كلمة نجيب محفوظ في نوبل: الصرخة التي لا تزال تدوي منذ 37 عاماً

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
أميرة صليبيخ

حين ظهر اسم نجيب محفوظ في منصة نوبل عام 1988 معلناً إياه كأول أديب عربي يُتوَّج بهذه الجائزة العالمية، كان الأمر أشبه بحلم يقظة في ظهيرة مشمسة! لم يكن أحد يتوقع أن ينال الوطن العربي هذا التشريف العالمي، ولو بعد ألف عام، ولكن محفوظ فعلها، وأحسن انتهاز هذه الفرصة القيمة بشكل ذكي لإيصال صوت المواطن العربي إلى العالم أجمع الذي كان يترقب منه كلمة، فكلماته المعبرة هي التي أوصلته للعالمية. وبرغم عدم ذهابه لاستلام الجائزة بسبب ظروفه الصحية، إلا أن ما قاله على لسان الكاتب محمد سلماوي كان جديراً بالتصفيق على مدى أيام، فكلمته لم تكن مجرد احتفاء، بل كشف عن هوية وطن، ورؤية حضارية، ورسالة إنسانية.

فمن عمق العالم الثالث إلى ضمير العالم صرّح محفوظ بكلمات خرجت بقوة وحماس من عمق حضارتين تزوجتا كما قال: الفرعونية والإسلامية، وسلط الضوء على هموم المواطن العربي: الجوع والفقر والحرمان. كانت كلماته نابعة من قلق نبيل وعميق حين قال: «لا يعقل ولا يقبل أن تتلاشى أنّات البشر في الفراغ».

ومع ذلك لا زلنا بعد 37 عاماً نشاهد المآسي ذاتها تتكرّر، وخصوصاً في غزة، حيث يحاصر الأبرياء، وتُقصف البيوت، وتقتل الأطفال والنساء والحيوانات في صمت دولي مريب. لم يكن محفوظ يصف وضعاً مؤقتاً، بل تحدّث عن مأساة مزمنة، وعن مسؤولية إنسانية مشتركة، تتعدى حدود السياسة والجغرافيا. فالمبادئ التي نادى بها هي حقوق إنسانية أصيلة وهي: العدل، الحرية، الكرامة. وهي ليست مجرد أمنيات كاتب، بل مطالب أساسية لكل إنسان.

أعيد قراءة خطاب نجيب محفوظ، وأجدها أقرب إلى وصية للأجيال القادمة: أن تبقى الكلمة حية، وأن يُحمل صوت المظلومين على أكتاف الأدب، والفن، والفكر. اليوم، ونحن نعيش في عالم تتسارع فيه الأخبار، وتتباطأ فيه العدالة، تظهر أهمية أن نتمسّك بشعلة الأمل التي أضاءها محفوظ، ونواصل السير بها، كلٌ من موقعه.

فرغم ضجيج الشر، كما قال، يبقى الخير هو الأصل، وهو الذي انتصر مراراً، وكأنه يريد أن يقول لنا: قد يهيمن الشر على المشهد، لكن الخير هو ما يصنع التاريخ.

كلمات محفوظ ليست من الماضي، بل هي من المستقبل، تحمل مسؤولية لا تزال على عاتقنا جميعاً وهي أن نسمع أنين البشر ونعمل من أجلهم جميعاً.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق