loading ad...
في قلب تل الزعتر بمخيم جباليا شمالي قطاع غزة، وسط الحصار وغبار حرب الإبادة الإسرائيلية، تتجمع آلاف العائلات الفلسطينية يوميا حول "تكية طعام خيرية" باتت الملاذ الأخير للبقاء على قيد الحياة، في وقت أصبحت فيه لقمة العيش ترفا نادرا.اضافة اعلان
وبات الحصول على الطعام معركة يومية شاقة في ظل شح الإمكانات وانعدام الأمن الغذائي، إذ لا يتجاوز ما يتناوله معظم سكان القطاع وجبة واحدة بسيطة يوميا بالكاد تسد الرمق.
**طوابير الجوع اليومية
وتحت أنظار يملؤها الجوع، يراقب الكبار والصغار القدور الكبيرة حيث يعد الحساء البسيط على يد متطوعين مرهقين بدعم من جمعية خيرية.
لكن بسبب تداعيات حرب الإبادة الإسرائيلية وتوافد آلاف المحتاجين، لا تكفي الكمية المتوفرة من الطعام لسد جوع المنتظرين، في مشهد يجسد عمق الكارثة الإنسانية في القطاع.
مراسل الأناضول رافق عملية الطهي والتوزيع، ورصد وجوها أنهكها الجوع والانتظار، في وقت أفرغت فيه الحرب الطاحنة البيوت من الطعام، وأغلقت الأسواق، وتركت مئات الآلاف يواجهون شبح المجاعة والموت البطيء.
ومنذ 2 مارس الماضي، أغلقت إسرائيل معابر القطاع أمام دخول المساعدات الغذائية والإغاثية والطبية والبضائع، ما تسبب بتدهور كبير في الأوضاع الإنسانية للفلسطينيين وفق ما أكدت تقارير حكومية وحقوقية ودولية.
والسبت، أعربت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بفلسطين فرانشيسكا ألبانيز عن حسرتها تجاه المعاناة التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة بسبب سياسات التجويع الإسرائيلية، قائلة "جوعكم عار علينا".
جاء ذلك في منشور لها عبر منصة "إكس" بالتزامن مع مرور 60 يوما على قرار إسرائيل غلق كافة معابر القطاع الفلسطيني ووقف دخول الإمدادات والمساعدات الغذائية، مستخدمة الغذاء كأحد أسلحة حرب الإبادة التي تشنها ضد غزة.
**وجبة واحدة يوميا
بين الحشود، لفتت الطفلة ماريا عواجة (10 سنوات) الأنظار، بعد انتظارها ثلاث ساعات للحصول على وجبة من الحساء.
وقالت للأناضول: "نأكل وجبة واحدة في اليوم، لا يوجد طحين ولا أكل بسبب إغلاق المعابر، أتمنى أن يدخل الطعام والغاز وأن تتوقف الحرب".
**بيوت فارغة
من جهته، أكد ياسر شاهين، أحد سكان المخيم، أن المجاعة باتت واقعا يوميا: "البيوت فارغة، وإن توفرت المواد الغذائية في الأسواق فأسعارها مرتفعة، ولا فرص عمل".
وأوضح أن كيلو الطحين يُباع بـ10 دولارات، الزيت بـ20، الملح بـ5، والسكر يصل إلى 30 دولارا، ما يجعل من الصعب على كثير من العائلات إطعام أطفالها.
وأضاف: "نأتي منذ السابعة صباحًا للحصول على قليل من الحساء أو المعكرونة"، مشيرا إلى أن عائلته تكتفي بوجبة واحدة يوميا، في ظل المجاعة.
وأوضح أن الطعام يطهى في التكية باستخدام القماش والنايلون بدلا من الغاز، نتيجة انعدامه بسبب الحصار المفروض على القطاع.
أما الطفل محمود الشيخ، قال: "جئت للحصول على وجبة طعام واحدة تكون فطورا وغداء وعشاء، لأنه لا يوجد طعام في بيتنا".
وأوضح أنه لا يعلم إن كان سيتمكن من الحصول على وجبة في ظل تزاحم الآلاف، معربا عن أمله بأن يحالفه الحظ.
**ويلات الحرب مستمرة
ولا يختلف حال السيدة أم ياسر التتر، التي جاءت للحصول على طعام تسد به جوع أفراد أسرتها البالغ عددهم 18 شخصا، بعد أن عانوا ويلات النزوح والحرب.
قالت بصوت متعب: "الناس تموت من الجوع، والدول تكتفي بالمشاهدة، نريد وقف إطلاق النار".
وأضافت أن أسرتها تأكل وجبة واحدة فقط يوميًا، وفي كثير من الأيام تعجز عن توفيرها.
فادي حمد، شاب آخر من سكان المنطقة، قال: "ننتظر ساعات طويلة للحصول على طعام من التكية الخيرية، فلا طعام في بيوتنا".
وأضاف: "المعابر مغلقة، ونتمنى أن يرفع الحصار وتنتهي الحرب".
ومطلع مارس/ آذار 2025 انتهت المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين "حماس" وإسرائيل بدأ سريانه في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، لكن إسرائيل تنصلت منه، واستأنفت الإبادة في 18 من ذات الشهر.
ويعتمد فلسطينيو غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة، بشكل كامل على تلك المساعدات بعدما حولتهم الإبادة الجماعية المتواصلة منذ 19 شهرا إلى فقراء، وفق ما أكدته بيانات البنك الدولي.
وتأتي هذه الأزمة الإنسانية في ظل نزوح أكثر من 90 بالمئة من فلسطينيي القطاع من منازلهم، بعضهم مر بهذه التجربة لأكثر من مرة، حيث يعيشون في ملاجئ مكتظة أو في العراء دون مأوى، ما زاد من تفشي الأمراض والأوبئة.
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة، خلّفت أكثر من 171 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل.-(الأناضول)
0 تعليق