنعاش المزارعين.
"زراعة البصل والبندورة لا تجدي نفعا"
وبحسب المزارع محمد النواصرة، فإن المزارعين في الأغوار الجنوبية يتعرضون لخسائر مالية كبيرة كل موسم زراعي بسبب تراجع أسعار أهم المحاصيل، وهما البندورة والبصل، اللذان يعدان من المواد الأساسية للمزارعين كل عام ويتطلعون إلى الاستفادة منها، مشيرا إلى أن الخسائر الكبيرة ناتجة عن الكلفة العالية لزراعة محصول البصل، والتي تصل كلفة زراعة الوحدة الزراعية منه إلى حوالي 15 ألف دينار، ولم تصل إنتاجية الوحدة في بداية الموسم للبصل إلى حوالي 5 آلاف دينار فقط.
وبين أن غالبية المزارعين الذين قاموا بإزالة مساحات واسعة من محصول البندورة قبل انتهاء الموسم الزراعي، قاموا الآن بإزالة محصول البصل، ليتمكنوا من البدء بزراعة محصول آخر على أمل تحسين الموسم وتخفيف الخسائر من زراعة البصل والبندورة التي لم تعد تجدي نفعا على الإطلاق.
وأشار النواصرة، إلى أن كميات كبيرة من المحصول تتلف لعدم وجود تسويق لها، وعدم قدرة المزارع على تخزينها بشكل مناسب في البرادات بسبب أسعار التبريد العالية لدى المخازن الكبرى، لافتا إلى قيام المزارعين بعرض كميات كبيرة على الشارع الرئيسي في الأغوار الجنوبية بسعر متدن للغاية، حيث يصل سعر كيس البصل زنة 15 كيلو إلى حوالي دينار.
ويؤكد الناشط في الأغوار الجنوبية، فتحي الهويمل، أن أعدادا كبيرة من المزارعين أوقفوا زراعة مساحات من أراضيهم الموسم الحالي، بسبب الخسائر الكبيرة التي تعرضوا لها في الموسم السابق، ولم يقوموا بتجهيز وإعداد الأراضي كما هو الحال كل فترة من هذا العام، لافتا إلى أن محصول البصل أسهم هو الآخر في خسارة جديدة للمزارعين بعد موسم البندورة، وبحيث قضى نهائيا على المزارعين في الأغوار الجنوبية.
وأضاف أن هناك تقديرات لخسائر مالية تصل إلى حوالي 10 ملايين دينار، نتيجة زراعات لم تجد تسويقا وبقيت أسعارها دون كلفة الإنتاج، ومن بينها البصل والبندورة وغيرهما من المحاصيل.
الزراعة أصبحت مغامرة
ولفت الهويمل إلى أن غالبية المزارعين أصبحوا يقومون بزراعة أراضيهم حاليا في حدود دنيا لتقليل الخسائر المتراكمة من كل موسم زراعي، وإبقاء بقية الأراضي بورا ودون زراعة على أمل تحسن الموسم المقبل، بحيث إن الزراعة أصبحت مغامرة تؤدي إلى خسائر كبيرة هم في غنى عنها.
وأشار إلى أن أكثر من 40 ألفا من أصل 50 ألف دونم تزرع سنويا بمحصولي البصل والبندورة في الأغوار الجنوبية، وفي كل عام تتعرض المنطقة والمزارعون لخسائر كبيرة بسبب غياب التنسيق الزراعي لمنتجات الأغوار الجنوبية، والتي تسهم في عمليات التصدير الوطنية للمنتجات الزراعية سنويا.
وبين الهويمل أن المزارعين يتخوفون مع كل موسم زراعي من التعرض للخسائر مجددا، مؤكدا أن أكثر من 80 بالمائة من السكان القاطنين في الأغوار الجنوبية يعتمدون على الزراعة ويعتبرونها مصدرا رئيسا من مصادر دخلهم.
وكان عشرات المزارعين في الأغوار الجنوبية قد عقدوا اجتماعا عاما قبل شهر، بحضور عدد من النواب ورئيس اتحاد مزارعي محافظة الكرك ورؤساء جمعيات مستخدمي المياه في الأغوار الجنوبية، لبحث الظروف الصعبة التي يعاني منها قطاع الزراعة في الأغوار الجنوبية.
وناشد المشاركون في الاجتماع المعنيين بالتدخل السريع لإنقاذ المزارعين والقطاع الزراعي من الانهيار والدمار، مؤكدين أن القطاع الزراعي يعاني معاناة كبيرة، والخاسر الأكبر هو المزارع، وأن جميع الأطراف مستفيدة باستثناء المزارع، في الوقت ذاته، مشيرين إلى أن عددا كبيرا من المزارعين عليهم ديون مستحقة لمؤسسة الإقراض الزراعي والبنوك التمويلية، ناهيك عن وجود بعضهم في السجون، والبعض الآخر مطلوب للقضاء.
وطالبوا الجهات المختلفة بالمساهمة في إيجاد حلول للنهوض بالقطاع الزراعي دون استنزاف جيوب المزارعين، مطالبين بإعادة النظر في القرارات الأخيرة المتعلقة بالضمان الاجتماعي وتصاريح العمل والاستقدام.
وأكد رئيس اتحاد مزارعي محافظة الكرك، عصمت المجالي، على الدور الذي قام به المزارعون والقطاع الزراعي، وبالأخص في مجال الأمن الغذائي خلال فترة جائحة كورونا، مؤكدا أن المزارع كان صمام أمان يعمل بجانب القوات المسلحة والكوادر التمريضية والطبية من أجل خدمة الوطن والمواطن.
وأشار المجالي إلى الخسائر التي يعاني منها المزارعون والديون المتراكمة عليهم منذ سنوات طويلة في ظل غياب إستراتيجية للنهوض بالقطاع الزراعي، لافتا إلى أن الحكومة تولي قطاع الاستثمار والخصخصة والقطاع السياحي جل اهتمامها، في حين أن القطاع الزراعي منسي من أجندتها، حيث لا يوجد اهتمام حكومي في القطاع الزراعي، بالإضافة إلى عدم الاهتمام بمطالب المزارعين من قبل الوزارات ذات العلاقة.  
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق