الذئب.. حينما أدار الغابة!

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في غابة عميقة يصعب الوصول إليها، حدث أمر غريب واستثنائي.

اجتمعت الحيوانات ذات يوم بعد أن اشتد الجفاف، وضاق الحال بها، والأخطر أن الغابة بدأت تفقد نظامها الطبيعي، مما ينذر بوقوع كارثة لا محالة. وعليه أصبح الجميع يبحث عن قيادة تنقذ الموقف.

ورغم كثرة قاطني الغابة، لم يترشح أحد، وحينها تفاجأ الجميع بأن” الذئب “رفع يده مرشحاً نفسه لإدارة شؤون الغابة!

تهامس الجميع: الذئب، ذاك المفترس الذي تُخشى نزعته الدموية، رشح نفسه؟!

نعم تقدم الذئب برغبته للترشح، لكنه وقف وسط الحشود وقال: ”لن أكون القائد الذي ينهش، بل المدير الذي يُنجز“.

هنا ساد الصمت، وبدأ التفكير والتوجس، وتوقع السيناريوهات لو مُنح الذئب المسؤولية. لكن في النهاية وافق الجميع والقلق بات سيد الموقف.

لكن الغريب حصل، إذ بشكل تدريجي، بدأ الجميع يلاحظون الأمور وهي تتغير؛ فالذئب وضع نظاماً إدارياً دقيقاً، ووضع نظاماً لتوزيع المياه من النهر البعيد لداخل الغابة، وأعاد تنظيم الأدوار، ووضع ميثاقاً مهنياً ينظم عمل الجميع معاً دون أن يغدر أحد بالآخر.

لكن كانت الصدمة حينما قام الذئب بتعيين الثعلب مسؤولاً عن النزاهة، في مفارقة رهيبة! إذ كيف يكون الثعلب المعروف بمكره ودهائه وخداعه المتأصل في دمه، كيف يكون مسؤولاً عن النزاهة؟!

هنا دبّ الشكّ، وبدأت حيوانات الغابة تتساءل: هل الذئب يخدعنا؟! هل تسرعنا حينما منحناه الثقة وافترضنا بأنه قادر على إدارة الأمور بشكل أفضل؟! لماذا لم نصر على أن يكون النمر هو القائد؟! وهنا بدأت مشاعر القلق تزيد.

لكن في اجتماع الغابة الشهري، وقف الفيل المعروف بحكمته، وسأل الذئب مباشرة: كيف نضمن أنك لا تديرنا فقط لتتحكم بنا أكثر؟! كيف نضمن أنك تريد مصلحتنا جميعاً، وليس مصلحتك ومن حولك من أتباع مباشرين أعطيتهم المسؤوليات؟!

ابتسم الذئب، وبانت أنيابه الطويلة، وظنوا حينها أن وجهه الحقيقي سينكشف، لكنه فاجأهم بالقول: ”القائد الجيد لا يطلب الثقة، بل يبنيها بالأفعال لا الأقوال، القائد الجيد هو الذي يغلب العدالة والإنصاف في كل شيء“.

وفي عرضٍ مذهل، عرض الذئب تقارير شفافة، وخطط الطوارئ، وفتح باب الانتقادات ليسمع من الجميع، ويشاركهم في صنع القرار، بل وأعلن أنه سيُعاد التصويت عليه كل موسم، لعل هناك من يكون أفضل منه في القيادة، أو يضيف أموراً تحسن الأوضاع أكثر.

هنا أدركت الحيوانات درساً إدارياً بليغاً قدمه الذئب لهم، إذ القيادة لا تتعلّق بالشخص بل بالمنهج، بالتالي حتى أكثر الشخصيات إثارةً للشكّ يمكن أن تنجح إذا التزمت بالشفافية، التخطيط، وتوزيع الصلاحيات، ومنح الثقة للآخرين. المنهج الصحيح هو الذي يضمن الديمومة والاستمرار لمدى طويل جداً.

هذه الغابة تحولت إلى واحدة من أكثر المجتمعات استقراراً، وذلك بفضل إدارة ذئب، كانوا يُظنون أنه لا يصلح إلا للصيد والافتراس فقط!

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق