loading ad...
عمان - تحتل العلاقات بين الولايات المتحدة ودولة الاحتلال مكانة محورية في سياسات الشرق الأوسط، حيث يؤكد خبراء ومحلّلون أن هذا التحالف العميق يستند إلى أسس إستراتيجية راسخة منذ عقود، تضمن استمرار الدعم الأميركي للكيان الصهيوني بغض النظر عن طبيعة الإدارة الحاكمة في واشنطن. اضافة اعلان
ويُجمع هؤلاء الخبراء على أن دولة الاحتلال باتت جزءا لا يتجزأ من منظومة السياسة الداخلية الأميركية، بما يجعل أي خلافات تظهر بين الطرفين مجرد تباينات تكتيكية تتم إدارتها خلف الأبواب المغلقة دون أن تمس بجوهر هذا التحالف.
وعلى الرغم من أن التوترات الراهنة بين إدارة الرئيس دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو طغت على المشهد العام، يرى محللون أن هذه التوترات تعكس بالدرجة الأولى صراعا شخصيا وسياسيا بين الزعيمين أكثر من كونها خلافا إستراتيجيا حقيقيا.
ويرون أن الخلاف لا يتعدى كونه نزاعا محدودا في إطار الحسابات الشخصية والمصالح الضيقة لكل طرف، ولا يُتوقع أن يؤثر على الإطار العام للعلاقات بين واشنطن وتل أبيب.
ومع ذلك، يبرز التحذير من أن استمرار نتنياهو في سياساته التصعيدية قد يدفع الإدارة الأميركية مستقبلا لاستخدام أدوات ضغط أكثر فعالية لضمان عدم خروج الأمور عن السيطرة، مع التأكيد أن الخاسر الأكبر في هذه المعادلات المعقدة يظل الشعب الفلسطيني الذي يدفع الثمن الباهظ من هذه السياسات والصراعات الإقليمية.
تحالف عابر للإدارات
في هذا الشأن، قال رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية الدكتور خالد شنيكات أن العلاقات بين الولايات المتحدة ودولة الاحتلال تتسم بالثبات والاستمرارية، إذ تقوم على أسس متينة وتحالف إستراتيجي عميق يمتد لعقود طويلة في المنطقة.
وأشار إلى أن دولة الاحتلال باتت جزءا لا يتجزأ من معادلة السياسة الداخلية الأميركية، الأمر الذي يضمن لها دعما شبه مطلق من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، على حد سواء.
وأوضح شنيكات "حتى لو افترضنا، بشكل نظري بحت، أن إدارة مثل إدارة ترامب قد تتجه نحو إنهاء سياسات داعمة للكيان، فإن الكونغرس الأميركي، بمجلسيه، سيظل يشكل دعامة قوية لاستمرار الدعم اللامحدود لدولة الاحتلال، نظرا لما يمثله هذا الدعم من شبه توافق وطني أميركي".
وأضاف إن هذه العلاقة، رغم ما قد يعتريها من خلافات، إلا أن إدارتها تتم غالبا خلف الأبواب المغلقة، حيث تُناقش التباينات وتُعالج بعيدا عن الأضواء، كما هو الحال في مسألة الموقف من قطاع غزة.
وتابع شنيكات "إذ قد تظهر دولة الاحتلال استعدادا لوقف دائم لإطلاق النار، لكنها في الوقت ذاته تربط ذلك بجملة من الشروط الصارمة، مثل تسليم الأسرى وسيطرة كاملة على القطاع، وإجبار المقاومة الفلسطينية بما فيها حماس على الاستسلام، محاولة بذلك تحميل المسؤولية كاملة للطرف الفلسطيني أمام الإدارة الأميركية، وتصوير الحركة كعقبة رئيسة أمام أي تسوية محتملة".
اللعب السياسي الذكي
وفي السياق ذاته، لفت شنيكات إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يمتلك خبرة طويلة ومهارات عالية في إدارة العلاقات مع الولايات المتحدة، إذ إن كثيرا ما دخل في مواجهات سياسية مع إدارات أميركية كما حدث مع إدارة أوباما، ومع ذلك استطاع المحافظة على الدعم الأميركي لدولة الاحتلال عبر سياسة المناورة والمراوغة.
وأشار إلى أن الإدارة الأميركية منذ عهد الرئيس بوش الابن تبنّت مبدأ حل الدولتين، غير أن نتنياهو استطاع الالتفاف على هذا الطرح من خلال التفاوض دون تقديم تنازلات حقيقية، وهو ما قاد إلى انسداد أفق تحقيق هذا الحل اليوم.
وأضاف: "وهذا يُظهر قدرة نتنياهو على اللعب السياسي الذكي مع الإدارات الأميركية، دون أن يعرّض العلاقة الإستراتيجية بين البلدين لأي مخاطر."
واختتم شنيكات بالتأكيد على أن أحد أبرز عوامل القوة الإسرائيلية في الولايات المتحدة يتمثل في النفوذ الكبير الذي تحظى به داخل الكونغرس، ما يُبقي السياسة الأميركية تجاه دولة الاحتلال تحت السيطرة حتى وإن ظهرت توجهات معاكسة من بعض الإدارات الأميركية.
وأكد أن هذا التحالف راسخ تدعمه قناعة أميركية واسعة ترى في الكيان الصهيوني حليفا إستراتيجيا موثوقا، في إطار علاقة تحالف تاريخية يصعب زعزعتها.
تأثير الدولة العميقة
بدوره، رأى المحلل السياسي الدكتور بدر الماضي أن من المبكر إصدار أحكام قاطعة بشأن مستقبل العلاقات الأميركية الإسرائيلية في الوقت الراهن، مشيرا إلى أن التوتر الحالي يمكن وضعه ضمن إطار الخلاف الشخصي بين ترامب ونتنياهو.
وأكد أن تقييم هذه العلاقة يجب أن يستند إلى البُعد التاريخي العميق الذي يربط الجانبين، إضافة إلى التأثير المتواصل لما يُعرف بالدولة العميقة في كلا البلدين، والتي ما زالت تنظر إلى دولة الاحتلال باعتبارها ركيزة أساسية في إستراتيجية الأمن القومي الأميركي.
وأوضح الماضي أن واشنطن تدرك جيدا أن نتنياهو يتخذ مواقفه الحالية في محاولة لحماية نفسه من التداعيات التي قد تلاحقه بعد انتهاء الحرب الجارية، مبينا أن رئيس وزراء الكيان الصهيوني يسعى لفرض رؤيته السياسية خلال فترة إدارة ترامب.
واستدرك: "إلا أن هذا المسعى يصطدم حتى الآن برفض من الرئيس الأميركي، الذي يسعى لإيجاد حلول مبتكرة للأزمة دون أن ينجح حتى اللحظة في فرض شروطه على الحكومة الإسرائيلية".
وأضاف إن ترامب يمتلك الأدوات اللازمة للضغط على نتنياهو، بما في ذلك تحريك الرأي العام الأميركي ضده، غير أن هذه الخيارات لم تُطرح بعد بشكل جدي على الطاولة.
وتوقع أن يتدخل عدد من الوسطاء في محاولة لإعادة العلاقات بين واشنطن وتل أبيب إلى مسارها الطبيعي، خاصة وأن نتنياهو يدرك أن حكومته غير قادرة على مواصلة الحكم دون الغطاء والدعم الأميركيين اللذين يوفران للكيان الصهيوني بيئة أكثر استقرارا وأمنا.
صراع شخصي
وأشار الماضي إلى أن الأمور قد تتجه في الأيام المقبلة إلى مزيد من التعقيد، لا سيما إذا أصر نتنياهو على التمرد على التوجيهات الأميركية، وهو موقف سيلحق به خسائر إستراتيجية على المدى المتوسط قبل المدى البعيد.
وألمح إلى أن الأيام المقبلة قد تشهد مبادرات لإعادة ضبط العلاقات، خاصة مع توجه وفد تفاوضي إسرائيلي إلى الدوحة، وما تبعث به حركة حماس من رسائل تفيد باستعدادها للتنازل عن مواقعها السياسية والعسكرية داخل قطاع غزة.
واختتم الماضي حديثه بالتأكيد أن الشعب الفلسطيني في غزة سيظل الضحية الأكبر في هذه المعادلات في ظل معاناته المتفاقمة جراء الحرب والصراعات الإقليمية المستمرة.
خيبة أمل ترامب
أما الخبير الإستراتيجي والمحلل السياسي الدكتور منذر الحوارات، فيرى أن الخلاف القائم بين نتنياهو وإدارة ترامب لا يحمل في طياته بُعدا إستراتيجيا عميقا، بل يقتصر على تباين في وجهات النظر بين شخصيتين لكل منهما مواقفه وحساباته الخاصة.
وأشار الحوارات إلى أن دولة الاحتلال، رغم محاولاتها إظهار هامش من الاستقلالية، تعتمد بشكل شبه كامل على الدعم الأميركي، سواء في الجانب العسكري أو السياسي والدبلوماسي، فضلا عن المظلة الأمنية التي توفرها واشنطن لها.
وقال: "مع أن لدولة الاحتلال نفوذا ملموسا داخل السياسة الأميركية الداخلية، إلا أن ترامب اليوم يبدو أكثر تحررا في مواقفه، رغم أنه ليس منفلتا بالكامل من قيود الواقع السياسي".
وأوضح أن جذور الخلاف الحالي تعود إلى خيبة أمل ترامب من تصرفات نتنياهو لاسيما بعد أن أعاد الأخير إشعال الحرب على غزة، في حين كان ترامب يتباهى بقدرته على إيقاف التصعيد في القطاع خلال فترة حكمه، كما كان يسعى لترتيب صفقة تعيد إعمار غزة وتفتح آفاقا اقتصادية مربحة للشركات الأميركية.
وأشار إلى أن ترامب سبق أن فرض على الكيان الصهيوني عدم المضي قدما في احتلال غزة، إلا أن التطورات الأخيرة أظهرت أن دولة الاحتلال تعيد احتلال القطاع فعليا، ما تسبب في إحراج ترامب أمام المجتمع الدولي، وأثار حالة من الانقسام الداخلي الأميركي.
رئيس أميركي متحرّر من الضغوط
وفي سياق متصل، لفت الحوارات إلى أن ترامب لم يغفر لنتنياهو تهنئته للرئيس السابق جو بايدن بعد فوزه في الانتخابات، ما أدى إلى فتور واضح في العلاقات بين الرجلين وهو ما تجلى في انقطاع التواصل المباشر بينهما، وتجاهل إسرائيل لزيارة ترامب الأخيرة إلى السعودية ودول الخليج.
وأكد أن هذا الخلاف "لن يتعدى حدود النزاع قصير الأمد، وهو أشبه بمحاولة من ترامب لتأديب نتنياهو على بعض السلوكيات التي اعتبرها مرفوضة في عدد من الملفات الحساسة".
وشدد الحوارات على أن نتنياهو يتصرف حاليا بهامش أكبر من الحرية لغياب الضغوط الانتخابية داخل دولة الاحتلال، لكنه على المدى البعيد سيضطر للخضوع للضغوط الأميركية؛ لأن المصالح الإستراتيجية لواشنطن ستبقى أولوية تتفوق على اعتبارات العلاقة مع نتنياهو أو حتى الكيان الصهيوني، خاصة أن واشنطن تمتلك أوراق ضغط قوية عسكريا واقتصاديا وإعلاميا، ولن تسمح لنتنياهو بإطالة أمد الخلاف كثيرا.
ويُجمع هؤلاء الخبراء على أن دولة الاحتلال باتت جزءا لا يتجزأ من منظومة السياسة الداخلية الأميركية، بما يجعل أي خلافات تظهر بين الطرفين مجرد تباينات تكتيكية تتم إدارتها خلف الأبواب المغلقة دون أن تمس بجوهر هذا التحالف.
وعلى الرغم من أن التوترات الراهنة بين إدارة الرئيس دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو طغت على المشهد العام، يرى محللون أن هذه التوترات تعكس بالدرجة الأولى صراعا شخصيا وسياسيا بين الزعيمين أكثر من كونها خلافا إستراتيجيا حقيقيا.
ويرون أن الخلاف لا يتعدى كونه نزاعا محدودا في إطار الحسابات الشخصية والمصالح الضيقة لكل طرف، ولا يُتوقع أن يؤثر على الإطار العام للعلاقات بين واشنطن وتل أبيب.
ومع ذلك، يبرز التحذير من أن استمرار نتنياهو في سياساته التصعيدية قد يدفع الإدارة الأميركية مستقبلا لاستخدام أدوات ضغط أكثر فعالية لضمان عدم خروج الأمور عن السيطرة، مع التأكيد أن الخاسر الأكبر في هذه المعادلات المعقدة يظل الشعب الفلسطيني الذي يدفع الثمن الباهظ من هذه السياسات والصراعات الإقليمية.
تحالف عابر للإدارات
في هذا الشأن، قال رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية الدكتور خالد شنيكات أن العلاقات بين الولايات المتحدة ودولة الاحتلال تتسم بالثبات والاستمرارية، إذ تقوم على أسس متينة وتحالف إستراتيجي عميق يمتد لعقود طويلة في المنطقة.
وأشار إلى أن دولة الاحتلال باتت جزءا لا يتجزأ من معادلة السياسة الداخلية الأميركية، الأمر الذي يضمن لها دعما شبه مطلق من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، على حد سواء.
وأوضح شنيكات "حتى لو افترضنا، بشكل نظري بحت، أن إدارة مثل إدارة ترامب قد تتجه نحو إنهاء سياسات داعمة للكيان، فإن الكونغرس الأميركي، بمجلسيه، سيظل يشكل دعامة قوية لاستمرار الدعم اللامحدود لدولة الاحتلال، نظرا لما يمثله هذا الدعم من شبه توافق وطني أميركي".
وأضاف إن هذه العلاقة، رغم ما قد يعتريها من خلافات، إلا أن إدارتها تتم غالبا خلف الأبواب المغلقة، حيث تُناقش التباينات وتُعالج بعيدا عن الأضواء، كما هو الحال في مسألة الموقف من قطاع غزة.
وتابع شنيكات "إذ قد تظهر دولة الاحتلال استعدادا لوقف دائم لإطلاق النار، لكنها في الوقت ذاته تربط ذلك بجملة من الشروط الصارمة، مثل تسليم الأسرى وسيطرة كاملة على القطاع، وإجبار المقاومة الفلسطينية بما فيها حماس على الاستسلام، محاولة بذلك تحميل المسؤولية كاملة للطرف الفلسطيني أمام الإدارة الأميركية، وتصوير الحركة كعقبة رئيسة أمام أي تسوية محتملة".
اللعب السياسي الذكي
وفي السياق ذاته، لفت شنيكات إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يمتلك خبرة طويلة ومهارات عالية في إدارة العلاقات مع الولايات المتحدة، إذ إن كثيرا ما دخل في مواجهات سياسية مع إدارات أميركية كما حدث مع إدارة أوباما، ومع ذلك استطاع المحافظة على الدعم الأميركي لدولة الاحتلال عبر سياسة المناورة والمراوغة.
وأشار إلى أن الإدارة الأميركية منذ عهد الرئيس بوش الابن تبنّت مبدأ حل الدولتين، غير أن نتنياهو استطاع الالتفاف على هذا الطرح من خلال التفاوض دون تقديم تنازلات حقيقية، وهو ما قاد إلى انسداد أفق تحقيق هذا الحل اليوم.
وأضاف: "وهذا يُظهر قدرة نتنياهو على اللعب السياسي الذكي مع الإدارات الأميركية، دون أن يعرّض العلاقة الإستراتيجية بين البلدين لأي مخاطر."
واختتم شنيكات بالتأكيد على أن أحد أبرز عوامل القوة الإسرائيلية في الولايات المتحدة يتمثل في النفوذ الكبير الذي تحظى به داخل الكونغرس، ما يُبقي السياسة الأميركية تجاه دولة الاحتلال تحت السيطرة حتى وإن ظهرت توجهات معاكسة من بعض الإدارات الأميركية.
وأكد أن هذا التحالف راسخ تدعمه قناعة أميركية واسعة ترى في الكيان الصهيوني حليفا إستراتيجيا موثوقا، في إطار علاقة تحالف تاريخية يصعب زعزعتها.
تأثير الدولة العميقة
بدوره، رأى المحلل السياسي الدكتور بدر الماضي أن من المبكر إصدار أحكام قاطعة بشأن مستقبل العلاقات الأميركية الإسرائيلية في الوقت الراهن، مشيرا إلى أن التوتر الحالي يمكن وضعه ضمن إطار الخلاف الشخصي بين ترامب ونتنياهو.
وأكد أن تقييم هذه العلاقة يجب أن يستند إلى البُعد التاريخي العميق الذي يربط الجانبين، إضافة إلى التأثير المتواصل لما يُعرف بالدولة العميقة في كلا البلدين، والتي ما زالت تنظر إلى دولة الاحتلال باعتبارها ركيزة أساسية في إستراتيجية الأمن القومي الأميركي.
وأوضح الماضي أن واشنطن تدرك جيدا أن نتنياهو يتخذ مواقفه الحالية في محاولة لحماية نفسه من التداعيات التي قد تلاحقه بعد انتهاء الحرب الجارية، مبينا أن رئيس وزراء الكيان الصهيوني يسعى لفرض رؤيته السياسية خلال فترة إدارة ترامب.
واستدرك: "إلا أن هذا المسعى يصطدم حتى الآن برفض من الرئيس الأميركي، الذي يسعى لإيجاد حلول مبتكرة للأزمة دون أن ينجح حتى اللحظة في فرض شروطه على الحكومة الإسرائيلية".
وأضاف إن ترامب يمتلك الأدوات اللازمة للضغط على نتنياهو، بما في ذلك تحريك الرأي العام الأميركي ضده، غير أن هذه الخيارات لم تُطرح بعد بشكل جدي على الطاولة.
وتوقع أن يتدخل عدد من الوسطاء في محاولة لإعادة العلاقات بين واشنطن وتل أبيب إلى مسارها الطبيعي، خاصة وأن نتنياهو يدرك أن حكومته غير قادرة على مواصلة الحكم دون الغطاء والدعم الأميركيين اللذين يوفران للكيان الصهيوني بيئة أكثر استقرارا وأمنا.
صراع شخصي
وأشار الماضي إلى أن الأمور قد تتجه في الأيام المقبلة إلى مزيد من التعقيد، لا سيما إذا أصر نتنياهو على التمرد على التوجيهات الأميركية، وهو موقف سيلحق به خسائر إستراتيجية على المدى المتوسط قبل المدى البعيد.
وألمح إلى أن الأيام المقبلة قد تشهد مبادرات لإعادة ضبط العلاقات، خاصة مع توجه وفد تفاوضي إسرائيلي إلى الدوحة، وما تبعث به حركة حماس من رسائل تفيد باستعدادها للتنازل عن مواقعها السياسية والعسكرية داخل قطاع غزة.
واختتم الماضي حديثه بالتأكيد أن الشعب الفلسطيني في غزة سيظل الضحية الأكبر في هذه المعادلات في ظل معاناته المتفاقمة جراء الحرب والصراعات الإقليمية المستمرة.
خيبة أمل ترامب
أما الخبير الإستراتيجي والمحلل السياسي الدكتور منذر الحوارات، فيرى أن الخلاف القائم بين نتنياهو وإدارة ترامب لا يحمل في طياته بُعدا إستراتيجيا عميقا، بل يقتصر على تباين في وجهات النظر بين شخصيتين لكل منهما مواقفه وحساباته الخاصة.
وأشار الحوارات إلى أن دولة الاحتلال، رغم محاولاتها إظهار هامش من الاستقلالية، تعتمد بشكل شبه كامل على الدعم الأميركي، سواء في الجانب العسكري أو السياسي والدبلوماسي، فضلا عن المظلة الأمنية التي توفرها واشنطن لها.
وقال: "مع أن لدولة الاحتلال نفوذا ملموسا داخل السياسة الأميركية الداخلية، إلا أن ترامب اليوم يبدو أكثر تحررا في مواقفه، رغم أنه ليس منفلتا بالكامل من قيود الواقع السياسي".
وأوضح أن جذور الخلاف الحالي تعود إلى خيبة أمل ترامب من تصرفات نتنياهو لاسيما بعد أن أعاد الأخير إشعال الحرب على غزة، في حين كان ترامب يتباهى بقدرته على إيقاف التصعيد في القطاع خلال فترة حكمه، كما كان يسعى لترتيب صفقة تعيد إعمار غزة وتفتح آفاقا اقتصادية مربحة للشركات الأميركية.
وأشار إلى أن ترامب سبق أن فرض على الكيان الصهيوني عدم المضي قدما في احتلال غزة، إلا أن التطورات الأخيرة أظهرت أن دولة الاحتلال تعيد احتلال القطاع فعليا، ما تسبب في إحراج ترامب أمام المجتمع الدولي، وأثار حالة من الانقسام الداخلي الأميركي.
رئيس أميركي متحرّر من الضغوط
وفي سياق متصل، لفت الحوارات إلى أن ترامب لم يغفر لنتنياهو تهنئته للرئيس السابق جو بايدن بعد فوزه في الانتخابات، ما أدى إلى فتور واضح في العلاقات بين الرجلين وهو ما تجلى في انقطاع التواصل المباشر بينهما، وتجاهل إسرائيل لزيارة ترامب الأخيرة إلى السعودية ودول الخليج.
وأكد أن هذا الخلاف "لن يتعدى حدود النزاع قصير الأمد، وهو أشبه بمحاولة من ترامب لتأديب نتنياهو على بعض السلوكيات التي اعتبرها مرفوضة في عدد من الملفات الحساسة".
وشدد الحوارات على أن نتنياهو يتصرف حاليا بهامش أكبر من الحرية لغياب الضغوط الانتخابية داخل دولة الاحتلال، لكنه على المدى البعيد سيضطر للخضوع للضغوط الأميركية؛ لأن المصالح الإستراتيجية لواشنطن ستبقى أولوية تتفوق على اعتبارات العلاقة مع نتنياهو أو حتى الكيان الصهيوني، خاصة أن واشنطن تمتلك أوراق ضغط قوية عسكريا واقتصاديا وإعلاميا، ولن تسمح لنتنياهو بإطالة أمد الخلاف كثيرا.
0 تعليق