دوناروما بين الإبداع والشكوك.. بطل "الأبطال" أم ثغرة باريس؟

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

loading ad...

قد يتحدد مصير آرسنال في دوري أبطال أوروبا، بناء على أي نسخة من جيانلويجي دوناروما سيواجهونها في فرنسا مساء اليوم.
هل سيتم إحباطه مجددا على يد حارس المرمى المتألق الذي رأيناه في ذهاب نصف النهائي الأسبوع الماضي، عندما ضمنت ذراعا الحارس الإيطالي العملاق الطويلتان خروج باريس سان جيرمان من ملعب الإمارات بانتصار 1-0؟اضافة اعلان
أم سنشهد عودة الحارس المهزوز، كثير الأخطاء، الذي بدا عاجزا عن التصدي لكرات عرضية سجل منها آرسنال هدفين في فوزه خلال دور المجموعات في تشرين الأول (أكتوبر)، حين قدم دوناروما (26 عاما) أداء غير مقنع، أسهم في إثارة الشكوك حول مستقبله مع النادي؟
آرسنال مطالب بالتسجيل في "حديقة الأمراء"، وإلا سيودع البطولة، وربما لا يساعده في ذلك تحسن مستوى دوناروما، الذي تطور بالتوازي مع أداء بقية لاعبي باريس سان جيرمان في هذه الحملة الأوروبية المثيرة.
ومع ذلك، فإن نقاط ضعفه المزعومة ما تزال تظهر بين الحين والآخر في الدوري الفرنسي، حيث ارتكب خطأ جديدا في الهزيمة أمام نيس الأسبوع الماضي، التي أنهت آمال الفريق في إنهاء الموسم من دون هزيمة، مع تبقي أربع مباريات فقط.
ومع ذلك، إن كنت من مشجعي إنجلترا أو حتى أحد الأندية الإنجليزية الأخرى، قد تتساءل: لماذا يشكك البعض في دوناروما؟ فهو بالفعل ألحق الأذى بليفربول وأستون فيلا هذا الموسم في أوروبا، وأثبت براعته في التصدي لركلات الترجيح عندما ساعد إيطاليا على الفوز على "الأسود الثلاثة" في نهائي "يورو 2020".
لطالما قدم دوناروما لحظات بطولية على مدار مسيرته، لكن جماهير باريس سان جيرمان لا تتذكره فقط بتصدياته الكبيرة، فمنذ انتقاله مجانا من ميلان في 2021، ارتكب أيضا العديد من الأخطاء المؤثرة.
وفي كل الأحوال، فإن متطلبات حارس المرمى الحديث تتجاوز مجرد التصدي للكرات، إذ ينظر إلى ضعف التمرير والتوزيع بالقدم كإحدى نقاط ضعفه الأخرى.
فهل يضعه ذلك في مرتبة أدنى عندما نتحدث عن أفضل حراس العالم؟ أم أنه دليل آخر على أن الحارس المثالي المتكامل لا وجود له؟
حارس مرمى إنجلترا السابق، بول روبنسون، تحدث حول ما يجعل دوناروما مميزا، كما تناول الصحفي الفرنسي جوليان لوران سبب تفكير باريس سان جيرمان في استبداله هذا الصيف.
بطول يبلغ 6 أقدام و5 إنشات (نحو متر و96 سم)، يعد دوناروما شخصية مهيبة على المستوى البدني.
وهذا ما يمنحه أفضلية واضحة عند مواجهة ركلات الجزاء -اسألوا جادون سانشو، وبوكايو ساكا، وداروين نونيز، وكيرتس جونز- لكن ما يثير إعجاب روبنسون أكثر هو كيفية تموضعه واستخدامه لجسده الضخم أثناء التصدي للتسديدات أو التعامل مع مهاجمين منطلقين خلال اللعب المفتوح.
يقول روبنسون لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): "إنه ضخم، لكن وعيه المكاني داخل منطقة الجزاء ممتاز. يعود ذلك إلى قدرته على تقدير المسافات عندما يقرأ الكرات البينية، ومعرفته الجيدة بموقع خط مرماه".
ويضيف: "الكثير من الحراس ينجذبون للتقدم عن مرماهم بهدف تضييق الزاوية، ظنا منهم أن التقدم يحسن فرص التصدي، وقد قمت بهذا الأمر بنفسي في بعض الأحيان، لتتفاجأ بأن الكرة مرت قبل أن تكون جاهزا".
