أجرى الحوار: عبدالله إلهامي – رئيس التحرير
- زيارة ترمب للسعودية تؤكد أن الخليج أولوية للسياسة الخارجية الأمريكية
- دور محوري للسعودية في استقرار المنطقة وصياغة حلول مستدامة للتحديات الراهنة
- الولايات المتحدة تُعيد تأكيد التزامها بشراكاتها التاريخية مع دول الخليج
- دول الخليج تنظر إلى علاقتها بواشنطن من منطلق شراكة استراتيجية متكاملة
- القمة الخليجية – الأمريكية تؤكد التزام الجانبين بتعزيز الشراكة الاستراتيجية
- التوجه العام يتمحور حول تعزيز التنسيق الدفاعي ودعم النمو الاقتصادي
- إدارة ترامب تنتهج مقاربة واقعية تقوم على احترام سيادة شركائها
- موقع البحرين الجيوسياسي يجعلها طرفاً في أي رؤية أمريكية لتعزيز التعاون الإقليمي
بالتزامن مع أول زيارة خارجية للرئيس الأمريكي دونالد ترمب منذ عودته إلى البيت الأبيض، والتي بدأها من العاصمة السعودية الرياض، تشهد المنطقة تحركات دبلوماسية نشطة تعيد صياغة العلاقة الخليجية – الأمريكية بما يتماشى مع التحولات الجيوسياسية والاقتصادية الراهنة.
ويرافق الرئيس ترمب في زيارته وفد رفيع من المسؤولين في الإدارة الأمريكية، من بينهم المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأميركية صامويل وربيرغ، الذي تحدث لـ"الوطن" من الرياض، موضحاً ملامح السياسة الأمريكية الجديدة تجاه الخليج، وأهداف القمة الخليجية – الأمريكية، وموقع البحرين في الشراكة الاستراتيجية والتي وصفها بأنها شريك لا غنى عنه بالاستقرار الإقليمي، إضافة إلى الموقف من الانفتاح الخليجي على القوى الدولية الأخرى
كما تحدث صامويل عن تأسيس تحالف حديث مع دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تسعى واشنطن إلى الارتقاء بالعلاقة من تحالف أمني تقليدي إلى شراكة استراتيجية شاملة. وفيما يلي الحوار:
المحور الأول: زيارة الرئيس ترمب إلى السعودية والقمة الخليجية الأمريكية
زيارة الرئيس دونالد ترمب إلى السعودية هي الأولى منذ عودته إلى البيت الأبيض. ما الرسائل التي تحملها هذه الزيارة تجاه الخليج والمنطقة؟
- تحمل زيارة الرئيس دونالد ترمب إلى المملكة العربية السعودية رسائل استراتيجية واضحة تؤكد أن منطقة الخليج لا تزال في صميم أولويات السياسة الخارجية الأمريكية. واختيار الرياض كمحطة أولى في أول جولة خارجية منذ عودته إلى الرئاسة يعكس إدراكاً راسخاً بأهمية السعودية ودورها المحوري في أمن واستقرار المنطقة، وفي صياغة حلول مستدامة للتحديات الراهنة.
الرسالة المركزية هي أن الولايات المتحدة تُعيد تأكيد التزامها بشراكاتها التاريخية مع دول الخليج، وتعمل على تحديث هذه الشراكات لتواكب تحوّلات القرن الحادي والعشرين، سواء على صعيد الأمن الإقليمي أو الاقتصاد المتكامل أو الابتكار. كما تأتي الزيارة في توقيت بالغ الدقة لتفعيل قنوات التنسيق السياسي وتوسيع أطر التعاون الدفاعي والتنموي، بما يضع أسساً جديدة لشراكة طويلة الأمد ومبنية على المصالح المتبادلة.
ما حجم الأهمية التي توليها الإدارة الأمريكية الجديدة لتعزيز التحالف مع دول مجلس التعاون؟ وهل هناك تغييرات واضحة في أولويات السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط؟
- الإدارة الأمريكية تنظر إلى دول مجلس التعاون الخليجي كشركاء استراتيجيين لا غنى عنهم، وتسعى إلى الارتقاء بالعلاقة من تحالف أمني تقليدي إلى شراكة استراتيجية شاملة تشمل الاقتصاد، والتكنولوجيا، والطاقة، والاستقرار الإقليمي.
وفي ضوء التغيرات الجيوسياسية العالمية، هناك إدراك متزايد بأن استقرار الخليج يُعد ركيزةً للأمن العالمي، ولذلك تعمل واشنطن على تحديث أولوياتها بما يعكس هذا الواقع. رغم أن المبادئ الجوهرية للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط لم تتغير — مثل دعم الشركاء، ومكافحة الإرهاب، وضمان أمن الطاقة — إلا أن الأدوات تتطور لتعكس مقاربات أكثر تكاملاً واستدامة، مثل تعزيز الردع الذكي، ودعم الابتكار، وتمكين الحلفاء في صياغة حلول سياسية إقليمية.
كيف ترى واشنطن تطلعات دول الخليج نحو شراكة استراتيجية متوازنة تقوم على المصالح المتبادلة، وليس فقط على أطر الدعم الأمني التقليدية؟
- الولايات المتحدة ترحّب بهذه التطلعات الخليجية وتراها منسجمة تماماً مع رؤيتها لشراكة أكثر توازناً ونضجاً. فالشراكة الحقيقية، في نظر واشنطن، لا تقوم فقط على توفير الدعم الأمني، بل على التعاون الثنائي والمتعدد في مجالات حيوية مثل الاقتصاد الرقمي، والطاقة المتجددة، والابتكار التكنولوجي، والتعليم العالي.
الإدارة الأمريكية تُدرك أن دول الخليج لم تعد تنظر إلى علاقتها بواشنطن من زاوية أمنية ضيقة، بل من منطلق شراكة استراتيجية متكاملة تقوم على تبادل المنافع، وتطابق الرؤى في قضايا التنمية والاستقرار.
ولهذا، تسعى الولايات المتحدة إلى توسيع أدوات التعاون، وتطوير آليات الحوار السياسي والاقتصادي، بما يعكس نضج العلاقة وتحوّلها إلى نموذج يُحتذى في العلاقات الدولية الحديثة.
المحور الثاني: مخرجات القمة الخليجية – الأمريكية
ما هي النتائج المنتظرة من القمة الخليجية – الأمريكية المنعقدة اليوم؟ وهل جرى التوافق على أولويات واضحة للتعاون في مجالات الدفاع، الاقتصاد، والتكنولوجيا؟
- القمة الخليجية – الأمريكية تُشكّل محطة مهمة لتأكيد التزام الجانبين بتعزيز الشراكة الاستراتيجية، وتُعد فرصة لتوسيع مجالات التعاون في ضوء التحديات والمتغيرات الإقليمية والدولية. بينما لا تزال النقاشات جارية، فإن التوجه العام يتمحور حول تعزيز التنسيق الدفاعي، ودعم مسارات النمو الاقتصادي، وتوسيع التعاون في مجالات التكنولوجيا والابتكار.
الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي تتشارك رؤية متقاربة تقوم على ضرورة بناء شراكات عملية تستجيب لتحديات الأمن الإقليمي، والتحولات في سوق الطاقة، والتحول الرقمي، مع التركيز على الاستدامة والتكامل في مواجهة الأزمات.
هل هناك توجه أمريكي لدعم مشاريع تكامل خليجية (دفاعية – اقتصادية – رقمية) بصفتها أداة للاستقرار الإقليمي؟
- نعم، الولايات المتحدة تُشجّع بقوة جهود التكامل الإقليمي بين دول مجلس التعاون، وترى في هذه المبادرات أداة فعالة لتعزيز الاستقرار وتحقيق الاعتماد المتبادل بين الشركاء. سواء في مجال الدفاع المشترك، أو البنية التحتية الرقمية، أو المشاريع الاقتصادية العابرة للحدود، فإن واشنطن تعتبر هذه الخطوات مؤشراً على نضج العلاقة الخليجية البينية، وتدعم تطويرها من خلال الشراكات التقنية، وتبادل الخبرات، والمبادرات الثنائية والمتعددة الأطراف. الاستقرار الإقليمي لا يمكن فصله عن التكامل بين دول المنطقة، والولايات المتحدة ترى نفسها شريكاً داعماً في هذا الاتجاه.
ما موقع البحرين ضمن هذه التفاهمات الاستراتيجية الجديدة، خصوصاً بالنظر إلى موقعها الجيوسياسي ودورها في استقرار الخليج؟
- البحرين تُعد شريكاً موثوقاً وطرفاً فاعلاً في معادلة الاستقرار الإقليمي. علاقات المنامة وواشنطن تمتد لعقود، وتشمل تعاوناً وثيقاً في مجالات الدفاع، ومكافحة الإرهاب، والتنسيق الأمني البحري. موقع البحرين الجيوسياسي في قلب الخليج العربي، إلى جانب التزامها المستمر بالعمل الجماعي الخليجي، يجعل منها طرفاً رئيسياً في أي رؤية أمريكية لتعزيز التعاون الإقليمي.
كما تستضيف المنامة مقر الأسطول الخامس الأمريكي، ما يعكس عمق العلاقة الدفاعية بين البلدين. في السياق الأوسع، تُرحب واشنطن بمشاركة البحرين في أي مبادرات تكاملية خليجية، وتعتبرها شريكًا ملتزمًا بالاستقرار والتنمية.
المحور الثالث: موقف واشنطن من التحولات الإقليمية والدولية
كيف تنظر الإدارة الأمريكية الحالية إلى انفتاح دول الخليج على الصين وروسيا والهند؟ وهل ترى واشنطن في ذلك توازناً مشروعاً أم تحدياً لتحالفها التاريخي مع الخليج؟
- الولايات المتحدة تحترم حق دول الخليج في تنويع علاقاتها الدولية، وتُدرك أن النظام العالمي يشهد تحولاً متسارعاً في طبيعة الشراكات الاقتصادية والاستراتيجية. ما يهم واشنطن بالدرجة الأولى هو أن تظل شراكتها مع دول الخليج قوية، قائمة على الشفافية والمصالح المتبادلة، وأن يتم أي انفتاح خارجي بما يعزز استقرار المنطقة ولا يتناقض مع التزامات الشراكة.
الإدارة الأمريكية لا تطلب من شركائها “الاختيار” بين علاقات دولية متعددة، لكنها تؤمن أن العلاقة مع الولايات المتحدة تتميز بعمق استراتيجي، واستثمار طويل الأمد في الأمن، الاقتصاد، والابتكار لا يتوفر بالضرورة في علاقات أخرى. ومن هذا المنطلق، لا تنظر إلى هذه الانفتاحات كمصدر قلق بحد ذاتها، بل كمؤشر على تطور السياسات الخليجية، ما دامت تتم في إطار يحفظ الاستقرار.
ما الفرق بين موقف واشنطن الآن مقارنة بالإدارة السابقة تجاه استقلال القرار الخليجي في بناء الشراكات الدولية؟
- إدارة الرئيس ترامب تنتهج مقاربة واقعية تقوم على احترام سيادة شركائها، وفهم خصوصياتهم الوطنية والإقليمية. هناك إدراك متزايد بأن دول الخليج تسعى إلى تنويع شراكاتها بما يتماشى مع مصالحها الاستراتيجية، وواشنطن تتعامل مع هذا التوجه بمرونة وانفتاح. خلافاً لما قد يُفترض، لم تتغير المبادئ الأساسية للسياسة الأمريكية — فالعلاقة مع الخليج لا تزال محورية — لكن الأدوات واللغة تطورت لتراعي حساسية المرحلة.
الولايات المتحدة اليوم تسعى إلى شراكة تقوم على الثقة المتبادلة، والتنسيق طويل الأمد، مع تشجيع دول الخليج على تطوير قدراتها، وتعزيز استقلالها ضمن إطار تحالفي يعكس نضج العلاقة.
المحور الرابع: العلاقات الثنائية مع البحرين
تعدّ البحرين من أقدم الحلفاء الاستراتيجيين للولايات المتحدة في المنطقة. ما هي أبرز مسارات التعاون الثنائية الجاري تعزيزها اليوم؟
- العلاقة بين الولايات المتحدة والبحرين تمتد لعقود، وتشكل نموذجاً متقدماً للشراكة الاستراتيجية في المنطقة. من خلال التنسيق الدفاعي العميق، والمصالح الأمنية المشتركة، تُعد البحرين ركيزة أساسية للوجود الأمريكي في الخليج، إذ تستضيف مقر الأسطول الخامس للقوات البحرية الأمريكية، وتساهم بدور فعّال في حفظ أمن الملاحة البحرية، ومكافحة الإرهاب، وتعزيز الاستقرار الإقليمي.
إلى جانب التعاون الأمني، تعمل واشنطن والمنامة على توسيع الشراكة في مجالات الاقتصاد الرقمي، والبنية التحتية، والخدمات اللوجستية، مع اهتمام مشترك بتعزيز الابتكار والاستثمار في القطاعات المستقبلية. اليوم، يتم العمل على تطوير التعاون الثنائي بما يعكس تحوّلات المنطقة، ويعزز من قدرة البحرين على مواكبة أولوياتها التنموية، ضمن علاقة تقوم على الاحترام والمصالح المتبادلة.
هل هناك برامج أمريكية جديدة في مجالات الأمن السيبراني، التعليم العالي، الطاقة المتجددة، أو التبادل الثقافي مع البحرين؟
- الولايات المتحدة والبحرين تعملان على تعزيز تعاونهما في مجالات استراتيجية تتماشى مع طبيعة التحديات الحديثة، وعلى رأسها الأمن السيبراني. ويأتي ذلك ضمن الحوار الاستراتيجي الثنائي، حيث يتم التركيز على بناء القدرات، وتبادل الخبرات، وتطوير أنظمة الحماية الرقمية لمواجهة التهديدات المتصاعدة في هذا المجال الحيوي. كما تُبدي الولايات المتحدة اهتماماً متزايداً بدعم جهود البحرين في التحول إلى الطاقة المتجددة، بما في ذلك استكشاف فرص التعاون في مجالات مثل الطاقة الشمسية، والهيدروجين، وتقنيات الكفاءة الطاقية.
هذا التعاون يُعد جزءاً من رؤية أوسع لتعزيز التنمية المستدامة، ودعم أولويات البحرين الوطنية في تنويع مصادر الطاقة وتحقيق الأمن البيئي.
0 تعليق