ادعوا الله فـي كـل وقـت وحـين.. فأبواب الخالـق لا تغلق

صحيفة عمان 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

«التوكل في أعمق معانيه هو أن يكون لديك إيمان كامل وراسخ في القلب بأن الله سيهتم بك حتى عندما تبدو الأمور مستحيلة» ما أجملها من عبارة مثرية للروح، محفزة للعطاء، مفرحة للقلب، مشجعة على تقبل الواقع الذي نعيشه، وبأننا نعيش في حفظ الله ورعايته، وأمرنا بأن نعمل على تصحيح مسارات الطرقات التي نسلكها في أيامنا المعدودة في الحياة الدنيا، وأوجب علينا تلافي الهفوات والبعد عن الزلات وما يشوبها من معاصٍ وآثام تغرق في لجّها القلوب الضعيفة.

أيها الإنسان، مهما عظمت الخطايا والذنوب فإن أبواب السماء لا تُغلق، والعبد طالما يعيش على الأرض مطالب بأن يرجع إلى الخالق سبحانه وتعالى في أي وقت وحين، لا ينتظر تقلبات الظروف أو انتهاء العمر، بل عليه أن يسارع قدر ما استطاع للتوبة والمغفرة من دنس الذنوب، فيلجأ إليه سبحانه في كل وقت وحين، ويتوكل عليه في جميع أمور حياته، ليس فقط عندما يشتد به البلاء وتعظم في سجلاته الذنوب ويحاصره الندم على الخطايا، بل يجعل لنفسه رقيبًا على تصرفاته وأعماله، فالإنسان طبيب نفسه، فهو الذي يعلم ما يوجع جسده وقلبه، وفي كل وقت وحين عليه أيضًا أن يضع نصب عينيه مراعاة الواجبات التي أمره الله بها، ولا يكتفي بحقوقه الإنسانية ونزعاته الشيطانية لكي تدله على السير في دروب الحياة.

من الأشياء الواجب تذكرها، أن بعض الأحيان تمر على الإنسان أقدار صعبة، مؤلمة، وقد تكون طويلة الأمد، وربما تتفجر عيونه من البكاء لشدة ما يعانيه من الألم الجسدي والنفسي، يشعره باختناق في الأنفاس، لكن ليس أمامه سوى طريق الرضا بما قُدّر لك، واليقين بأن الله تعالى يختبر إيمانه، وعلى قدر صبره يعوّضه خيرًا، قد لا تبدو أمامنا أحيانًا سبل الفرج واضحة الملامح، ونُصاب بنوع من اليأس والقنوط، فيدفعنا الله بما أنزل في قرآنه العظيم بعيدًا عن هذه الحالة الانهزامية حيث يقول سبحانه: «قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ»، لن نذهب إلى المعنى الذي نزلت فيه السورة، ولكن ما يعنينا هنا هو أمر الله تعالى بعدم القنوط من رحمته.. ولنعلم جميعًا بأن الله إذا أراد شيئًا هيأ له أسبابه بشكل لا يخطر على البال.

حتى أن أبواب التوبة تظل مفتوحة أمام الإنسان ما لم يُغرغر، الدعاء والمناجاة لله سبحانه أمور يجب أن ندرك قيمتها ومعانيها العظيمة.

يقول علي بن أبي طالب -كرّم الله وجهه-: «كنت أطلب الشيء من الله، فإن أعطاني إياه كنت أفرح مرة واحدة، وإن لم يعطني إياه كنت أفرح عشرات المرات، لأن الأولى هي اختياري، بينما الثانية هي اختيار الله عز وجل، فكل ما يأتي من الله جميل».

فقد ورد في الحديث عن أبي يحيى صهيب بن سنان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له» رواه مسلم.

أصبح من الضروريات على الإنسان تجاه ما يلاقيه من مشقة وتعب هو الاستعانة بالله تعالى وتذكر ما قيل منذ زمن: «لا تكره شيئًا اختاره الله لك!»

فعلى البلاءِ تؤجر، وعلى المرض تؤجر، وعلى الفقدِ تؤجر، وعلى الصبرِ تؤجر، فرب الخير لا يأتي إلا بخير! قرأت ذات مرة منشورًا جميلًا يقول: «ربما خيرًا لم تنله كان شرًا لو أتاك».

دائمًا وأبدًا.. الخِيَرة فيما اختاره الله لك، ثق بالله.. يقول الشاعر:

اليأس يقطع أحيانًا بصاحبه

لا تجزع فإن الصانع الله

الله يُحدث بعد العسر ميسرة

لا تيأس فإن الفارج الله

والله مالك غير الله من أحد

فحسب الله، في كلٍّ لك الله

ما أعظمك يا الله، تمنح وتمنع، وكل شيء لديك خير، فلما تضيق الدوائر على الإنسان ويصل به الحزن إلى دركات الألم، يأتي من الله الفرج، فالإمام الشافعي -رحمه الله- يقول: «ضاقت فلما استحكمت حلقاتها، فُرِجَت، وكنت أظنها لا تُفرج»، إذًا من علامات الفتح شدة الضيق، وإنك تحس أن الدنيا من حواليك كلها مُقفلة الأبواب والطرقات. ولكن اطمئن، فإن مع العسر يُسرًا، ادعُ الله في كل أوقاتك فإن أبواب الخالق سبحانه لا تغلق.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق