في سنة 2006 بدأ اسم جوليان أسانج بالظهور للعالم، بعد أن أسس موقع ويكليكس وبدأ بنشر وثائق عن العراق وأفغانستان، وأصبح رمزاً لحرية الصحافة، وبدأ بعدها بتسريب وثائق سرية، فبدا كأنه صاحب الكرة البلورية التي يشاهد من خلالها كل خفي ومستور، حتى اعتقل في 2010 بتهمة الاغتصاب والتحرش الجنسي، وقتها هتف له حقوقيون وصحافيون، وتصدرت صوره نشرات الأخبار والصحف، وأصبح بطلاً، لكن سرعان ما أصبح بعد ذلك خائناً، ومجرما يهدد الأمن القومي، وبعد ذلك أفل نجمه.أسانج ليس هو الموضوع، سواء كان بطلاً أم مجرماً أم مجرد إنسان عادي، فهو مجرد شخص له قصة، وكل منا ومن سبقنا من البشر له قصة، إنما الموضوع يتعلق بكتابة سيناريو القصة والمخرج الذي وجه الكاميرا إلى الزاوية التي اختارها، فإذا اختار المشهد من زاوية معينة ظهر صاحب القصة بطلاً مغواراً، وإن وجهها من زاوية أخرى أظهره مجرماً خطيراً، وربما قرر أن يأخذ المشهد من الأعلى عندها سيظهر صاحب القصة إنساناً عادياً بين البشر، لهذا في الغالب نجد أن تصنيف البطل والمجرم أمر لا يتعلق بالفعل قدر تعلقه بطريقة بث الخبر وتعليق المذيع وتوقيت البث، فالإخراج النهائي يتم في استوديو، وليس على أرض الواقع، فكم من شخص عاش بعيداً مطارداً بعد تصنيفه مجرماً على أفعال، ليعود بعدها إلى المجتمع نفسه ويستقبل استقبال الأبطال على الأفعال ذاتها، والعكس صحيح، كل ما يحتاج إليه المستفيد هو إعادة تصميم الأشخاص، ومن يملك ذلك هو من يملك السلطة والقوة، فبهما يتم إعادة إنتاج ذاكرة المجتمع كله من خلال إعادة إنتاج سيرة الشخص المقصود، لهذا جانب الحق والباطل شبه معطل في الحياة، والفاعل هو جانب الترجمة، كيف تترجم المواقف والنوايا؟ ترجمة المواقف هي التي تجعل الناس يصفقون لشخص على فعل معين ويحملونه فوق الأكتاف ويهتفون بحياته، وهي ذاته تجعلهم يسخطون عليه على الفعل ذاته ويطالبون بإعدامه.المجتمعات في الغالب لا تتعب نفسها في صناعة صورة عن أي شخص إنما تميل إلى استيرادها جاهزة من الاستوديو، وعلى أساس شكلها يحكمون على الشخص، فيحبون ويكرهون، يساندون ويعادون، والمستفيد من كل ذلك صانع الصورة الذي أخرجها بطريقة تخدمه، وهذا الأمر لا يتعلق بالمعاصرين فقط إنما يطال كل البشر بما فيهم الشخصيات التاريخية التي مر عليها مئات وآلاف السنين، لذا عزيزي إذا كنت في موقف لا تحسد عليه انتظر ليعاد تصميمك هذا إن تغير توجه صاحب الاستوديو، وأنت عزيزي الآخر، لا تفرح بوضعك الحالي، فقد ينقلب في لحظة وتجد نفسك في كابوس، لأن هناك من أعاد تصميمك.
انتظر ليعاد تصميمك

انتظر ليعاد تصميمك
0 تعليق