لا يوجد أي جديد في الشرق

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

loading ad...


 ألوف بن   6/5/2025

منذ أدى دونالد ترامب يمين القسم للولاية الثانية، يقوم بإجراء تغييرات واسعة في الإدارة، المجتمع، الثقافة، الاقتصاد والعلوم في أميركا، ويتعهد بتدمير النظام القديم بالكامل وبناء أمة محافظة تجاه الداخل ومنغلقة على نفسها تجاه الخارج. ثورته تشمل كل شيء باستثناء مجال واحد، وهو العلاقات مع إسرائيل. بالذات هنا يعمل الرئيس حسب قالب قام أسلافه بصبه.اضافة اعلان
منذ اللحظة التي اعترف فيها هاري ترومان بإسرائيل، جرت "العلاقات الخاصة" بين الدولتين في مسار ثابت تماما. واشنطن أعفت إسرائيل من معايير التصرف، التي تفرضها على دول صديقة وعدوة على حد سواء: احترام الحدود، الامتثال للقانون الإنساني الدولي ووقف انتشار السلاح النووي. بالطبع، كانت هناك فروقات بين الرؤساء من حيث الموافقة على الاستثناءات الإسرائيلية. جون كنيدي أراد إغلاق المفاعل في ديمونة، جيمي كارتر وباراك أوباما حاولا وقف الاستيطان، رونالد ريغان شعر بالامتعاض من قصف بيروت، وجو بايدن أوقف عددا من إرساليات السلاح. في كل هذه النزاعات إسرائيل صممت وصدت الضغط، ومع مرور الوقت حققت ما أرادته.
حرية العمل التي حصلت عليها إسرائيل من الولايات المتحدة خلافا للمعايير الدولية، برعاية الفيتو الأميركي في مجلس الأمن، لم تمنحها تأثيرا منفلت العقال على السياسة الخارجية الأميركية. منذ إقامة الدولة وحتى الآن، الحكام في واشنطن ساروا في اتجاه رسم في القدس فقط في الموضوع الفلسطيني، الذي كان وما يزال الأكثر حسما لوجود وأمن ورفاه دولة إسرائيل.
هم اعترفوا بالنتائج الجغرافية والديموغرافية لحرب الاستقلال ولم يطلبوا إعادة اللاجئين، وبعد حرب الأيام الستة، تماشوا مع الاحتلال المتواصل للضفة الغربية وشرقي القدس، حتى لو دفعوا ضريبة كلامية على صيغة "المستوطنات هي عائق أمام السلام". خارج حدود أرض إسرائيل، ذكر الأميركيون، مرة تلو أخرى، الإسرائيليين بالدولة العظمى ودولة الرعاية. هم أخرجوا إسرائيل من شبه جزيرة سيناء بعد عملية "كديش"، ومرة أخرى باتفاق السلام مع مصر، وأوقفوا بيع السلاح الإسرائيلي للصين ومنعوا قصف المنشآت النووية الإيرانية.
عندما وصل ترامب الى الحكم حطم مسلمات في العلاقات مع إسرائيل. فقد نقل السفارة الأميركية الى القدس، واعترف بضم الجولان، وتوقف عن التأرجح بشأن المستوطنات، وفي الأسبوع الأخير في ولايته دمج إسرائيل في مجال الدفاع لـ"قيادة المنطقة الوسطى" (السنتكوم)، وهي عملية أسست بالفعل حلفا عسكريا بين إسرائيل والسعودية والدول العربية "المعتدلة" كخطوة مكملة لاتفاقات إبراهيم. جو بايدن لم يقم بإلغاء أي قرار من هذه القرارات، وسمح لإسرائيل بتدمير غزة بعد هجوم حماس، ودفع قدما بالضم في الضفة، حتى لو أنه فرض عقوبات رمزية على المستوطنين العنيفين.
عند عودة ترامب الى الحكم، فإن الآمال في القدس ارتفعت الى عنان السماء، وكأن بنيامين نتنياهو سيحصل من الآن فصاعدا على المفاتيح للسياسة الخارجية الأميركية. وبسرعة تبين أن الرئيس لا ينوي فعل ذلك. الخطة بقيت على حالها: إسرائيل ستعمل كما تريد أمام الفلسطينيين، وفي أي مكان آخر ستمتثل لتعليمات واشنطن. ومثلما وافق ترومان على النكبة الأولى، فإن ترامب يوافق على الاحتلال والتطهير العرقي في غزة. ولكنه يسعى الى صفقة مع إيران خلافا لموقف رئيس الحكومة، وقد أقال مستشار الأمن القومي الذي خطط مع نتنياهو لمهاجمة المنشآت النووية. ربما أن ترامب متسرع وعصبي ويتجاهل أكثر من سلفه القانون الدولي وحقوق الإنسان، لكنه لن يحول أميركا الى دولة رعاية إسرائيلية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق