loading ad...
بقلم: آفي شيلون
أحد الأمور المهمة التي كشفتها الحرب يرتبط بتعلق إسرائيل بالولايات المتحدة. من السهل أن ننسى، في ضوء النقد لسياسة التقييد التي اتبعتها إدارة بايدن، لكن في اليوم التالي لـ7 تشرين الأول (أكتوبر)، كان التهديد الذي أطلقه بايدن نحو حزب الله وإيران، إلى جانب إطلاق حاملات طائرات إلى المنطقة هو الذي منح إسرائيل السند الأساس لمواصلة الحرب التي كان من شأنها أن تتطور بشكل مختلف لولا الظهر الأميركي الفوري.اضافة اعلان
أثناء الحرب أيضا كان واضحا أنه بلا توريد دائم للسلاح، حتى لو شهد أحيانا قيودا معينة – والدعم السياسي الأميركي لكان من الصعب علينا أن نواظب على المعارك. بينما في أثناء تبادل الضربات مع إيران، باتت الولايات المتحدة تقاتل فعليا إلى جانبنا في الدفاع ضد الصواريخ. إسرائيل، وهذا واضح لكل مشاهد في الشرق الأوسط، ليست قادرة بلا أميركا.
التعلق بالولايات المتحدة هو، أولا وقبل كل شيء، ما فرضته الملابسات. مهما كانت إسرائيل قوية فإنها محوطة بتهديدات عديدة جدا، كما أنها محوطة بعداء سياسي في العالم. عمليا، الحلف مع قوة عظمى كان جزءا من الاستراتيجية السياسية - الأمنية لإسرائيل منذ تأسيسها. منذ عهد بن غوريون، ربطت إسرائيل نفسها بحلف مع قوة عظمى كي تتصدى لجملة التهديدات عليها: في الخمسينيات والستينيات المبكرة كانت هذه فرنسا، ومنذ الستينيات وإسرائيل تعتمد على الولايات المتحدة.
يمنحنا الحلف فضائل هائلة – تكنولوجية، عسكرية، اقتصادية وسياسية. لكنه يلزم إسرائيل بمراعاة المصالح العالمية لأميركا. زعيم إسرائيلي حكيم يفترض أن يعرف كيف يناور بين الأمور، بل أيضا أن يربط المصالح.
حقيقة أنه تبدو الآن الولايات المتحدة تعمل على نحو منقطع عن مصالح إسرائيل أو حتى بخلافها، تنبع في واقع الأمر من أنه فضلا عن التطلع إلى "النصر المطلق" على حماس، ليس لإسرائيل استراتيجية منذ بداية الحرب. وهكذا تحولت إسرائيل، التي لها أهمية بالنسبة لأميركا لأنها المعقل المستقر والقوي في المنطقة إلى عبء أكثر مما هي ذخر لأميركا.
لقد حاولت إدارة بايدن منذ اللحظة الأولى أن تستغل الحرب كي تنهيها بانتصار استراتيجي، لكن إسرائيل واصلت التركيز على تحقيق "نصر مطلق" في غزة. عندما دخل ترامب إلى البيت الأبيض كان واضحا أنه إلى جانب تصريحات دعم حماسية، عين غير قليل من الانعزاليين في مناصب أساسية في الإدارة، ناهيك عن أنه سبق أن أثبت أنه يكثر من التهديد لكنه يعارض الحروب مبدئيا، فما بالك بتلك الممتدة، إذ من ناحيته هي تبذير لمقدرات يمكن تحقيقها باتفاقات من دون إطلاق رصاصة واحدة. كما كان يتعين على إسرائيل أن تفهم أيضا أنه ليس لأي رئيس – منذ جورج بوش، عبر أوباما، ترامب في ولايته الأولى وبايدن – مصلحة في أن يقاتل إيران وكلهم سيفضلون الاتفاق. وعليه فكان يفترض بإسرائيل أن تستغل ولاية ترامب كي تحقق تسويات مع دول عربية، بما فيها سورية وفي غزة، بشروط لعله كان من الصعب عليها أيضا تحقيقها تحت إدارة بايدن.
لكن لا، بالضبط مثلما عرفت إسرائيل كيف تطلب من بايدن مزيدا من المساعدات العسكرية فقط هكذا ترامب هو الآخر اكتشف أن إسرائيل غير معنية بأن تنخرط في محاولته التجارية التقدم بالشرق الأوسط إلى عصر جديد. وهكذا فإن إسرائيل في واقع الأمر ترفض أن تساعد نفسها بما في ذلك تحرير المخطوفين.
إن المفارقة البشعة أن الولايات المتحدة تسير الآن الأمور على نحو منقطع عنا، ليس بسبب بايدن ولا حتى بسبب ترامب. بل أساسا لأن الحكومة لا تساعد الولايات المتحدة على العمل لأجل استراتيجية تخدمنا.
0 تعليق