أبرز سببين لمعاناة البشرية هما أن البشر لا يتعلمون الدروس من التاريخ ولا يتعظون بغيرهم، وأنهم مسيرون من قبل غريزة الكبرياء/ غرور النفس/ غرور الأنا/ الكبر/ الإيجو، وهذان السببان هما وراء استمرار ظاهرة الإرهاب رغم الترليونات التي أُنفقت في ما تسمى بالحرب على الإرهاب، فكل الحروب والقتل عن بعد والسجون السرية والاضطهاد الجماعي التي شملتها الحرب على الإرهاب زادت الإرهاب ولم تنقصه؛ لأن ردة الفعل على الإرهاب من قبل غالب دول العالم كانت خاطئة واستحوذت عليها غريزة الكبرياء المسيس؛ فالدولة التي تعرض كبرياؤها للانكسار من قبل نفر قليل لا تفكر بمسببات الإرهاب وتعالج تلك المسببات إنما تبحث كيف ترد الاعتبار للكبرياء الوطني والقومي، وهذا يتطلب إعلانها الحرب كما تم في أعقاب 11 سبتمبر بشأن العراق ضمن الحرب على الإرهاب رغم أنه لم يكن ضمن الخاطفين شخص عراقي ولا وجود للقاعدة في العراق، وبسبب ردة الفعل الخاطئة هذه تحول العراق لأكبر مفرخة للجماعات الإرهابية والمليشيات الطائفية التي اقترفت أفظع الجرائم الجماعية وقتلت أكثر من مليون عراقي حسب إحصائية مجلة ذا لانسيت الطبية، ومثال آخر لردة الفعل الخاطئة على الإرهاب كانت في فرنسا في منتصف تسعينات القرن الماضي بعد وقوع أول عملية إرهابية في باريس قام بها إسلاميون فأصدرت فرنسا حزمة قوانين انتقامية تضطهد الحريات الدينية للمسلمين أبرزها منع الحجاب بالمدارس والمؤسسات العامة، وردة الفعل الانتقامية هذه بحد ذاتها صارت سبباً للعمليات الإرهابية. والهند وقعت في خطأ أمريكا وفرنسا بردة فعلها على العمليات الإرهابية التي قام بها مسلمون؛ فهي أصدرت حزمة من القوانين الانتقامية، أبرزها منع الحجاب بالمدارس ومنع تجنيس المسلمين، وتجريم تحويل الهندوس للإسلام، ورداً على قتل إرهابيين لسياح في كشمير مؤخراً قامت بقصف باكستان رغم أنه لم يُقبض على الجناة، ولم يثبت وجود صلة لباكستان بالجناة، وإعلان الحرب على باكستان قد يؤدي من باب النكاية إلى خلق حاضنة باكستانية للإرهاب، ومن يعملون على الأرض دائماً يعرفون الأسباب الحقيقية للإرهاب ويقدمون توصيات بالمعالجات غير الحربية لها، لكن حمية الكبرياء السياسي تتجاهل توصياتهم لصالح ردات أفعال ترضي الكبرياء الجماعي، وعلى سبيل المثال رئيس وحدة أسامة بن لادن في الاستخبارات الأمريكية مايكل شوير صرح في كتبه ومقابلاته بأن إسرائيل جرت أمريكا إلى غزو العراق، وأن تأييد أمريكا لإسرائيل في اضطهادها وحروبها ضد العرب سبب رئيسي للإرهاب ضد أمريكا، وقد ذكر ذلك زعيم القاعدة في خطاب عملية 11 سبتمبر، وأن الحروب ضد البلدان العربية والإسلامية ستزيد الإرهاب، وفي كل الدول هناك الذين يطرحون المعالجات السلمية والموضوعية للإرهاب القائمة على علاج أسباب الإرهاب الواقعية. ووصلت الهند وباكستان لحافة الحرب النووية من قبل بسبب النزاع على كشمير بينما المعالجة الواقعية لقضية كشمير تتمثل في قبول البلدين بتصويت أهل كشمير على تقرير المصير إن كانوا يريدون الانضمام للهند أو باكستان أو الاستقلال عنهما، لكن هذا يتطلب من البلدين تجاوز الكبرياء السياسي لصالح إنهاء مأساة الشعب الكشميري الذي يتلقى الضربات من كل الأطراف ولا أحد يفكر بمصلحته، وحاله يشبه حال أهل غزة.
أخبار ذات صلة
0 تعليق