أعلنت وزارة العمل عن اعتماد حزمة من الضوابط والحوافز المتكاملة لتطبيق قرار تعيين مواطن عُماني واحد على الأقل في المؤسسات والشركات التي أكملت عامًا من تاريخ تأسيسها استنادًا إلى ما أظهرته البيانات من تفاوت كبير في نسب التعمين بين المؤسسات، حيث إن عددًا محدودًا من الشركات يوظف النسبة الأكبر من المواطنين، في حين أن آلاف المؤسسات الأخرى لا توظف أي عُماني رغم استفادتها من بيئة العمل في سلطنة عُمان وذلك على النحو الآتي:أولًا: قرابة 1000 منشأة كبيرة توظف ما يقارب 200 ألف عُماني و245 ألف وافد، بنسبة تعمين تصل إلى 44%، وبمتوسط يقارب 200 مواطن مقابل 245 وافدًا في كل شركة.ثانيًا: نحو 19 ألف منشأة تشغل حوالي 60 ألف عُماني مقابل 300 ألف وافد، بنسبة تعمين لا تتجاوز 17%، أي ما يعادل 3 مواطنين فقط مقابل كل 15 وافدًا في كل منشأة.ثالثًا: ما يزيد على 245 ألف منشأة لا تضم أي مواطن عُماني ضمن قواها العاملة، بينما توظّف ما يزيد على مليون و100 ألف وافد بنسبة تعمين صفر%.رابعًا: إن تفاوت نسب التعمين بين المؤسسات أظهر واقعًا يحتاج إلى إعادة توازن، ما يجعل القرار خطوة لتصحيح مسار سوق العمل، والحدّ من التجارة المستترة وتحقيق عدالة حقيقية في توزيع الفرص، وتعزيز التنافسية على أسس مستدامة ومنصفة.
وفي إطار الجهود الرامية إلى تمكين القوى العاملة الوطنية وتعزيز التوطين، أطلقت الوزارة حزمة تشغيلية تستجيب لاحتياجات السوق وتشمل برامج التدريب المقرون بالتشغيل والتدريب على رأس العمل ودعم الأجور واعتماد بدائل مرنة لاستيفاء نسب التعمين مثل احتساب أصحاب العمل الحر والعاملين بنظام العمل الجزئي ضمن النسب المحددة.
واعتمدت الوزارة آلية تنفيذ مرنة تراعي الواقع الاقتصادي للمؤسسات بمختلف أحجامها وتباين قدراتها واختلاف أنشطتها، حيث تلتزم المنشآت التي أكملت عامًا دون توظيف عُماني بتقديم خطة تشغيل خلال شهر من تاريخ الإشعار، على أن تنفذ المؤسسات التي تضم 10 عمال فأكثر التعيين خلال 3 أشهر، أما المؤسسات التي تضم أقل من 10 عمال فتحصل على مهلة 6 أشهر، كما قررت الوزارة إمهال المتفرّغ لإدارة مشروعه التجاري مدة سنة من تاريخه.
وحرصًا على ضمان عدالة التطبيق ومراعاة خصوصية بعض الأنشطة، قررت الوزارة تشكيل لجنة تُعنى بالنظر في التظلمات ودراسة الحالات الاستثنائية التي قد تتأثر بطبيعة القرار، وتتابع آثار تطبيقه ورفع الملحوظات والتوصيات التي ترصدها من خلال الواقع العملي.
رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان بمحافظة ظفار: المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تواجه صعوبات في تطبيق القرار، خاصة في المهن الفنية .
أبدى رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان بمحافظة ظفار وعدد من رؤساء اللجان بالغرفة عن دعمهم المبدئي لقرار تعمين الوظائف، وناشدوا في الوقت ذاته الجهات المختصة بمراجعة آلية تطبيق القرار بعناية وتدرج، بما يراعي الواقع الاقتصادي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وعبّر عدد من أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عن استيائهم من الآلية المفاجئة لتطبيق قرار إلزامهم بتوظيف عمانيين، واعتبروا أن القرار، رغم أهميته ، جاء بعيدًا عن واقع السوق وإمكانيات الشركات الصغيرة والمتوسطة.
وقالوا لـ " عمان " أن القرار، بصيغته الحالية، يمثل عبئًا إضافيًا يهدد استمرارية مشاريعهم ويعيق نموها، مشيرين إلى أن تجاهل مشورتهم قبل إصدار القرار يُعد خطأ جسيمًا في عصر يفترض أنه يستند إلى المشاركة الرقمية والشفافية.
أكد نايف بن حامد فاضل، رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان بمحافظة ظفار، على دعمه الكامل لقرار توطين وتعمين الوظائف في مختلف القطاعات، معتبرًا إياه خطوة ضرورية تسهم في خفض نسبة الباحثين عن عمل.
وأشار رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان بمحافظة ظفار إلى أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تواجه صعوبات في تطبيق هذا القرار، خاصة في المهن الفنية التي تتطلب خبرات ومهارات متخصصة، لا تتوفر حاليًا لدى نسبة كبيرة من الشباب العماني، وتعتمد بشكل كبير على العمالة الوافدة ذات التكلفة الأقل والمهارات الأعلى في بعض التخصصات.
وأوضح أن تحقيق أهداف التعمين لا يكون بقرارات آنية، بل يحتاج إلى تخطيط مرحلي ومدروس، مطالبًا ببدء التطبيق في الشركات الكبيرة التي تملك القدرة على استيعاب الأعداد الأكبر من الباحثين عن عمل، و مراعاة الإمكانات المحدودة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
ناشد رئيس غرفة ظفار الجهات المعنية بأن تكون أولوية التوظيف الوطني مرتبطة بقدرة كل فئة من فئات السوق، مع التفرقة بين الشركات الكبيرة والصغيرة، لضمان تطبيق عادل وفعّال للقرار يضمن تحقيق الأهداف دون الإضرار بالمؤسسات الناشئة أو الصغيرة.
قال سعيد حسن تبوك، رئيس اللجنة الاقتصادية بغرفة ظفار، إن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تُعد من أبرز الفئات التي تحتاج إلى دعم ومساندة خلال مراحلها الأولى، مشيرًا إلى أن هذه المؤسسات يقف خلفها شباب عماني طموح، اختار أن يخلق فرص عمل لنفسه بدلًا من انتظار التوظيف، مما يجعل دعمهم واجبًا وطنيًا لا خيارًا.
وأبدى سعيد تبوك تأييده لمبدأ التعمين وتوظيف العمانيين في القطاع الخاص، لكنه أشار إلى أن القرار يجب أن يكون مقرونًا بتوضيح موقف المؤسسات الصغيرة واحتياجاتها، حتى لا تتحول القرارات – مهما كانت نواياها طيبة – إلى عقبات قد تُربك السوق أو تُضعف نمو هذه المشاريع الناشئة.
وأوضح أن القرار يجب أن يُطبق بشكل متدرج ، بمعنى أن تبدأ المسؤولية من الشركات الكبرى القادرة ماليًا على التوظيف، ثم تأتي لاحقًا المؤسسات الصغيرة بعد أن تصبح قادرة على استيعاب الكفاءات العمانية ، ومشيرا إلى أن قرارات التوظيف يجب أن تكون مقرونة بدراسة الواقع الاقتصادي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة ، والتخفيف عنها من حيث القيود والاشتراطات.
حذر عبدالله أحمد الشيخ، رئيس لجنة التجارة بغرفة تجارة وصناعة عمان بمحافظة ظفار، من أن تطبيق قرار التعمين على جميع المؤسسات دون مراعاة لاختلاف قدراتها المالية ، قد يُشكل إرباكًا خطيرًا للسوق ويقود إلى نتائج عكسية، أبرزها إغلاق عدد كبير من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر.
أكد عبدالله الشيخ أن الجميع يتفق على أهمية التعمين، وأنه مطلب وطني يتماشى مع رؤية عمان 2040، لكن شدد على ضرورة عدم التسرع في التطبيق، لأن ذلك قد يولّد ردة فعل سلبية داخل السوق، خصوصًا في قطاع يعتمد على هامش ربحي محدود ولا يتحمل التكاليف التشغيلية المرتفعة.
واختتم عبدالله الشيخ حديثه بالتأكيد على أهمية اتباع منهجية استراتيجية في تطبيق القرار، تراعي الواقع الاقتصادي للمؤسسات وتقلل الأضرار وتزيد الفوائد، بما يضمن تحقيق الهدف النهائي المتمثل في سوق عمل وطني مشبع بالكفاءات العمانية في مختلف مفاصله.
وفي ساق متصل حذّر سعيد سالم قطن، رئيس لجنة الصناعة بغرفة تجارة وصناعة عمان، من أن تطبيق قرار التعمين بشكل شامل دون تمييز بين قدرات المؤسسات قد يُفضي إلى نتائج سلبية، أبرزها إغلاق العديد من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تكافح من أجل البقاء والاستمرارية في السوق..
دعا قطن إلى عقد جلسات حوار موسعة تضم الجهات الحكومية، والقطاع الخاص، وغرفة تجارة وصناعة عمان، باعتبارها الحاضن الرئيسي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة ، للوصول إلى حلول متوازنة تضمن تحقيق أهداف التعمين.
الشركات الكبرى أولى بالبداية
واقترح قطن أن يكون التطبيق الأولي للقرار محصورًا في الشركات الكبرى مثل البنوك، وشركات التأمين، والمؤسسات الاستثمارية المستقرة ماليًا، والتي ما زالت تعتمد على نسب مرتفعة من العمالة الوافدة، ويمكن إحلالها تدريجيًا بكوادر عمانية مؤهلة دون التأثير على توازن السوق.
واختتم قطن حديثه بالتأكيد على أن السوق العماني لا يحتمل قرارات ارتجالية، مشيرًا إلى أن أزمة كبيرة قد تلوح في الأفق إذا لم تتم دراسة القرار من جميع الزوايا، قائلًا: " نحن لا نعارض التعمين، بل ندعمه، ولكن نطالب فقط بأن يكون التطبيق واقعيًا ومنطقيًاحتى لا نخسر ما بنته المؤسسات الصغيرة بجهد سنوات"
من ناحيته قال علي محاد هبيس رئيس لجنة سوق العمل بغرفة ظفار أن آلية تطبيق القرار تفتقر إلى التدرج والمرونة . وأكد أن السوق ما زال يتعافى من أزمات سابقة مثل جائحة كرونا ، ولا يحتمل ضغوطًا إضافية قد تدفع بعض أصحاب المؤسسات الصغيرة إلى الإغلاق أو الانسحاب من السوق، مما يحولهم من عناصر فاعلة إلى باحثين عن عمل من جديد.
وأضاف:
"الضغط على المؤسسات الصغيرة دون مراعاة قدرتها المالية قد يؤدي إلى يضاعف أزمة الباحثين عن عمل ، حيث تُجبر الشركات على توظيف أشخاص دون دور فعلي، أو اللجوء للتحايل لتجاوز القانون، وهو سيناريو خطير يجب تفاديه."
من جانبه، قال ياسر علي المرهون إن السوق يعاني منذ بدء الحديث عن قرار التعمين من حالة ارتباك واضحة، خاصة لدى أصحاب المشاريع الصغيرة الذين يعانون أصلًا من تحديات تنافسية كبيرة أمام العمالة الوافدة
وأضاف : هل تم النظر في تقديم حوافز مالية أو إعفاءات ضريبية للمؤسسات التي توظف عمانيين؟ أم أن الأمر مجرد قرار رقمي دون أدوات دعم واقعية؟"
ودعا إلى تطبيق نسب التعمين بشكل تدريجي ومراعاة طبيعة السوق، مع توفير برامج تدريبية تتماشى مع احتياجاته الفعلية، لتجنب تكرار سيناريوهات سلبية قد تقود إلى تفكك هذا القطاع الحيوي.
قال رائد الأعمال عبدالرحمن الشماخي أن القرار يُعد عقبة لا داعمة في طريق أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة ، معتبرًا أن تجاهل آراء رواد الأعمال قبل اتخاذ قرار بهذا الحجم، كان سهوًا كبيرًا لا يليق بعام 2025 ولا بعصر التقنية والاتصال واستطرد بقوله :"ان من السهل جدًا قبل إصدار مثل هذا القرار، إرسال استبيان لأخذ رأي رواد الأعمال في السوق، لكن للأسف لم يُؤخذ برأينا، وكأننا لسنا جزءًا من هذه المنظومة"
وأضاف أن القرار لا يخدم رواد الأعمال، بل يُخرجهم تدريجيًا من السوق، لأنهم ببساطة لا يملكون القدرة على تحمّل التكاليف الإضافية المرتبطة بتوظيف العمالة الوطنية في ظل أعمال محدودة الحجم والدخل.
وأكد أنه تلقى إشعارًا رسميًا يُلزمه بتعيين عماني خلال شهر واحد فقط، معلقًا على ذلك بالقول : "بدل أن أتحمل هذا العبء، سأغلق المنشأة، وأقلص مشاريعي، وأكتفي بفرع واحد فقط... ليس لأنني لا أؤمن بالتعمين، بل لأن القرار لا يتناسب مع حجم عملي، وهو إجحاف بحقنا" ."
أنهى الشماخي حديثه بدعوة لإعادة النظر في القرار قبل أن يؤدي إلى موجة انسحابات جماعية من السوق، ويحبط آلاف الشباب الذين بدأوا مشاريعهم بشغف، لكنهم وجدوا أنفسهم فجأة أمام قرارات أكبر من طاقتهم.
في تقييم صريح ومباشر، عبّر رائد الأعمال محمد سعيد الغيثي عن رفضه للآلية التي جاء بها قرار إلزام المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بتوظيف عمانيين، مشيرًا إلى أن القرار لا يتناسب إطلاقًا مع طبيعة هذه الفئة من الشركات التي لا تزال في مرحلة التأسيس والبناء.
قال الغيثي: "من المسمى نعرف التحدي... شركات صغيرة ومتوسطة، أي أنها ما زالت لم تتجاوز مرحلة النشوء. قرار مثل هذا يشكل عبئًا كبيرًا عليها، لأن أرباحها محدودة، ومجالاتها ضيقة، وأعمالها متذبذبة بطبيعتها."
وأكد أن تطبيق القرار بهذه الصورة قد يؤدي لإغلاق عدد كبير من هذه المؤسسات، التي لن تستطيع تحمّل الزيادة في التكاليف التشغيلية الناتجة عن تعيين موظفين جدد بأجور أعلى.
وأضاف: "هذا القرار لا يدعم رواد الأعمال، بل قد يعيدهم إلى نقطة الصفر. بدل أن يكونوا من يقدمون فرص العمل، قد نجدهم يعودون باحثين عن وظيفة بسبب إغلاق أعمالهم."
ولفت إلى أن التطبيق القسري للقرار قد يؤدي لاحقًا إلى ارتفاع في أعداد الموظفين المسرحين، لأن المؤسسات ستقوم بتوظيف عمانيين مضطرة، ثم تبدأ بتقليصهم لاحقًا عند أول هزة في السوق.
من جهتها قالت خديجة العويسية أن قرار إلزامية توظيف مواطن عماني يشكل عبئا اضافيا إلى مصاريف وتكاليف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ذات رؤس الاموال البسيطة ، وقد لا تمر فترة بسيطه الا وتتكبد هذه الشركات ضربات موجعه من قرارات حكوميه لا تاخذ بالحسبان امكانيات هذه الشركات ومنها رفع الدعم عن الكهرباء والمياة ، وفرض رسوم صندوق الحمايه وغيرها من القرارات مما يهدد تتطور ونمو هذه الشركات
وتضيف العويسية أن بعض المهن في المؤسسات الصغيرة تحتاج إلى مهارات معينة لا تتوفر في العمانيين ، أضافة إلى أن القرار لم يراعي الوضع الاجتماعي للمواطنيين حيث أن بعض المهن تطلب تقليص الإجازات ليوم واحد والعمل بعدد ساعات طويلة .
0 تعليق