في بيئة العمل الخدمي، لا يُمكن أن يُؤدى العمل في معزل عن الصوت الذي يُعبّر عنه، ويُجسّد أثره، ويـــــربطه بالمجتمع. الإعلام ليس صــــدى خافتًا لجهدٍ صــــامت، بل هــو لبنةٌ أساسية في بناء الــــثقة بين المؤسسة ومتلقي خدماتها.
هو صوت المؤسسة، صورتها، والرسول بين ما يُقدَّم وبين من يُنتظر أن يُقدِّر. هو الجهد الموازي الذي لا يُرى بالعين المجردة، لكنه يُصنع بالكلمة والصورة والتوثيق، ويُجنى صداه في مدى الوعي المجتمعي والرضا العام.
ومع هذا، لا يمكن لهذا الصوت أن يكون مؤثرًا ما لم يكن موظفو المؤسسة أنفسهم جزءًا منه. كل موظف يسهم حين يُرسل معلومة، أو يُيسر توثيق إنجاز، أو يُعبّر عن عمله بوضوح. الإعلام لا يقوم على فرد، بل على بيئة داخلـــية تـــعي أن التفاعل مع الإعلام واجب وظيفي لا ترف تطوعي. وكلما اتسع هذا التفاعل، أصبحت الرسائل الإعلامية أكثر صدقًا، وأقرب للواقع، وأكثر تأثيرًا في الخارج.
ولا يقل عن هذا أهمية التفاعل من الجمهور الخارجي، الذي ينعكس وعيه بالمعلومة وتفاعله مع الرسائل الإعلامية في صورة وطنية مشرّفة للمؤسسة، وللدولة كلها. رضا المستفيد عن الخدمة، وتقديره لما يُبذل من جهود، لا ينعكس فقط على انطباع فرد، بل يُسهم في صدى الدولة أمام العالم، وفي تشكيل صورة ذهنية عن مدى تقدّمها وحرصها على الإنسان على أرضها.
ولأن الحكومة تُدرك أن الخدمات لا تُقدَّر ما لم تُعرَف، فهي ترصد مخصصات مالية للعمل الإعلامي والتوعوي في القطاعات الخدمية، إيمانًا منها بأن إبراز الجهد لا يقل أهمية عن تقديمه. وهذا الدعم يستدعي بالمقابل وعيًا داخليًا وخارجيًا بأن التفاعل مع الإعلام ليس خيارًا، بل صورة من صور الانتماء المؤسسي للموظفين، والانتماء الوطني للمجتمع.
المؤسسات التي تعي هذا الدور، والتي تمنح صوتها مساحة للظهور، هي التي تبنى سمعتها على وعي جماعي، ومشاركة فاعلة، وثقة تُزرع ثم تُحصد.
موظف قسم الإعلام في هذا السياق لا يعمل ليُشار إليه، بل ليُشار إلى المؤسسة التي ينتمي إليها. يكتب، يوثق، يُخرج، ويُضيء، ليظهر جهد الجميع بصورة تليق بقدرهم. لا يسعى للضوء، لكنه يمنحه. لا يطلب التصفيق، بل يكتفي برؤية الأثر.
وكما في مملكة النحل، لا أحد يسعى للظهور على حساب الآخر، بل يتقاسم الجميع أدوارهم في نظام دقيق، يعمل فيه كل فرد لأجل المصلحة العامة.
وفي النهاية، الإعلام لا يُخلق من فراغ، بل من بيئة تحتضنه، وتؤمن بدوره، وتُقدّره كصوت للمؤسسة... لا ظلًا لها.
0 تعليق