مهندس سابق بغوغل: التواطؤ التكنولوجي بإبادة غزة يضاهي تسليح الاحتلال الإسرائيلي

السبيل 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

السبيل –  قال المهندس البرمجي حسن إبراهيم، الذي أنهت شركة “غوغل” عقد عمله عام 2024 بسبب مشاركته في اعتصام نظّمه حراك “لا للتكنولوجيا في خدمة الفصل العنصري”، إن مسؤولية شركات التكنولوجيا العالمية لا تقل عن شركات السلاح المساهمة بالمجازر الصهيونية في قطاع غزة.

وفي مقابلة مع وكالة الأناضول، استعرض إبراهيم كيفية دعم شركات التكنولوجيا العالمية المجازر الصهيونية ضد الفلسطينيين، وكيفية ممارستها ضغوطًا على الموظفين الذين يعارضون هذا الدعم، بالإضافة إلى نضاله المتواصل بعد طرده من عمله.

إبراهيم الذي أنهت شركة “غوغل” عقد عمله في 16 أبريل/ نيسان 2024 بسبب مشاركته في فعالية مؤيدة لفلسطين، يُعد واحدًا من مئات المهندسين الذين فقدوا وظائفهم بسبب احتجاجات مماثلة.

قال إنه بدأ عمله لدى “غوغل” مهندسا للبرمجيات عام 2022، لكنه فُصل من عمله مع 50 آخرين بسبب المشاركة في الاعتصام الذي نظّمه حراك “لا للتكنولوجيا في خدمة الفصل العنصري”

وذكر إبراهيم أن بعض المفصولين من الشركة تعرّضوا للاعتقال بذريعة “انتهاك قواعد السلوك المهني”.

هذه الإجراءات لم تقتصر، وفق إبراهيم على “غوغل” وحدها، بل طالت شركات أخرى ارتبط اسمها بدعم جيش الاحتلال الإسرائيلي عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي.

وأضاف: “شاهدنا ما حدث قبل بضعة أشهر عندما جرى فصل موظفين من شركة مايكروسوفت بسبب تعطيلهما فعالية جرى تنظيمها بمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيس الشركة”.

حرية تعبير مفقودة

وأشار إبراهيم إلى أن الشركات العاملة في قطاعي المعلوماتية والتكنولوجيا بدأت تفصل موظفين لمجرد تعليقاتهم على الإنترنت، أو إعجابهم بمنشورات معينة، أو مشاركتهم روابط إلكترونية، معتبرًا أن ذلك يُعد قمعًا تعسفيًا لحرية التعبير.

وذكر أن العديد من الأشخاص الذين فُصلوا أو تعرضوا لمضايقات مشابهة تواصلوا معه عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو قنوات الاتصال المختلفة.

وتابع: “يمكن القول اليوم إنه لم تعد لدينا حرية تعبير في الولايات المتحدة، فإذا وجّهت أي انتقاد للحكومة الفاشية الحالية، فإنك تُعرّض نفسك لخطر فقدان بطاقة الإقامة (الجرين كارد) أو وضعك القانوني، وربما حتى فقدان الجنسية”.

وأوضح أن ما يحدث ليس استثناءً، بل أصبح ظاهرة مستمرة، قائلاً: “نرى ذلك في حالات الطلاب الذين جرى ترحيلهم، وحتى في حالة الطالبة التركية (رميساء أوزتورك) التي جرى اختطافها حرفيًا من قوات الهجرة والجمارك الأمريكية”.

شركات مساندة لغزة

إبراهيم وصف الإجراءات التي تتخذها شركات التكنولوجيا الأمريكية بحق الموظفين الذين يعارضون مجازر إسرائيل في غزة بأنها “جنون”.

وأضاف: “لا أخشى فقدان مهنتني. لحسن الحظ، انضممت إلى شركة تدعمني وتساند ما قمت به ضد غوغل، واعتبرت ما قمت به تعبيرًا مشروعًا عن الرأي. وحتى لو كنت أعمل في شركة قد تطردني في أي لحظة، فإن ما أواجهه لا يُقارن أبدًا بما يحدث في غزة”.

وبدعم أمريكي ترتكب دولة الاحتلال ، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة، خلّفت أكثر من 171 ألف شهي\ وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.

وتواصل دولة الاحتلال منذ أكثر من شهرين حصارا خانقا على غزة، بإيقافها مطلع مارس/ آذار الماضي دخول المساعدات الدولية إلى القطاع، متجاهلة تحذيرات أممية وحقوقية من وقوع مجاعة وشيكة، في ظل تدمير واسع للبنية التحتية الزراعية والغذائية في غزة، ومنع قوافل الإغاثة، وقصف مراكز توزيع الطعام.

إبادة بذكاء اصطناعي

ولفت إبراهيم إلى أنه يشعر بأن كثيرًا من الأشخاص داخل الولايات المتحدة أو في أماكن أخرى من العالم يشاركونه الموقف نفسه، مؤكدًا أن العديد من المهندسين وأصحاب المهن المختلفة بدأوا يطرحون تساؤلات حول طبيعة العلاقة التي تربط شركاتهم أو حكوماتهم بدولة الاحتلال.

وأشار إلى أن الفظائع التي تُرتكب في غزة لعبت دورًا كبيرًا في بلورة هذا الموقف، موضحا أن أحد الأسباب الرئيسة وراء اتساع رقعة الاحتجاجات ضد شركات التكنولوجيا هو تورطها في تزويد الاحتلال بأنظمة تُستخدم فعليًا في ضرب قطاع غزة.

وبشأن استخدام تل أبيب نماذج من الذكاء الاصطناعي لإعداد قوائم أهداف القصف، قال إبراهيم: “لدى جيش الاحتلال بنية خوادم خاصة لتشغيل هذه البيانات الحساسة، لكنهم في الوقت ذاته يستخدمون أيضًا خدمات شركات مثل غوغل وأمازون ومايكروسوفت، إلى جانب نماذج مثل شات جي بي تي وجيميناي من غوغل”.

وأضاف: “عندما تجتمع هذه الشركات معًا، فإنها تساهم في استمرار الإبادة الجماعية التي تُمارس ضد الفلسطينيين”.

التقنية سلاحا للإبادة

المشاركة بإبادة الفلسطينيين، وفق إبراهيم لا يقتصر على شركات مثل “رايثيون” و”بوينغ” وغيرها من شركات تصنيع الأسلحة “بل يشمل كل شركة تربطها عقود مباشرة مع الحكومة أو جيش الاحتلال”.

وتابع: “ما يحدث في غزة هو أول إبادة جماعية مدعومة بالذكاء الاصطناعي، وهذا يعني أنه لم يعد أداة بسيطة نستخدمها في حياتنا اليومية، بل أصبح سلاحًا فعليًا”.

وأشار إبراهيم إلى أن شركات التكنولوجيا تمامًا مثل شركات الأسلحة، تتحمل مسؤولية مباشرة في هذه المجازر.

وأردف: “هناك قائمة طويلة من الشركات التي تدعم هذه الإبادة، لأن من يذهب لقتل الفلسطينيين ليسوا فقط منتجي القنابل والأسلحة، بل أيضًا مزودي الجيش وحكومة الاحتلال الإسرائيلية بالأجهزة والبرمجيات”.

إبراهيم أكد أيضًا أن القدرات التكنولوجية التي تُمنح للاحتلال تتيح تنفيذ أشياء لا حدود لها، وأن مجرد شرح كيفية استخدام هذه الأنظمة يُعد أمرًا معقدًا حتى بالنسبة إلى المهندسين.

وضرب مثلا بمشروع “نيمبوس” (Nimbus)، الذي ينفذه جيش الاحتلال بالتعاون مع بعض الشركات، بجانب العديد من التطبيقات المدعومة بالذكاء الاصطناعي التي تُستخدم في العدوان على غزة.

عسكرة محرك غوغل

تحدث إبراهيم عن أداة البحث عن الصور في محرك غوغل التي يستخدمها مليارات الأشخاص حول العالم لأغراض مدنية بحتة كالحصول على معلومات أو إجراء أبحاث، لكنها باتت عند جيش الاحتلال  تستعمل لأغراض التصنيف العسكري والاستهداف.

وأكد أن استخدام هذه الأنظمة المدنية لأغراض عسكرية يُعد انتهاكًا صريحًا للقانون، في وقتٍ تفضّل فيه الشركات التكنولوجية التزام الصمت حيال ذلك.

وفي شرحٍ لكيفية استخدام هذه الأداة، قال إبراهيم: “ليست لدينا أمثلة مؤكدة على طريقة استخدام جيش الاحتلال لكل أداة على حدة، لكن إحدى المقالات الجديدة تشير إلى استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي صور غوغل”.

وأضاف: “هذه الأداة لم تُصمّم لأغراض عسكرية، بل للاستخدام المدني فقط، والمنصات التي يستخدمها جيش الاحتلال بإذن من غوغل، لا ينبغي أن تكون في متناول أي جيش”.

متحدثا عن تقنيات التعرف على الوجوه، قال إبراهيم: “يقومون باستخدام صور غوغل، من خلال تحميل عدد هائل من الصور التي التُقطت لفلسطينيين، وتصنيف بعض تلك الصور ضمن قائمة الإرهاب”.

وتابع: “بعدها، يقوم غوغل بالبحث وإظهار جميع الصور الخاصة بهذا الشخص، وبالتالي تصبح أداة بسيطة مثل ’صور غوغل’ في الأيدي الخطأ، ووسيلة مدمّرة تشبه السلاح”.

المهندس السابق بالشركة، أكد أن “غوغل تعرف أن الجيش الاحتلال يستخدم هذه الأداة لهذا الغرض، وهو ما يُعد خرقًا لشروط الخدمة، لكنها ترفض اتخاذ أي إجراء لمنعه”.

دعوة للشركات العالمية

لم يكتف المهندس السابق في “غوغل” بترك الشركة وفضح شراكتها للاحتلال في الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، لكنه كتب رسالة مفتوحة للعاملين في شركات أخرى مثل مايكروسوفت وأمازون.

وقال إبراهيم: “ذكرت في رسالتي أننا كأشخاص عملنا أو نعمل في شركات تواطأت مع جهات ارتكبت جرائم إبادة جماعية، تقع علينا مسؤولية فعل كل ما بوسعنا من أجل دعم فلسطين، وإذا شعرنا بأننا لم نعد قادرين على فعل أي شيء داخل الشركة، فعلينا تركها”.

وأوضح أن “المرء إذا كان يعرف أن شركته تدعم الإبادة أو تغض الطرف عنها، فهو شريك في المجزرة. هذه حقيقة يجب أن يفهمها الجميع، لأن هناك من يعتقد أن العمل في هذه الشركات أمر لا ضير فيه، لكن هذا غير صحيح. يجب أن نفعل كل ما نستطيع لوقف المجزرة”.

المصدر: وكالة الأناضول

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق