أُطلقت فعاليات المؤتمر العلمي السنوي الذي ينظمه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء بالتعاون مع كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، تحت عنوان "الإصلاحات الهيكلية والمؤسسية في مصر: الطريق إلى نمو مستدام"، وذلك برعاية الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، بمقر العاصمة الإدارية الجديدة.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي، في كلمته التي ألقاها عبر تقنية الفيديو كونفرانس، أن المؤتمر يعكس شراكة متميزة بين واحدة من أعرق المؤسسات الأكاديمية في مصر، وهي جامعة القاهرة، ومركز فكر حكومي رائد، يتمثل في مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار. وشدد على أهمية توقيت انعقاد المؤتمر في ظل متغيرات اقتصادية عالمية دقيقة، من بينها التباطؤ الملحوظ في النمو العالمي، وارتفاع مستويات عدم اليقين بشأن السياسات، ما يفرض تحديات معقدة أمام صناع القرار حول العالم.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن النظام الاقتصادي العالمي، القائم منذ ثمانين عامًا على مبادئ التعاون الدولي والتعددية، يشهد حاليًا إعادة تشكيل، إيذانًا ببدء مرحلة اقتصادية جديدة ما زالت معالمها غير واضحة، مؤكدًا أن المؤتمر يكتسب أهمية خاصة في هذا السياق، لما يقدمه من رؤى إصلاحية تدعم التنمية المستدامة في مصر.
ومن جانبها، أوضحت الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، في كلمتها عبر الفيديو كونفرانس، أن الدولة المصرية تبذل جهودًا كبيرة لتعزيز مرونة الاقتصاد الوطني، وقدرته على التكيف مع الأزمات. واستعرضت أبرز الإصلاحات المؤسسية والهيكلية التي نُفذت في قطاعات حيوية مثل البترول والنقل والسياحة، مؤكدة أن المؤتمر يمثل منصة مهمة لمناقشة دور هذه الإصلاحات في دعم أهداف التنمية المستدامة.
وفي كلمته خلال الجلسة الافتتاحية، أشار الدكتور محمد سامي عبدالصادق، رئيس جامعة القاهرة، إلى أن المؤتمر يُعد ثمرة تعاون علمي رصين بين كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ومركز المعلومات، ويسلط الضوء على قضية الإصلاح الهيكلي والمؤسسي كأحد محاور التنمية الوطنية المستدامة، في ظل تحديات سياسية واقتصادية واجتماعية متداخلة، تفرض ضرورة إجراء إصلاحات جذرية شاملة قادرة على تحقيق تحول نوعي في مسار التنمية.

وأوضح عبدالصادق أن الحكومة المصرية شرعت منذ عام 2016 في تنفيذ برنامج وطني للإصلاحات الهيكلية، تواصل في مرحلته الثانية عام 2021، متسقًا مع رؤية مصر 2030، ويهدف إلى تعزيز الابتكار، وتحسين مناخ الأعمال، وتحقيق تنمية اقتصادية متوازنة.
كما استعرض تجربة جامعة القاهرة في دعم جهود الإصلاح والتنمية، من خلال منظومة بحثية وخدمية ضخمة تشمل أكثر من 140 مركزًا متخصصًا، تقدم دراسات علمية وبحوثًا تطبيقية تساهم في ترشيد السياسات العامة ودعم متخذي القرار. وأكد أن الجامعة حققت قفزات ملموسة في التصنيفات الدولية، وفي جودة البحث العلمي والاستشهادات المرجعية، مشيرًا إلى إنشاء مكتب للاستدامة يعد الأول من نوعه على مستوى الجامعات الحكومية المصرية، وذلك لتعزيز الاستدامة المؤسسية وإعداد كوادر قادرة على تقديم حلول بيئية مبتكرة.
وأضاف أن الجامعة حصدت المرتبة الفضية في تصنيف STARS لتقييم الاستدامة، وتعمل حاليًا على تحقيق المرتبة الذهبية، كما أنها أدرجت ضمن أفضل 300 جامعة في تصنيف QS البريطاني.

من جهته، شدد الدكتور أسامة الجوهري، مساعد رئيس مجلس الوزراء ورئيس مركز المعلومات، على أهمية المؤتمر السنوي لعام 2025 كمحطة رئيسية لتقديم توصيات عملية لصناع القرار تدعم خطط الإصلاح والتنمية المستدامة في مصر، لافتًا إلى أن المؤتمر يأتي في ظل ظروف اقتصادية عالمية ضاغطة، من أبرزها ارتفاع التعريفات الجمركية وتباطؤ معدلات النمو العالمي، فضلًا عن التحديات الداخلية التي يواجهها الاقتصاد المصري، ومساعيه نحو استعادة التوازن وتحقيق النمو.
وألقى الدكتور محمود محيي الدين، المدير التنفيذي بصندوق النقد الدولي، كلمته عبر الفيديو كونفرانس، متناولًا أبرز المعضلات الاقتصادية التي تواجه مصر، على رأسها تصاعد الدين الخارجي، وقدم تصورًا لأولويات ما بعد انتهاء البرنامج الحالي مع صندوق النقد، والتي تشمل النمو والتشغيل، وتراكم الاستثمار، وتمويل التنمية، والإدارة الرشيدة للدين، والتحكم في عجز الموازنة، وخفض التضخم، وتعزيز الصادرات، وتحقيق منافسة اقتصادية عادلة، وتوطين التنمية.
وأكد محيي الدين أهمية تطوير السياسات العامة لتحقيق نمو اقتصادي شامل ومستدام، مع التركيز على التمكين الاقتصادي، والتنويع، والتحول الرقمي، والاستثمار في رأس المال البشري، والاقتصاد الأخضر، والبنية التكنولوجية، مؤكدًا أن كل ذلك يأتي في إطار أهداف التنمية المستدامة.
في السياق ذاته، أوضحت الدكتورة أمنية حلمي، رئيس المؤتمر وأستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، أن انعقاد المؤتمر يتزامن مع الاحتفال بمرور 40 عامًا على تأسيس مركز المعلومات، الذي أصبح أحد أبرز مؤسسات الفكر الرائدة محليًا وإقليميًا ودوليًا. وأشارت إلى حصول كلية الاقتصاد على الاعتماد المؤسسي الدولي بأعلى تصنيف من كبرى الجهات البريطانية، مؤكدة أن العالم يمر بتحديات غير مسبوقة، بدأت بجائحة كورونا، وتواصلت مع الحرب الروسية الأوكرانية، ما انعكس على مؤشرات الاقتصاد العالمي.

وشددت حلمي على أن المؤتمر يستهدف دعم جهود الدولة لتحقيق استقرار اقتصادي كلي ومستدام، واستعادة التوازنين الداخلي والخارجي، عبر مناقشة إصلاحات مؤسسية وهيكلية تعزز مناعة الاقتصاد المصري أمام الصدمات.

وفي كلمتها، أكدت الدكتورة حنان محمد علي، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن الشراكة بين الكلية ومركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار تعكس نموذجًا ناجحًا للتكامل بين البحث الأكاديمي والتطبيق العملي في مجالات السياسات العامة. وأضافت أن المؤتمر يتضمن عددًا من الجلسات النقاشية والبحثية، تتناول ملفات الإصلاح المالي والتجاري، والتعليم والصحة، وسوق العمل، وتبادل الخبرات بين الباحثين والخبراء من داخل وخارج مصر.
وشهد فعاليات المؤتمر حضور الدكتور محمد سامي عبد الصادق رئيس جامعة القاهرة، والدكتور محمود السعيد نائب رئيس الجامعة لشؤون الدراسات العليا والبحوث، والدكتورة أمنية حلمي، رئيس المؤتمر، والدكتورة حنان محمد علي، عميد كلية الاقتصاد، وعدد من الوزراء الحاليين والسابقين، إلى جانب مسؤولي هيئات وأجهزة حكومية، ونخبة من أساتذة الجامعات والباحثين والخبراء الاقتصاديين.

0 تعليق