loading ad...
العقبة - بعد نجاحها في استزراع مستعمرات المرجان في مواقع مختلفة قبل 12 عاما، وبنسبة وصلت إلى 90 بالمائة، نقلت محمية العقبة البحرية أنظارها إلى مواقع أخرى على طول الساحل البحري من خلال تجهيز حضانات جديدة وإنشاء 3 حيود صناعية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ما يسهم في ترميم الشعاب المرجانية ودعم التنوع البيولوجي.
نجاح التجربة الأولى حفز القائمين على الإدارة البحرية في سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة ومحميتها البحرية، التي تتحضر لإدراجها على قائمة التراث العالمي لليونسكو، بعد اجتياز التقييم الفني الأولي بنجاح، للقيام بإنجاز يعكس الأهمية البيئية الاستثنائية للموقع، وبخطوات علمية مدروسة لزراعة مستعمرات أخرى وفق منهجية تراعي التنوع الحيوي في المنطقة بهدف خلق منتج سياحي مضاف لهواة الغوص من الزوار والسياح العرب والأجانب.
وقال خبراء بيئيون، إن نجاح استزراع المرجان الذي نقل سابقا يعد تجربة فريدة تشجع على المضي قدما في كل البرامج التي تهدف إلى الحفاظ على هذا الكائن الحي سليما معافى نظرا لدوره المهم في تنقية البيئة البحرية.
وبين الخبير البيئي محمد الشقارين، أن المرجان في البحر يقوم تماما بدور الغابات الشجرية في البر، حيث يعمل من خلال دورة حياته على توفير كميات من الأكسجين للأحياء البحرية، ويعد موئلا طبيعيا لمختلف أنواع الأسماك التي تجد فيه ملاذا وموطنا يوفر لها الحماية الكاملة لكي تقوم بعملية التكاثر، مشيرا إلى أن زراعة المرجان في مستعمرات جديدة في خليج العقبة تعد من إستراتيجيات التكيف التي تهدف إلى الحفاظ على الشعاب المرجانية وإعادة بنائها، والتي من المرجح أن تكون أكثر تحملا للحرارة، وهذا يعتمد على نجاح جهود إدارة واستعادة الشعاب المرجانية وقدرة الباحثين والممارسين على فهم البيئة التي يعملون فيها.
يشار إلى أن المرجان كائن بحري يتواجد بكثرة في منطقة خليج العقبة قرب الشواطئ، وكان قد تعرض للتدمير جراء العمليات الصناعية التي تتم على الشاطئ، ومن تأثير مراسي البواخر التي تؤم موانئ العقبة، وجراء عمليات الصيد الجائر التي كانت تتم بواسطة معدات مخالفة لشروط البيئة والمحافظة عليها، إضافة إلى التغير المناخي، وينمو المرجان بواقع نصف سنتيمتر كل عام في أحسن الأحوال.
تشجيع السياحة البيئية في العقبة
من جهته، يقول المختص في دراسة واستزراع المرجان الدكتور سليم المغربي، إن إنشاء حيود صناعية في العقبة يشجع السياحة البيئية في العقبة ويحمي هذه الثروة من الانقراض، مبينا أنه من خلال هذا المفهوم سينعكس ذلك على العديد من القطاعات، لا سيما القطاع الرياضي، من خلال الترويج لرياضة الغوص والسياحة البيئية وتوطيد مفهوم السياحة المستدامة، في حين يشير إلى أن الحيد المرجاني سيسهم في توفير مصدر دخل للعديد من القطاعات ومنهم الصيادون، فوجود الحيد الصناعي فوق مناطق رملية سيؤمن الحماية للعديد من أنواع السمك، وبالتالي تكاثرها في تلك المنطقة.
ولفت المغربي إلى أن الرصيف المرجاني من النوع الهدبي (المشاطئ) يعيش فيه ما يزيد على 150 نوعا من المرجان الصلب، و300 نوع من المرجان الرخو، مشيرا إلى أنه يعيش في خليج العقبة ما يزيد على 420 نوعا من الأسماك ذات الألوان الخلابة، و500 نوع من الإسفنجيات، و1000 نوع من الصدفيات، بالإضافة إلى العديد من الجلد شوكيات والرخويات وأحياء ونباتات أخرى لا تعد ولا تحصى.
والمرجان هو أحد الكائنات الحية التي اختصها الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز؛ حيث ورد ذكره في سورة الرحمن، ومن الإعجاز الذي وضعه الخالق عز وجل في المرجان، أنه حيوان يعيش مدة طويلة طالما ظلت الظروف الطبيعية المحيطة به من إضاءة ودرجة حرارة وملوحة ومؤثرات كيميائية وفيزيائية جيدة لا تتغير، ويعد المرجان، في الوقت نفسه، حيوانا هشا حساسا لأي من المتغيرات السابقة، بحيث يؤدي أي تغيير فيها إلى موته، لأنه لا يتفاعل مع المتغيرات البيئية بسرعة.
وبحسب المغربي، "يوجد ما يقرب من 17 موقع غوص على طول الشاطئ الأردني من خليج العقبة، تقع 13 موقعا منها داخل حدود متنزه العقبة البحري. ومع تزايد أعداد الغواصين، يزداد الضرر الذي يلحقه هؤلاء الغواصون بالحيد المرجاني الطبيعي. وعليه، سيوضع ضمن خطة إدارة مواقع الغوص في متنزه العقبة برنامج لإغلاق بعض هذه المواقع بصورة دورية لمدة عام أو أكثر، ولكن قبل أن نفعل ذلك، لا بد من تأمين أماكن جديدة يذهب إليها الغواصون. وعليه، نسعى أن يكون موقع زراعة المرجان أحد أهم تلك المواقع التي سيتم فتحها مقابل إغلاق أحد مواقع الغوص في متنزه العقبة البحري".
حماية النظام البيئي من التجاوزات
إلى ذلك، أكد مدير محمية العقبة البحرية ناصر الزوايدة، أن المحمية واصلت جهودها النوعية في الحفاظ على التنوع البيولوجي الفريد في الخليج، محققة سلسلة من الإنجازات العلمية والميدانية التي تعزز مكانتها كنموذج رائد في الإدارة البيئية محليا ودوليا، مشيرا إلى أن المحمية أطلقت شراكة إستراتيجية مع مركز البحر الأحمر العابر للحدود لتطوير أدوات مراقبة متقدمة للشعاب المرجانية، شملت استخدام تقنيات التصوير ثلاثي الأبعاد المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وتحاليل الحمض النووي البيئي (eDNA)، بهدف تعزيز المعرفة العلمية بالنظام البيئي البحري، لافتا إلى أن المحمية أنهت المرحلة الأولى من إعداد ملف ترشيحها للإدراج على قائمة التراث العالمي لليونسكو، بعد اجتياز التقييم الفني الأولي بنجاح، في إنجاز يعكس الأهمية البيئية الاستثنائية للموقع.
وفي سياق المشاريع البيئية، ذكر الزوايدة أن المحمية باشرت تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع استزراع المرجان، من خلال تجهيز حضانات جديدة وإنشاء 3 حيود صناعية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ما يسهم في ترميم الشعاب المرجانية ودعم التنوع البيولوجي.
وفي إطار الحفاظ على الثروة السمكية، أشار إلى أن المحمية، وللمرة الثالثة، استمرت في تطبيق قرار إيقاف الصيد خلال فترة تكاثر الأسماك المتوطنة من 1 كانون الثاني (يناير) وحتى 30 نيسان (أبريل) 2025، استنادا إلى تعليمات تنظيم صيد السمك والأحياء المائية في خليج العقبة للعام 2020، وبالتوازي مع صرف تعويضات مالية للصيادين المرخصين لتخفيف الأثر الاقتصادي وتعزيز التوازن بين الحماية البيئية والدعم المجتمعي.
كما لفت الزوايدة إلى استمرار فرق الرقابة بأعمالها اليومية لحماية النظام البيئي من التجاوزات، مشيرا إلى تنفيذ نحو 80 حملة تنظيف لجوف البحر في منطقة الشاطئ الأوسط، شهدت انخفاضا ملحوظا في كميات النفايات المستخرجة، ما يعكس فاعلية برامج التوعية البيئية وتعزيز الرقابة بالتعاون مع الإدارة الملكية لحماية البيئة.
واستكمالا لمسيرة التميز، كشف الزوايدة عن حصول شاطئ الأزرق التابع للمحمية على شهادة "العلم الأزرق" للعام الحالي، تقديرا لالتزامه بالمعايير البيئية الدولية، مضيفا أن المحمية تواصل تنفيذ مشاريع مستقبلية تشمل تطوير المخطط الشمولي لتقسيمات المنطقة البحرية، وتحسين البنية التحتية للشواطئ، واستكمال برامج استزراع المرجان، بالشراكة مع منظمات محلية ودولية.
ويقدر الخبراء أن الشعاب تنفع على نحو مباشر أكثر من نصف مليار شخص، إذ تسهم بعشرات المليارات من الدولارات سنويا في الاقتصاد العالمي من خلال السياحة وحدها.اضافة اعلان
" width="400" height="300" frameborder="0" allowfullscreen="">
0 تعليق