مع احتفاله بعيد ميلاده الـ84، يعود الحديث مجددًا عن واحدة من أبرز سمات مسيرة "الزعيم" عادل إمام الفنية، وهي جرأته الاستثنائية في اقتحام المناطق المحرمة سياسيًا واجتماعيًا. فخلال التسعينات وبدايات الألفية الجديدة، تصدّر إمام المشهد بثلاثية سينمائية أيقونية تضم أفلام "الإرهابي"، "الإرهاب والكباب"، و"طيور الظلام"، التي كسرت حاجز الصمت وواجهت التطرف الديني والفساد المؤسسي بذكاء درامي وسخرية لاذعة.
"الإرهابي".. مواجهة الخطر من الداخل
في عام 1994، قدّم عادل إمام فيلم "الإرهابي" من تأليف الراحل لينين الرملي وإخراج نادر جلال، ليُشعل جدلًا واسعًا آنذاك. تدور القصة حول شاب ينتمي لجماعة متطرفة، يختبئ لدى أسرة مصرية بسيطة بعد تنفيذه عملية إرهابية، وهناك يبدأ في إعادة النظر في أفكاره.
رغم التهديدات التي تلقاها الزعيم، رفض التراجع قائلاً: "كنت أعلم أنني أغامر، لكن السكوت عن الإرهاب خيانة لفني وبلدي".
الفيلم لاقى إشادة نقدية وجماهيرية، واعتُبر خطوة جريئة في مواجهة الفكر المتطرف برسالة إنسانية واضحة.
"الإرهاب والكباب".. صرخة المواطن الغاضب
قبل ذلك بعامين، وتحديدًا في 1992، قدّم عادل إمام مع الكاتب وحيد حامد والمخرج شريف عرفة فيلم "الإرهاب والكباب"، الذي تناول قضايا البيروقراطية والظلم الاجتماعي في قالب كوميدي ساخر.
يجسد الزعيم شخصية موظف بسيط يدخل مجمع التحرير لإنهاء معاملة، ليتحوّل فجأة إلى "إرهابي بالخطأ" يحتجز رهائن تعبيرًا عن يأسه من النظام المعقد.
الفيلم الذي شارك فيه يسرا وكمال الشناوي وأحمد راتب، نال نجاحًا ساحقًا، وصُنف لاحقًا ضمن أفضل 100 فيلم بتاريخ السينما المصرية، لما حمله من نقد لاذع وواقعية مريرة.
"طيور الظلام".. صراع السلطة والدين
في عام 1995، عاد الثلاثي (إمام، حامد، عرفة) بفيلم "طيور الظلام"، الذي سلط الضوء على الصراع بين تيارات الإسلام السياسي والسلطة، من خلال قصة 3 محامين يمثل كل منهم اتجاهًا فكريًا مختلفًا.
قدّم إمام شخصية "فتحي نوفل"، المحامي الانتهازي الذي يتسلق على أكتاف الفساد، مقابل زميليه المتدين والمتردد.
لاقى الفيلم إشادات واسعة لقدرته على عرض واقع سياسي مركب، برؤية درامية تمزج الكوميديا بالطرح الجاد.
إرث فني لا يشيخ
بهذه الثلاثية الجريئة، أثبت عادل إمام أن السينما ليست فقط للترفيه، بل منصة حقيقية للتغيير والوعي، مقدمًا أعمالًا شكلت وعي أجيال وما زالت تُدرّس حتى اليوم كنماذج فنية تقاوم الخوف وتحاكي الواقع بشجاعة وإبداع.
0 تعليق