بركان "زومبي" يُظهر علامات نشطة..هل يثور بعد أكثر من 250 ألف عام؟ - الأول نيوز

cnn 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- هل يمكن لبركان أن ينشط مجدّدًا؟ تُعرف قمة أوتورونكو (Uturuncu)، الشاهقة في سلسلة جبال الأنديز الوسطى باسم "بركان الزومبي".

رغم أنه مضى أكثر من 250 ألف عام على آخر ثوران له، إلا أن البركان يُظهر علامات مماثلة للبراكين النشطة، مثل أعمدة الغازات والزلازل.

قبل أكثر من عقدين، أظهرت صور التقطها رادار الأقمار الصناعية لهذا البركان الذي يُعد أعلى جبل في جنوب غرب بوليفيا، أن الضغوط داخله قد رفعت ثم خفضت منطقة بالقرب من القمة يبلغ عرضها حوالي 150 كيلومترًا، وشكلّت ما يشبه القبعة المكسيكية "السومبريرو". 

في الآونة الأخيرة، أجرى العلماء دراسة أكثر تفصيلًا لأوتورونكو، سعيًا منهم لفهم ما إذا كانت التشوهات الجيولوجية المستمرة وغيرها من مظاهر النشاط تشير إلى أن هذا البركان النائم يستعد ربما للاستيقاظ.

تمكن الباحثون باستخدام مزيج من بيانات الأقمار الصناعية، وتحليل النشاط الزلزالي، ونماذج حاسوبية لكيفية استجابة الصخور للضغوط المختلفة، من تجميع صورة أوضح لما وصفوه بـ"تشريح" البركان من الداخل، وكشفوا عن سبب الاضطراب الكامن تحته.

نُشرت نتائجهم بمجلة "Proceedings of the National Academy of Sciences"، بتاريخ 28 أبريل/ نيسان.

عادة ما تحدث الثورات البركانية عندما ترتفع الصهارة تحت البركان إلى جيوب أدنى من سطح الأرض تُسمى غرف الصهارة، ثم تخرج إلى السطح عبر الفوهات والشقوق. 

تُصبح الثورات البركانية أكثر انفجارًا عندما تكون الصهارة أكثر كثافة، ما يؤدي إلى احتباس الغازات وتراكم الضغط الذي ينفجر فجأة، ما يقذف الصهارة بقوة على شكل حمم بركانية.

لكن هذه لم تكن الحال تحت أوتورونكو، وفقًا للدراسة، حيث كانت الصهارة، والغازات، والسوائل المالحة تتفاعل في شبكة هيدروحرارية، وهي عبارة عن نظام ذات أنشطة لم تكن مفهومة تمامًا، ما أدى إلى اهتزازات بركان الزومبي. 

إطلاق البخار

تحت قمة أوتورونكو على عمق يتراوح بين 10 و20 كيلومترًا، يقع خزان ضخم من الصهارة يُسمى جسم الصهارة ألتيبلانو-بونا، ويمتد على نحو 200 كيلومتر، وهو أكبر جسم صهارة نشط معروف في قشرة كوكب الأرض. 

وكانت الدراسات السابقة قد ألمحت إلى وجود نظام هيدروحراري نشط يربط بين خزان الصهارة وسلسلة الجبال فوقه، لكن لم يكن معروف كيفية تفاعل الصهارة والسوائل داخل هذا النظام.

باستخدام إشارات مستقاة من أكثر من 1,700 حدث زلزالي تمت بين عامي 2009 و2012، قام العلماء بإنتاج صور عالية الدقة للقشرة الضحلة تحت أوتورونكو. 

كما سجلوا التغيرات في التيارات الكهربائية والجاذبية تحت الأرض، والتغيرات في كيمياء الصخور، ما كشف عن تفاصيل غير مسبوقة لنظام القنوات تحت البركان وداخلها أثناء دوران السوائل المدفأة جيولوجيًا.

وجد الباحثون أنه مع تسخين جسم الصهارة للسائل تحت الأرض وإطلاق الغازات، هاجرت الغازات والسوائل صعودًا، وجُمعت في غرف تحت فوهة البركان. 

وأدى تحركها عبر أوتورونكو إلى حدوث الزلازل، وإطلاق البخار، وتشويه الصخور البركانية، ما تسبب في ارتفاع السطح بمقدار حوالي  سنتيمتر سنويًا.

أوضح الباحثون أن الديناميكيات الداخلية لأوتورونكو لا تفسر نشاطه فحسب، بل تشير أيضًا إلى أن هذا "البركان الزومبي" لن يستعيد نشاطه في أي وقت قريب، وفقًا لما ذكره الدكتور مايك كيندال، وهو أستاذ ورئيس قسم علوم الأرض في جامعة أكسفورد.

وقال كيندال: "لا نرى زيادة في النشاط الزلزالي. تتمثل العلامة السيئة بزيادة النشاط الزلزالي، ثم حدوث هجرة للنشاط الزلزالي من أعماق كبيرة إلى أعماق ضحلة، وهذا عادة ما يكون مؤشرًا على أن الصهارة تتحرّك".

وأضاف: "لكننا لا نرى أي شيء من هذا القبيل"، مؤكدًا أنّ "ما يبدو عليه الأمر أن البركان يُطلق الغازات، ويخرج البخار، ويهدأ".

رأى عالم الجيولوجيا الدكتور بنيامين أندروز، وهو مدير برنامج البراكين العالمي في المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي بمؤسسة سميثسونيان في العاصمة الأمريكية واشنطن، أن استخدام تقنيات متعددة كان جزءًا رئيسيًا من تسليط الضوء على هيكل ما تحت السطح لأوتورونكو.

وأوضح أندروز، غير المشارك في الدراسة، إنه في حال استخدام تقنيات معزولة مثل دراسة النشاط الزلزالي، وكيمياء الصخور، والفيزياء، فإنها "تقدم نتائج مثيرة للاهتمام، لكنها غامضة إلى حد ما". 

مع ذلك، عند دمج هذه الطرق، أشارت النتائج إلى نظام هيدروحراري عوض الصهارة المتصاعدة باعتباره سبب النشاط في أوتورونكو، ما وفرّ لمحة عن التفاعل بين الصهارة والصخور والسوائل تحت البراكين.

أضاف أندروز: "يتمتع هذا البحث بأهمية في فهم البراكين، والصخور الغرانيتية، وأجسام الخام، وتكوين القشرة القارية". 

عشرات براكين الزومبي

بركان الزومبي
بركان "زومبي" آخر يثير اهتمام العلماء هو كامبي فليغري (Campi Flegrei)، الواقع غرب مدينة نابولي في إيطاليا. وقد أظهر هذا البركان أيضًا علامات اضطراب، لكنه لم يثر منذ عام 1538.Credit: Salvatore Laporta/KONTROLAB/LightRocket/Getty Images

على مدى عقود، سجّل برنامج البراكين العالمي حوالي 50 من "براكين الزومبي" يتراوح عمرها بين أكثر من 12,000 عام وأقل من 2.6 مليون عام.

أوضح الدكتور ماثيو بريتشارد، وهو أستاذ الجيوفيزياء في جامعة كورنيل بمدينة نيويورك الأمريكية، أنّ علامات النشاط في هذه البراكين تُعتبر في الغالب سمات جيومائية مثل الينابيع الساخنة والفومارولات (وهي فتحات تخرج منها الغازات الساخنة).

بما أنّ أوتورونكو واحد من عشرات البراكين الزومبي التي يتابعها العلماء حول العالم، فقد تُساعد الاكتشافات الجديدة على تحديد أي من هذه البراكين قد يكون معرضًا للثوران. 

أظهرت بعض البراكين درجات حرارة سطحية مرتفعة، وتُستكشف حاليًا كمصدر محتمل للطاقة الحرارية الجوفية، وأيضًا لما تحتويه من رواسب معدنية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق