loading ad...
بقلم: رون بن يشاي
9/5/2025
من الأفضل كتابة توقع مناخي من كتابة مقال تحليل يحاول تقدير تصريحات وخطوات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التالية. فتقدير المناخ يمكن أن يعد علما دقيقا في عصر انعدام اليقين الذين يزرعه ترامب حوله منذ دخل البيت الأبيض، لكن بعد أكثر من مائة يوم من ولاية ترامب الثانية بات ممكنا لنا أن نتميز بضعة مبادئ توجه عمله. استنادا إلى هذه المبادئ يمكن محاولة فهم ما ننتظره في زيارته القريبة إلى الشرق الأوسط التي ستبدأ الأسبوع القادم ولن تشمل إسرائيل وربما أيضا نفهم ما الذي سيصرح به بعد أقل من يوم – تصريح حسب ترامب نفسه يفترض أن يكون علامة طريق في سياسة الإدارة الأميركية الحالية الشرق أوسطية بعامة والغزية بخاصة.اضافة اعلان
واضح تماما في الظروف الحالية بأن ترامب ورجال إدارته المقربين منه يتطلعون لأن يسجلوا في صالحه إنجازات في مجال السياسة الخارجية والاقتصاد. هذه الحاجة لعرض إنجازات للجمهور الأميركي تأتي للتغطية على الأضرار الجسيمة التي تلحقها سياسة الجمارك والتعريفات المتذبذبة لترامب بالتجارة الدولية والاقتصاد الأميركي. مواطنو الولايات المتحدة يبدأون فقط بالإحساس بارتفاع الأسعار والضرر للاقتصاد النابعة من انعدام الاستقرار الذي تزرعه خطوات ترامب.
على كل هذا كفيل بأن يغطي الإنجاز الذي يتطلع إليه ترامب في زيارته إلى السعودية، قطر واتحاد الإمارات. فهو يتوقع ببساطة أن يجلب لدى عودته إلى الوطن في واشنطن عشرات مليارات الدولارات في توصيات بالتزود بالسلاح الأميركي وباستثمارات دول الخليج العربية السنية الثرية بالبترودولارات، في الاقتصاد الأميركي.
لكن الرئيس الأميركي يعرف جيدا بأن السعوديين والقطريين يريدون أكثر بكثير من الولايات المتحدة من مجرد مزيد من دمى حرب حديثه تبيعها لهم واشنطن. حتى لو زودتهم الولايات المتحدة بطائرات إف 35 وذخيرة دقيقة للمدى البعيد، فإن السعودية، قطر، اتحاد الإمارات والكويت سيواصلون الخوف من الإيرانيين. للدقة، من إمكانية أن يكون لإيران سلاح نووي. وعليه فمهم جدا للسعودية أن توفر الولايات المتحدة لها قدرة تنمية واستخدام قوة نووية لأهداف مدنية. الدول السنية وعلى رأسها السعودية باتت تفهم منذ الآن بأن الولايات المتحدة ستسمح لإيران بالإبقاء على برنامج نووي مدني، وهم يعرفون على نحو ممتاز، مثل إسرائيل، بأن الانتقال من برنامج نووي لأغراض مدنية إلى تطوير قدرات سلاح نووي ليست مشكلة معقدة.
وعليه فقد طلب السعوديون من إدارات أميركية سابقة، بما فيها إدارة ترامب نفسه مساعدتهم في أن يكون لهم برنامج نووي مدني بالضبط مثلما سيكون على ما يبدو لإيران، انطلاقا من الفهم إياه بأنه يمكنه بجهد غير كبير أن يتحول، مع الميزانيات التي لدول النفط إلى برنامج نووي عسكري.
هذا بالضبط هو السبب الذي جعل الولايات المتحدة لا ترغب في أن توفر لهم هذه القدرات حتى الآن، والآن على ما يبدو، حسب وكالات الأنباء سيعلن ترامب بأن الولايات المتحدة مستعدة لأن تغير سياستها في هذا السياق وتساعد السعودية على إيجاد برنامج نووي.
معقول الافتراض أن هذا الموضوع سيندرج في تصريح ترامب، لكن السعوديين والقطريين لن يكتفوا بذلك. فدول الخليج السنية ترى أيضا في القصة الغزية متفجرا يمكنه أن يشعل حربا إقليمية وأن يثير ضدها الجماهير في الداخل. فهي تريد لترامب أن ينهي لهم الحرب في غزة أو على الأقل أن يحقق هدوءا مستقرا لمدى زمني طويل.
هم يريدون استئناف المساعدات الإنسانية لغزة؛ هم يريدون وقف نار مستقر طويل المدى؛ هم يريدون حكما فلسطينيا في القطاع في "اليوم التالي"؛ والسعوديون قالوا أيضا بصراحة أنهم يريدون مفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين على إقامة دولة فلسطينية – ليس اتفاقا منتهيا على إقامة دولة فلسطينية في غزة وفي الضفة بل بداية مفاوضات عملية. يشارك في هذا التطلع بالطبع مصر والأردن.
بسبب حقيقة أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يعارض بالقطع حكم السلطة الفلسطينية في غزة والمفاوضات على دولة فلسطينية فيبدو أن موضوع تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية لم يعد على جدول الأعمال.
في إسرائيل، الخوف العظيم هو ما كفيل ترامب بأن يعرضه على السعوديين، القطريين واتحاد الإمارات. فإسرائيل تخشى جدا برنامجا نوويا سعوديا اذا كانت فيه قدرة سعودية مستقلة لتخصيب اليورانيوم، وكذا من ألا يراعي ترامب مصالحها في رزمة المخطوفين، مقابل وقف نار واليوم التالي الذي يعرضه على السعودية.
لهذا الغرض يوجد وزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر في واشنطن، وهو يحاول تحقيق أمرين: الأول ألا يفاجئ ترامب إسرائيل، والثاني ألا يدفع ترامب لدول الخليج العربية مقابل استثماراتها في الولايات المتحدة بعملة غزة، بتنازلات إسرائيلية تسمح لحماس بالبقاء بسلاحها وزعمائها في غزة ولا تضمن تحرير كل المخطوفين الأحياء والأموات.
عامل آخر مؤثر جدا على سياسة ترامب هو الصراع الجاري في البيت الأبيض بين كتلتين شديدتي القوة. كتلة "الانعزاليين"، والثانية هي "الصقريين"، المحافظين الجدد.
المعركة ضد الحوثيين كلفت مالا طائلا على دافع الضرائب الأميركية، وترامب لا يحب تبذير المال. بالتأكيد عندما يحذره الانعزاليون في البيت الأبيض بأنه سيتورط مثل بوش وأوباما في العراق ومثل بايدن في أفغانستان. وعليه فترامب مثل ترامب: أعلن عن النصر وعن إنهاء حملة "Rough Rider". الحقيقة هي أنه عندما بدأت الولايات المتحدة الحملة، فإنها فعلت ذلك بتصريحها بأن غايتها هي السماح بحرية الملاحة في مضائق بان المندب وكل الدول بينما الاتفاق مع الحوثيين لا يتحدث إلا عن سفن أميركية، وهو الأمر الهامشي في نظر ترامب. فهو يريد النصر وبالتالي أعلن عن النصر.
هذا بالضبط ما يرفع مخاوف إسرائيل إلى الذروة. في إسرائيل يتبلور الفهم بأن ترامب، مثلما تصرف في القصة الحوثية، سيتصرف في قصة الاتفاق مع إيران. وهو ببساطة سيعلن بأن هذا اتفاق أفضل بكثير من الاتفاق الذي حققه أوباما في 2015 حتى لو سمح لإيران بمواصلة تخصيب اليورانيوم والبقاء في مكانة دولة حافة نووية. إسرائيل في مثل هذا الوضع لن تتمكن من مهاجمة وتحييد البرنامج النووي الإيراني حتى لو كانت للجيش الإسرائيلي القدرة العسكرية لفعل.
لكن من الخطأ أن نفهم أعمال ترامب وكأنها تنبع من خصومة شخصية مع نتنياهو. هو ببساطة يفعل ما يراه منطقيا وضروريا في تلك اللحظة من زاوية نظر أميركية أو لأن هذا ما همس به آخر شخص في أذنه. يوجد في إسرائيل كثيرون وأنا منهم يتوقون منذ الآن للرئيس بايدن وإدارته. صحيح أنهم قيدوا أيدي إسرائيل في بداية الحرب وأخروا إرساليات الذخائر لكن لدى إدارة بايدن كنت تعرف بالضبط أين تقف، ماذا يمكنك وماذا لا يمكنك عمله. أما لدى ترامب فكل الخيرات مفتوحة بما فيها الأسوأ.
0 تعليق