وتابع: "ما يفعله دوناروما بذكاء، هو البقاء أقرب إلى خط مرماه، على بعد يقدر بحوالي مترين أو ثلاثة فقط. وبفضل حجمه، يعرف أنه قادر على تغطية أغلب مساحة المرمى من ذلك الموضع".
وواصل روبنسون بشكل أكثر تفصيلا: "التصدي الذي قام به بيده اليسرى لتسديدة تروسارد الأسبوع الماضي كان مثالا مثاليا على ذلك -على إدراكه الدقيق لمكانه مقارنة بخط المرمى. حينما اندفع تروسارد إلى داخل المنطقة، لو أن دوناروما كان متقدما ثلاثة أو أربعة أمتار إضافية -كما يفعل معظم الحراس- لمرت الكرة من جانبه. لكنه ثبت في مكانه، وتصدى لها من الزاوية الضيقة. كان تصديا رائعا، أتاح له جسده القيام به، لكنه أيضا ثمرة تقنيته الممتازة ووعيه المكاني، وهما من طراز رفيع".
رغم تذبذب مستواه، إلا أن الوضع التعاقدي لدوناروما يعد السبب الرئيسي وراء الغموض الذي يكتنف مستقبله.
تبقى عام واحد في عقده الممتد لخمسة أعوام، والذي وقعه عند انضمامه إلى باريس سان جيرمان، وقد وردت تقارير تفيد بأنه دخل في محادثات لتمديد العقد.
وبحسب وكيله إنزو رايولا، فإن دوناروما يرغب في البقاء، إلا أن اسمه ارتبط أيضا بالعودة إلى الدوري الإيطالي هذا الصيف، وخصوصا إلى ميلان، كما تم ربطه بإنتر ميلان، في وقت يبدو أن باريس سان جيرمان بدأ يفكر في بدائل محتملة أيضا.
وقال الصحفي الفرنسي المتخصص في كرة القدم، جوليان لوران: "النادي يأخذ وقته لاتخاذ القرار المناسب بشأن ما يجب فعله. هم معجبون كثيرا بلوكاس شوفالييه، حارس ليل، ولويس كامبوس (المستشار الرياضي في باريس والمسؤول عن التعاقدات) يعرفه جيدا منذ أن كان في ليل".
ويعرف شوفالييه، البالغ من العمر 23 عاما، بتمريراته الدقيقة إلى جانب قدراته في التصدي، وينظر إليه على أنه مستقبل حراسة المرمى في فرنسا. وقد استدعي، مؤخرا، إلى تشكيلة المنتخب الأول للمرة الأولى في نهاية العام 2024، رغم أنه لم يخض أي مباراة دولية حتى الآن مع "الديوك".
يضيف لوران: "باريس سان جيرمان لم يحسم أمره بعد. فهل يمكنهم فعليا التعاقد مع حارس أفضل من دوناروما؟ وإذا كانت الإجابة نعم، فهل شوفالييه هو هذا الحارس؟".
وأردف: "أي مبلغ سيجنى من بيع دوناروما -ربما يتراوح بين 25 و30 مليون جنيه إسترليني- سيكون ربحا صافيا للنادي، لكن التعاقد مع شوفالييه سيكلف على الأرجح نحو 50 مليون جنيه، فماذا يفعلون؟".
وزاد: "المشكلة مع دوناروما لا تكمن في أدائه على خط المرمى -فهو مميز هناك والجميع داخل النادي يعترف بذلك- لكن أعتقد أن المدرب لويس إنريكي يفضل وجود حارس جيد ويجيد اللعب بالقدم في الوقت ذاته. ومع ذلك، القرار ليس سهلا. بالطبع سيكون من المثالي أن تجد حارسا يمتلك كل شيء، لكني لا أعتقد أن شوفالييه يمتلك كل المقومات حتى الآن".
وتعد أخطاء دوناروما السبب في فقدان بعض جماهير باريس سان جيرمان صبرهم تجاهه، كما جعلته هدفا دائما للانتقادات في الإعلام الفرنسي، لاسيما بعد أداء معين يصعب نسيانه.
وحول ذلك، يقول لوران: "تعرض لانتقادات مؤخرا بسبب هدف هارفي إليوت ضد ليفربول، الذي كان سيئا، ثم ارتكب خطأ في مباراة نيس أيضا، حيث مرت الكرة تحت ذراعه وسُجل منها هدفهم الأول. ومنذ فترة طويلة، ينظر إليه على أنه ليس جيدا بما يكفي في التعامل مع الكرات العرضية أو الكرات الثابتة".
واستطرد: "لقد حاول تطوير مستواه في هذا الجانب، كما حاول تحسين اللعب بالقدم، لكنني لا أرى تحسنا كبيرا في أي من نقاط ضعفه. أعتقد أيضا أنه ما يزال يحمل معه لحظة الفشل الأكبر في مسيرته، عندما واجه ريال مدريد في دور الـ16 من دوري الأبطال العام 2022".
وشرح لوران: "كان باريس متقدما 1-0 في ملعب سانتياجو برنابيو، بعد فوزه أيضا في الذهاب 1-0، ومع تبقي 30 دقيقة فقط، اعترض كريم بنزيما طريق دوناروما، وخطف الكرة منه وسجل، ثم أضاف هدفين آخرين بسرعة، ليقصى باريس من البطولة. الكثير من الجماهير ما تزال تتذكر تلك اللحظة، ويشعرون دائما أن هناك خطأ جديدا قادما منه، ولكن في كل مرة يقدم فيها أداء جيدا، فإنه يكسب مزيدا من النقاط التي تدفع نحو تجديد عقده، أكثر من تلك التي تدعو للتخلي عنه".
رغم وجود منتقدين له، إلا أن الأرقام تصب في صالح دوناروما -حيث تظهر بيانات جديدة أنه يتفوق على أي حارس مرمى آخر في العالم. فقد وضعه مؤشر المرصد الدولي للدراسات الرياضية (CIES Football Observatory Index) في صدارة الترتيب، إذ يأخذ هذا المؤشر بعين الاعتبار مستوى المباريات التي يشارك فيها اللاعب، إلى جانب النتائج، ويقيس أيضا جودة الفرص التي واجهها الحارس على مستوى الدوري المحلي، عبر مقارنة عدد الأهداف المتوقعة من تلك الفرص مع عدد الأهداف الفعلية التي استقبلها.
ووفقا لهذا المؤشر، يتفوق دوناروما على يان سومر حارس إنتر ميلان، وتيبو كورتوا حارس ريال مدريد، ويحتل المركز الأول في قائمة خلت من اسمين لافتين: أليسون حارس ليفربول، وإيدرسون حارس مانشستر سيتي، حيث لم يظهر أي منهما ضمن المراكز العشرين الأولى.
أما بول روبنسون، فقد استخدم معايير مختلفة، من بينها تقييمه البصري، لوضع قائمة ثلاثية بديلة لأفضل الحراس في العالم -وضمت قائمته كلا من دوناروما وأليسون.
وقال روبنسون: "بالنسبة لي، أليسون هو الأفضل في العالم، لأنه لم ينسَ أساسيات حراسة المرمى، والتي تتمثل ببساطة في منع الكرة من دخول الشباك".
وأكد: "السيطرة على منطقة الجزاء، التواصل مع خط الدفاع، التصدي للتسديدات، والتعامل مع المواجهات الفردية؛ كلها عناصر جوهرية في عمل الحارس، ومع ذلك يستطيع أليسون التكيف مع الأسلوب الحديث في اللعب من الخلف، دون أن يأخذه إلى حد المبالغة كما يفعل إيدرسون".
واسترسل: "إيدرسون هو الأفضل في العالم باستخدام القدمين، لكن إن أردنا النظر إلى الحزمة المتكاملة، فهناك أليسون، ويان أوبلاك في أتلتيكو مدريد، ودوناروما -ويمكن وضع هؤلاء الثلاثة في التصنيف نفسها. ولكي تكون الأفضل حقا، لا يكفي أن تمتلك المهارات فقط، بل تحتاج أيضا إلى العقلية المناسبة، ودوناروما يمتلك تلك العقلية. لقد خاض عددا هائلا من المباريات منذ أول ظهور له مع ميلان في عمر السادسة عشرة، لذلك فهو أكثر خبرة بكثير من معظم حراس مرماه في نفس سنه، وهذا النضج يمنحه الراحة والثقة على أعلى المستويات، ويجعله قادرا على صنع الفارق، كما فعل ذلك مرارا وتكرارا بالفعل".
وأتم: "صحيح أن هناك حالة من الغموض بشأن وجهته في الموسم المقبل، لكنني أراهن أن باريس سان جيرمان سعيد بامتلاكه حارسا مثله في هذه اللحظة -وإذا ما تمكنوا من الفوز بلقب دوري الأبطال هذا الموسم، فإن لدوناروما دورا محوريا في ذلك الإنجاز".
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق