نسخة جديدة من دمشق

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

loading ad...

يرفع الرئيس الأميركي العقوبات المفروضة على سورية، وهذه خطوة مهمة جدا، وهي مثيرة للتحليل في الوقت ذاته، وعما تعنيه عمليا في هذا التوقيت الحساس.
من ناحية اقتصادية، هذا ما يحتاجه السوريون اليوم، من اجل انعاش الاقتصاد السوري، والحصول على قروض ومساعدات، ومن اجل تجديد بنية الاقتصاد السوري، بما سيساهم لاحقا في ملف اعادة الاعمار، وللمفارقة فإن سورية قبل الربيع العربي كانت الدولة العربية الوحيدة غير المدينة داخليا وخارجيا، ولديها قطاعات زراعية وصناعية وسياحية حيوية، الا ان الفوضى التي ادارتها دول العالم في سورية ادت الى تدميرها وزادت العقوبات من تلك الحدة المفروضة على سورية.اضافة اعلان
سورية انتقلت بشكل واضح من المحور الايراني الروسي، الى المحور التركي الاميركي، وهذا الانتقال جرى على يد نظام نواته حركات اسلامية جهادية على مايفترض إلا أنها تخضع لإعادة تأهيل وفقا لمتطلبات اقليمية ودولية، وإعادة التأهيل ستواجه مشاكل مع الجماعات المتشددة التي قاتلت مع دمشق الجديدة، اضافة الى الجماعات الفلسطينية المحسوبة اصلا على نظام بشار الأسد وبعضها منبوذ سورياً وفلسطينياً، كونه تورط في دماء السوريين، خلال فوضى الربيع العربي.
 كما أن اعادة التأهيل ستؤدي بالضرورة الى اعادة التموضع في العلاقة مع اسرائيل، وليس ادل على ذلك من مطالبات الرئيس الاميركي للرئيس السوري بعقد معاهدة سلام مع اسرائيل، وسنرى خلال الفترة المقبلة، تغيرات واسعة، سبقها سكوت دمشق الجديدة على تمدد القوات الاسرائيلية داخل الاراضي السورية، وتزامن معها اتصالات غير مباشرة مع الاسرائيليين اشار اليها الرئيس السوري الجديد قبل ايام خلال اللقاء مع الرئيس الفرنسي في باريس، والمثير هنا ان هناك تيارات اسلامية وقومية كانت ضد الاسد، تسكت اليوم امام اعادة التموضع داخل سورية نحو واشنطن وتل ابيب وحزمة مختلفة كليا،على يد نظام بديل نواته اسلامية، بل من اشد النسخ الاسلامية تشددا، اي النصرة والقاعدة.
في كل الاحوال لاتعرف السياسة، المبدأ، لان التعامل ايضا مع الواقع يفرض اكراهات كثيرة، وربما لو اراد النظام السوري الجديد التشدد والتصلب، لما تم رفع العقوبات عن سورية، ولتمت تغذية الانقسامات الداخلية، فيما يمكن الحكم على دلالات هذا التحول بمرور الوقت، وليس من خلال بناء موقف معاد مسبق.
حرب غزة اعادت انتاج خرائط المنطقة، لأن الحرب اوقعت كلفا مرعبة على الفلسطينيين، وجرت ايضا دول الاسناد اذا جاز تسميتها بذلك، في سورية، ولبنان حيث حزب الله، وصولا الى اليمن وما يتعرض له، فيما يبقى الملف الايراني آخر الحلقات حاليا، حيث ترقب طهران ايضا تغير خسائر خرائط امتدادها الاقليمي، لصالح خارطة جديدة تتزعمها الولايات المتحدة واسرائيل ودول ثانية.
الذي يقال هنا بشكل واضح ان دمشق الجديدة كانت امام خيارين، اما الحفاظ على نواه النظام الجديد وتوجهاته وتحمل كلف ذلك اقليميا ودوليا، واما التكيف وفقا لشروط مختلفة، من اجل شرعنة النظام، ومن الواضح ان دمشق اختارات الخيار الثاني، ومن المؤكد ان الاختيار لم يحدث فجأة بل كان متفقا على اغلب عناوينه قبل بدء عمليات اسقاط النظام السابق، التي تزامنت مع رفع الحماية الروسية والايرانية عن نظام بشار الاسد، والتي يثبتها انسحاب القوات السورية امام القوات التي تدفقت من الشمال السوري الى جمشق، وبقية المناطق السورية، بلا استثناء.
رفع العقوبات سيؤدي الى انقلاب سياسي واقتصادي في سورية، لان كل الجماعات القومية والدينية والمذهبية التي تتفلت للانفصال، قد تنخفض رغبتها اليوم، امام ادراكها بفوز النظام الجديد بشرعية اميركية وعربية ودولية، كما ان المرحلة المقبلة ستكون مرحلة اقتصادية تستفيد فيها الولايات المتحدة من عمليات البناء واعادة الاعمار، والثروات كالنفط والغاز، وسنرى دخولا واسعا للشركات الاميركية الى سورية، اضافة الى التوقعات بحدوث خصخصة واسعة يتولاها رجال الاعمال السوريون وهم من اغنى رجال الاعمال العرب في المهاجر والمغتربات.
ويبقى السؤال حول قدرة دمشق الجديدة على احتمال كلف المعاندات الداخلية، والمشاريع الاقليمية، امام هذه التغيرات غير المسبوقة التي قد لا يقبلها البعض.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق