خطة توسيع القتال ستؤدي إلى كارثة أخرى في قطاع غزة

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

loading ad...

 عاموس هرئيل 6/5/2025

يجدر قول الأمور ببساطتها، نحن نسير نحو كارثة أخرى في قطاع غزة. إذا لم يقرر الرئيس الأميركي ترامب التدخل فيما يحدث هناك أثناء زيارته في دول الخليج في الأسبوع المقبل، فإن إسرائيل ستوسع العملية العسكرية في القطاع بعد انتهاء الزيارة. بالصورة التي تم تخطيط العملية لها، من المرجح الافتراض بأنها ستكون مقرونة باحتلال مناطق واسعة في القطاع، والاحتفاظ بمنطقة لفترة طويلة وفقدان حياة مخطوفين وجنود وتفاقم الكارثة الإنسانية في أوساط الفلسطينيين. في المقابل، مشكوك فيه إذا ما كان سيتم تحقيق هزيمة حقيقية لحماس.اضافة اعلان
الكابنيت تم عقده أول من أمس في جلسة طويلة، فيها تمت المصادقة على الخطة التي عرضها الجيش، وهي توسيع واضح للعملية. بشكل استثنائي، السياسيون متحمسون في هذه المرة الى إعطاء تفويض لرئيس الأركان ايال زمير. جهات سياسية، نقول من الآن، رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، أوضحا أن الخطة الجديدة ستحقق أخيرا هزيمة حماس وستستخدم عليها ضغطا كبيرا لتحرير جميع المخطوفين.
وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الرجل الذي ينجح في توجيه سياسة الحكومة، والذي رغم أنه حسب كل الاستطلاعات حزبه لا ينجح في تجاوز نسبة الحسم، قال صباح أول من أمس في مؤتمر لصحيفة "بشيفع": "إنه منذ اللحظة التي ستبدأ فيها العملية لا يوجد انسحاب من المناطق التي قمنا باحتلالها، حتى ليس مقابل مخطوفين. نحن نحتل غزة لنبقى. لا يوجد من الآن فصاعدا دخول وخروج". وقد أوضح أيضا أن جميع سكان القطاع سيتم إخلاؤهم جنوبا نحو محور موراغ، والقصد هو دفع مليوني شخص الى منطقة مساحتها أقل من ربع مساحة القطاع.
عندما التقى نتنياهو وكاتس مع زمير لتعيينه كرئيس للأركان، قال لهما إن الجيش الإسرائيلي بحاجة الى ثلاثة أشهر كي يعيد احتلال القطاع، وتسعة أشهر إضافية من أجل تمشيط المنطقة بنجاعة. نتنياهو يفضل اقتباس الجزء الأول فقط في الخطة. منذ عاد لارتداء الزي العسكري تعلم زمير أمورا عدة أخرى، ربما استيقظ قليلا. التسريبات التقليدية من جلسة الكابنت تناولت أول من أمس المواجهات بين رئيس الأركان والوزير ايتمار بن غفير والوزيرة اوريت ستروك. وقد نشر أن زمير لم يحب طلبهما زيادة المس بالمساعدات الإنسانية، التي قبل شهرين تم وقفها. زمير هاجمهما وقال "أنتما تعرضاننا جميعا للخطر"، وحتى أنه حذر من أن العودة الى عملية واسعة ستعرض حياة المخطوفين للخطر.
مهمة أيضا صورة علاقات القوة الموجودة وراء الكواليس. فلا شك أن أحزاب اليمين المتطرف تسعى الى إعادة احتلال القطاع وفرض حكم عسكري إسرائيلي واستئناف الاستيطان والترانسفير. نتنياهو يتماشى مع ذلك، حتى من أجل الحفاظ على الائتلاف. وقد تجاوز ذلك فقط في صفقتي تحرير المخطوفين، في تشرين الثاني (نوفمبر) 2023 وفي كانون الثاني (يناير) 2025 عندما تمت الصفقة الثانية بضغط كبير من ترامب. والحفاظ على القتال في جبهات كثيرة يساعد رئيس الحكومة على الاحتفاظ بالائتلاف على قيد الحياة. هذا أكثر أهمية بالنسبة له من حياة المخطوفين. الآن أضيف اعتبار آخر، وهو أنه قبل نهاية الشهر ستبدأ مرحلة التحقيق المضاد في محاكمته، الأمر الذي يثير عدم الرضا الكبير لديه. في هذه الأثناء، يبدو أن ترامب لا يسمح لنتنياهو بالمبادرة الى هجوم ضد المنشآت النووية في إيران، وتبادل اللكمات مع الحوثيين في اليمن لا يمكن أن يستمر لفترة طويلة. بقيت غزة، وبدرجة أقل الاحتكاك مع النظام السوري الجديد بذريعة حماية أبناء الطائفة الدرزية هناك.
موقف وزير الدفاع لا أهمية له. بخصوص رئيس الأركان والجنرالات، فإنه يتولد لديهم في الكابنت الانطباع بأنه يصلون لحدوث معجزة، لكن ليس من نوع المعجزات التي يرحب بها سموتريتش وستروك. معجزتهم يمكن أن تأتي من ترامب: تدخل خارجي يفرض على الطرفين صفقة تبادل، جزئية أو شاملة، ووقف حرب شاملة كثيرة الأضرار في القطاع، التي ليس لها تاريخ نهاية في المدى المنظور. ولكن هذا ليس الخط الذي يعلن عنه زمير، سواء بشكل علني أو في النقاشات المغلقة. رئيس الأركان الجديد هو شخص يحترم الهيكلية والانضباط. وحسب رأيه، فإنهم في الحكومة والكابنت سيقولون للجيش ما المتوقع منه، وأن دور الجيش هو طرح الخطط العملياتية ومعناها وفقا لذلك.
باستثناء المتعصبين في الصهيونية الدينية وقوة يهودية، فإن هناك شكا كبيرا فيما إذا كان أي أحد من الموجودين في الغرفة، أول من أمس، يوهم نفسه حقا فيما يتعلق بالنتائج المتوقعة من العملية الجديدة "مركبات جدعون"، التي أعلن عن اسمها بشكل احتفالي. لو أننا وصلناهم بجهاز كشف الكذب لاكتشفنا، كما يبدو، بأن معظم الضباط، وحتى معظم وزراء الليكود في الكابنت، لا يقدرون أن الخطة ستنتهي بهزيمة حماس. فكرة دفع السكان التي يسوقها سموتريتش بانفعال هي تمهيد للترانسفير "الطوعي" (عمليا طرد عنيف وقسري). هذه هي الخطة التي تسلى بها ترامب قبل ثلاثة أشهر في اللقاء الأول له مع نتنياهو. ومنذ ذلك الحين، الاثنان تقريبا لا يقومان بذكرها. يبدو أنه في هذه الأثناء هو لديه وجع رأس يقلقه، بدءا بحرب الجمارك مع الصين وحتى إعلانه أول من أمس عن نيته فرض ضريبة تبلغ 100 % على الأفلام التي ليست من إنتاج أميركي، "لإنقاذ هوليوود التي تحتضر"، حسب تعبيره.
حتى الآن جرى تجنيد للاحتياط بحجم صغير. لا يوجد أي معنى للادعاءات التي نشرت أول من أمس حول امتثال كامل، لأنه في هذه المرحلة تم استدعاء فقط وحدات قليلة، وفي معظمها تم، بصورة مستعجلة، استدعاء القادة فقط. الألوية التي يتم تجنيدها تهدف الى استبدال القوات النظامية على حدود لبنان وفي هضبة الجولان وفي الضفة الغربية من أجل توجيه هؤلاء الى القطاع. بقيت فترة زمنية أقل من أسبوعين الى حين انتهاء زيارة ترامب. وإذا لم يتم التوصل الى صفقة وتم تطبيق الخطة التي تمت المصادقة عليها في الكابنت، فستكون هناك حاجة الى تجنيد واسع لفرق عدة في الاحتياط.
عمليا، حكومة نتنياهو ناقشت أوهاما سيكون من الصعب جدا تحقيقها. خلال ذلك، العملية العسكرية يمكن أن تؤدي الى موت المزيد من المخطوفين (ليس صدفة أن معظم العائلات تظهر درجة كبيرة من الخوف)، وتجبي حياة الكثير من الجنود. ولأن الجيش الإسرائيلي سيحاول تقليل الخسائر، فإنه يتوقع استخدام نيران كثيفة بشكل خاص، مع المس الكبير بالبنى التحتية المدنية التي بقيت في القطاع. ودفع السكان الى مناطق المعسكرات الإنسانية، الى جانب النقص المستمر في الغذاء والدواء، يمكن أن يجر المزيد من القتل الجماعي للمدنيين.
حتى لو كانت إسرائيل تنوي استئناف توفير المساعدات، فإن الخطة مليئة بالثقوب. مشكوك فيه إذا كانت إسرائيل تعرف كيفية ضمان تدفق الغذاء في غزة بقوتها الذاتية بشكل منتظم لسكان كثيرين جدا، أيضا المنظمات الدولية أعلنت، في السابق، أنها لن تشاركها في توزيع المساعدات، في المقابل، زمير يرفض، وبحق، أن يعرض من أجل ذلك حياة الجنود للخطر، أيضا هكذا فإنه في الحكومة يتولد الانطباع بأن الجيش يجد صعوبة في توفير بيانات عن الوضع الإنساني الحقيقي في القطاع.
في نهاية المطاف، إسرائيل ستضطر الى المصادقة على إدخال المساعدات الإنسانية. ولكن الى حينه سيمر وقت والقتال سيشتد. هناك احتمالية عالية بأنه توجد هنا وصفة للفشل، التورط بعيد المدى وفقدان ما تبقى من الشرعية الدولية لخطوات إسرائيل إزاء المس بالمدنيين. رغم صعود إدارة ترامب وإزاء معاداة المحاكم الدولية، فإن قادة وضباطا إسرائيليين آخرين قد يواجهون إجراءات قانونية شخصية ضدهم. الحكومة تحاول الحصول على إنجاز سياسي مؤقت، وثمنه سيتم دفعه بعملية استراتيجية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق