حملة خارجية مشبوهة تستهدف الأردن.. والحقائق تفنّد المزاعم

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

loading ad...

عمان – في خضمّ التصعيد المتواصل في قطاع غزة، برزت حملة إعلامية مشبوهة تستهدف الأردن ليس فقط لتقويض دوره الإنساني في إسناد القطاع المنكوب، بل لتشويه صورته دوليًا وضرب مصداقيته أمام الرأي العام العربي والعالمي. اضافة اعلان
هذه الحملة، التي تتلاقى فيها مصالح أطراف أيديولوجية وتنظيمات سياسية ذات تاريخ مضطرب مع الأردن وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، تكشف عن مساعٍ منظمة لزعزعة الثقة بالدور الأردني الأخلاقي والدبلوماسي الذي ظل ثابتًا في نصرة الشعب الفلسطيني.
وتتقاطع هذه الحملة من حيث التوقيت والمضمون مع خطاب دعائي يتبناه الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية الحرب، يسعى إلى تقويض أي جهد يرسّخ بقاء الفلسطينيين على أرضهم ويعرقل سياسات التهجير الممنهجة التي تنفذها سلطات الاحتلال. 
وما يزيد من خطورة هذه الحملة هو استنادها إلى منصات إعلامية مرتبطة بتنظيمات خارجية تستخدم سرديات مشحونة بالتشويه والتحريض، لتأليب الداخل الأردني وبث الشكوك.
في المقابل، برز إجماع بين خبراء ومحللين سياسيين تحدّثوا إلى "الغد" على ضرورة مواجهة هذه المزاعم بحزم وشفافية وتعزيز الرواية الأردنية القائمة على الفعل وعلى الالتزام الإنساني بما يليق بدور الأردن التاريخي في دعم القضية الفلسطينية.
وكان موقع "ميدل إيست آي" ويبث من لندن زعم في تقرير بدون دليل أول من أمس الخميس أن السلطات الأردنية حققت أرباحا من الإنزالات الجوية على غزة.
- رفض أردني ماليزي للاتهامات
وأمس الجمعة، أصدرت منظمة "خوم" الماليزية بيانا نفت فيه مزاعم إعلامية وصفتها بـ"المضللة"، تتهم الأردن بتحقيق أرباح من إيصال المساعدات إلى غزة. 
وأكدت المنظمة تعاونها الكامل مع الأردن مشيرة إلى نجاح أول إنزال جوي ماليزي في نيسان (أبريل) 2024 بتمويل أردني كامل تضمن مواد غذائية وأخرى صحية.
وأوضحت أن التكاليف المرتبطة بالشحن البري تتعلق بمصروفات لوجستية تشغيلية لا تفرضها الحكومة الأردنية. 
وأضافت أن مسؤوليتها تنتهي عند تسليم المساعدات للهيئة الخيرية الأردنية، التي تتولى إيصالها إلى غزة عبر القوات المسلحة الأردنية.
من جهتها، رفضت الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية ما نشره الموقع البريطاني من اتهامات، معتبرة أنها تهدف لتشويه دور الأردن الإنساني. 
وشددت على أن الأردن لم يقتطع أي جزء من التبرعات وتحمّل كافة تكاليف الإنزالات الجوية والقوافل البرية، مشيرة إلى أن الأرقام المتعلقة بالتكاليف موثقة لدى الجهات الدولية المشاركة.
- ادعاءات مشبوهة ومزيفة
ومن هنا، أكد المحلل السياسي والخبير الإستراتيجي الدكتور منذر الحوارات أن الحملة الإعلامية الأخيرة ضد الأردن تأتي في سياق محلي ودولي معقد، وتستهدف في جوهرها العلاقة المتوترة بين جماعة الإخوان المسلمين والحكومة الأردنية.
وأوضح الحوارات أن المنصة التي نشرت هذه المزاعم ترتبط بتنظيم الإخوان المسلمين على المستوى العالمي، ما يرجح أن الحملة قد تكون ذات طابع انتقامي، وتأتي ضمن مساعٍ لتقويض مصداقية الأردن خاصة في ما يتعلق بموقفه من القضية الفلسطينية.
وأشار إلى أن هذه الحملة تندرج في إطار محاولات لتشويه صورة الأردن دوليا، لا سيما بعدما لعب دورا محوريا في تقديم المساعدات الإغاثية والطبية لأهالي قطاع غزة، من خلال عمليات إنزال جوي وإنشاء مستشفى ميداني، جرى تنفيذها بالتنسيق مع جهات دولية متعددة. 
وزعمت بعض التقارير أن الأردن تلقى مقابلا ماديا لتلك الجهود، وهي ادعاءات لا أساس لها من الصحة، خصوصا وأن منظمة إغاثة ماليزية تعاملت مع الأردن لسنوات، أكدت أنه لم يتقاضَ أي مقابل مالي لقاء تلك العمليات.
ولفت الحوارات إلى أن مثل هذه الحملات قد تكون موجهة أيضا للاستهلاك الداخلي، إذ تهدف إلى خلق حالة من البلبلة وزعزعة الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة من خلال الادعاء بأن الأردن يستغل الظروف الإنسانية لأغراض مادية. 
وشدد على أن الدولة الأردنية بما تمتلكه من مؤسسات راسخة واحترام للذات، لا يمكن أن تنخرط في مثل هذه السلوكيات.
ورأى الحوارات أن الجماعة تسعى من خلال بعض الأذرع الإعلامية التابعة لها، إلى إعادة تموضعها في المشهد العام بعد تراجع تأثيرها، عبر تبني خطاب المظلومية والبطولة الأخلاقية، وهي سرديات غالبا ما تتضمن فبركات إعلامية. 
- محاولة لتقويض مصداقية الأردن
وأضاف الحوارات أن هذه الحملة تخدم بشكل مباشر الرواية الإسرائيلية التي تسعى منذ البداية إلى تهجير الفلسطينيين من غزة عبر خنقهم إنسانيا وغذائيا وصحيا، فيما كان الأردن يحاول جاهدا دعم صمودهم ومنع تهجيرهم من خلال المساعدات المتواصلة.
وأكد أن هذه الحملة تستهدف ضرب صدقية الدور الأردني وتسعى إلى تشويش الصورة الإنسانية التي قدمها الأردن للعالم، وهو ما يخدم المصالح الإسرائيلية في نهاية المطاف. 
وطالب الحوارات برد رسمي أردني سريع وواضح عبر القنوات الدبلوماسية والإعلامية لإظهار الحقائق وتفنيد الروايات الكاذبة، كما دعا إلى إصدار بيانات من شركاء الأردن الدوليين ممن شاركوا في تنفيذ عمليات الإغاثة، لتأكيد أن تلك الجهود كانت خالصة لأهداف إنسانية بحتة.
وشدد على ضرورة تفعيل أدوات الإعلام الرسمي، وتعزيز حضوره في مواجهة الخطاب الإعلامي الموجه ضد الأردن، ورصد أي محاولات للتشويه وكشف الجهات التي تقف خلفها، مع التأكيد على أن هذه الحملات تصب في مصلحة الاحتلال الإسرائيلي.
واختتم الحوارات حديثه بالقول إن ما يحدث لا يستهدف الأردن فحسب، بل يهدف إلى النيل من إحدى أنبل الجهود الإنسانية الرامية إلى إنقاذ غزة، مضيفا أن الرد يجب أن يكون وطنيا واحترافيا وسريعا لمواجهة هذا التدهور الأخلاقي الإعلامي.
- موقف أردني ثابت
إلى ذلك، أكد المحلل السياسي الدكتور محمد القطاطشة أن الأردن يُعد الدولة الوحيدة التي كشفت حقيقة الحركة الصهيونية التي تدير دولة الاحتلال اليوم، مشيرا إلى أن لهذه الحركة أدواتها الإعلامية والسياسية وبعضها من داخل الأمة العربية، بل إن هناك منظمات تدّعي الانتماء إلى معسكر المقاومة بينما تصبّ نتائج أفعالها في خدمة المشروع الصهيوني.
وشدّد القطاطشة على أن القضية الفلسطينية تظل أولوية مطلقة للأردن، قيادة وشعبا، وهي جزء لا يتجزأ من الوجدان الوطني الأردني، لافتا إلى أن مواقف المملكة لطالما اتسمت بالثبات والدعم الفعلي للشعوب العربية، من لبنان والعراق واليمن وصولا إلى فلسطين.
وأضاف أن الهجمات الإعلامية الأخيرة ضد الأردن ليست عشوائية، بل تأتي ضمن حملة ممنهجة ومتكررة، تظهر كل فترة بصيغة جديدة بهدف التشكيك في الدور الأردني الإنساني في غزة. 
وقال إن ما يُروّج عن تلقي الأردن مبالغ مالية مقابل تقديم المساعدات لا أساس له من الصحة، مضيفا أن الأردن كان يعلن بكل شفافية عن كل عملية إنزال جوي أو إرسال مساعدات، ويؤكد دائما على شراكته مع الدول الصديقة في ذلك، سواء كانت الإمارات أو إيطاليا أو غيرها.
- "تطبيق القانون بالقوة"
وأشار القطاطشة إلى أن الأردن هو أول من أطلق عمليات الإنزال الجوي للمساعدات الإنسانية في غزة، قبل أن تلتحق به دول أخرى لاحقا، مؤكدا أن التنسيق في هذه العمليات كان يتم مباشرة مع الولايات المتحدة الأميركية، دون أي تنسيق مع سلطات الاحتلال.
وأوضح أن المملكة أقامت مستشفيين ميدانيين في غزة على نفقتها الخاصة، واستمرت بإرسال الطواقم الطبية دون أن تتقاضى أي مقابل مادي، وهو ما يُعد أكبر دليل على جدية الدعم الأردني وأسبقيته، مشيرا إلى أن تكاليف هذه المساعدات تفوق بكثير أي عمليات لوجستية أخرى.
وشدد القطاطشة على ضرورة أن يتسم الخطاب السياسي الأردني بالهدوء والوضوح، داعيا النخب السياسية إلى الابتعاد عن التصريحات الانفعالية التي لا تخدم الموقف الوطني، ومطالبا باتخاذ إجراءات قانونية ضد من يروّج للإشاعات أو يشكك في الموقف الأردني داخليا.
ولفت إلى أن التحدي الحقيقي لا يأتي فقط من الخارج، بل من بعض الأصوات الداخلية التي تسهم، بقصد أو دون قصد، في تعزيز الرواية المعادية. 
وأضاف: "على الدولة تطبيق القانون بحق كل من يسعى إلى تقويض الثقة بالدولة الأردنية ومؤسساتها".
وأشار القطاطشة إلى أن الأردن لم يتلقَّ أي مقابل مادي نظير دعمه لغزة، وأن الهيئات الأردنية، وعلى رأسها الهيئة الخيرية الهاشمية، قدّمت آلاف الأطنان من المساعدات بالتعاون مع القوات المسلحة، كما أثنى على إشادة منظمات الإغاثة الماليزية بالدور الأردني، حيث أكدت أن الأردن لم يطلب أي مقابل لقاء جهوده الإنسانية.
وأكد في ختام حديثه أن الأردن سيواصل أداء دوره القومي والإنساني، رغم كل الحملات الإعلامية المغرضة التي تهدف إلى التشويش على موقفه المشرف.
- محاولة لزعزعة الاستقرار
كما أكد المحلل السياسي والخبير الإستراتيجي نضال أبو زيد أن تداول معلومات مضللة مؤخرا يأتي ضمن حملة إعلامية ممنهجة تستهدف الأردن، مشيرا إلى أن مصدر هذه المعلومات يعود إلى موقع إلكتروني معروف بارتباطاته الخارجية ومواقفه العدائية المتكررة تجاه المملكة.
وأوضح أبو زيد في تصريح لـ"الغد" أن توقيت نشر هذه التقارير والأخبار خاصة في ظل تصاعد الخطاب الإعلامي الموجّه ضد الأردن، يشير إلى وجود محاولات مشبوهة ومقصودة لزعزعة الثقة بين الشارع الأردني والموقف الرسمي، لافتا إلى أن هذه الهجمات تزايدت خلال الشهرين الماضيين وتأخذ طابعا منظما من حيث توزيعها عبر منصات رقمية وإعلامية مشبوهة.
وبيّن أن التقرير الذي تم تداوله أخيرا حظي بتغطية واسعة بسبب ارتباطه بقطاع غزة، لكنه في جوهره يهدف إلى التشكيك بالدور الأردني الإنساني هناك، خاصة أن المملكة كانت في طليعة الدول التي ساهمت في دعم القطاع سواء من خلال إرسال مساعدات أو عبر فرق طبية وإنسانية.
وتطرق أبو زيد إلى معلومة وردت في التقرير ذاته حول تقديم ماليزيا مساعدات للأردن، الأمر الذي نفته دولة ماليزيا صباح اليوم.
واعتبر أن ما ورد في التقرير هو واحد من الإضافات الزائفة التي تلجأ إليها بعض المواقع لتضليل الرأي العام، مؤكدا أن الأردن لم يتلقَّ أي دعم مالي من ماليزيا في سياق عمليات الإغاثة الأخيرة.
- خطاب رسمي أكثر شفافية
وشدد أبو زيد على أهمية دور الإعلام المحلي في مواجهة هذه الحملات، مشيرا إلى ضرورة التحقق من صحة الأخبار قبل تداولها سواء على المواقع الإخبارية أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي. 
كما دعا إلى إعادة تفعيل منصة "حقّك تعرف" التي كانت تشرف عليها وكالة الأنباء الأردنية، والتي أسهمت سابقا في التصدي للشائعات وكشف زيف المعلومات.
وفي السياق ذاته، طالب أبو زيد بأن يكون الخطاب الإعلامي الرسمي أكثر وضوحا وشفافية في الرد على مثل هذه المزاعم، منوها إلى أن الأردن يقوم بأدوار إنسانية كبيرة من بينها تشغيل خمس مستشفيات ميدانية في الضفة الغربية وقطاع غزة إضافة كوادره الطبية العاملة هناك ووجود قنوات دبلوماسية نشطة تقودها وزارة الخارجية.
وأشار إلى أن الأردن كان السبّاق في تنفيذ عمليات الإنزال الجوي للمساعدات الإنسانية في غزة قبل أن تنضم إليه دول أخرى لاحقا، ما يؤكد أن المبادرة كانت أردنية بالدرجة الأولى، ثم جرى تعميمها على نطاق إقليمي ودولي.
وختم أبو زيد بالقول إن من الضروري إيصال هذه الحقائق إلى الداخل الأردني ولكن أيضا إلى الجمهور العربي والدولي، لمواجهة الحملات المضللة التي تسعى إلى تشويه صورة الدور الأردني الإنساني والسياسي في ظل التطورات المتسارعة في غزة.
- التمسك بالرواية الأردنية الواضحة
من جانبه، أكد المحلل السياسي الدكتور عامر السبايلة أن من غير المجدي منح أهمية مفرطة لما يُتداول من اتهامات أو حملات إعلامية تستهدف الأردن، لا سيما وأن الجهات التي تقف خلف هذه الحملات معروفة، كما أن أهدافها لم تعد خفية.
وأضاف السبايلة أن الرد على هذه المحاولات لا يجب أن يكون من موقع الدفاع، بل عبر التمسك برواية أردنية واضحة، متماسكة ومتقدمة في الطرح، تعكس مواقف الدولة بثقة وشفافية.
وأشار إلى أن الهجمات التي تطال الأردن ليست مفاجئة في ظل التطورات الإقليمية الأخيرة خاصة مع بروز تيارات أيديولوجية تسعى، عبر بعض المؤسسات، إلى النيل من مكانة الأردن الإقليمية والدولية.
وشدد السبايلة على أن المهمة الجوهرية في المرحلة الراهنة تكمن في إنتاج رسائل سياسية وإعلامية محكمة، تتمتع بالقدرة على الإقناع والتأثير، وتُغلق الباب أمام أي محاولات للتشويش أو بث الفرقة.
وأكد أن استعادة الثقة الداخلية وتعزيز تماسك الجبهة الوطنية يُمثلان أولوية لأي إستراتيجية أردنية ناجحة في مواجهة التحديات والضغوط الراهنة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق