loading ad...
عاموس هرئيل 16/5/2025
هذه فترة دراماتيكية حقا في الشرق الأوسط، سواء في تطورها أو في الوتيرة التي تأتي فيها البشائر. يبدو أنه في المنطقة تحدث التغييرات الأكبر الآن منذ حرب الخليج الثانية. الولايات المتحدة تعيد تأسيس منظومة تحالفاتها، مع محاولة حل عدد من الخلافات القديمة. السياسة الإقليمية التي يقودها الرئيس دونالد ترامب تعكس خطا تجاريا قويا، لكنه لا يسعى إلى الحروب. يبدو أن ترامب أحب صورة صانع السلام التي تبناها في الفترة الأخيرة، في الشرق الأوسط وفي أماكن أخرى.اضافة اعلان
في هذه الأثناء دور إسرائيل في هذه الأحداث هو دور هامشي. ترامب يعرض عليها الحل، في الحقيقة سطحي ومليء بالثغرات، الذي يمكنه المساعدة على إنهاء الحرب في قطاع غزة. بنيامين نتنياهو لا يسارع إلى الموافقة على ذلك. فهو يخاف، مثلما في كل سنوات حكمه، من اتفاق سيفرض عليه. ولكن توجد أخطار أخرى وهي أن يقرر الأميركيون بالذات ترك إسرائيل لمصيرها وضائقتها، أو أن يحاول نتنياهو إفشال بالقوة الاتفاق، في غزة وحتى في إيران.
في نهاية الشهر الثالث على ولايته الثانية رسم ترامب انعطافة. في زيارته في دول الخليج في هذا الأسبوع أطلق صفقات بمبلغ إجمالي يبلغ أكثر من تريليون دولار. في نفس الوقت الرئيس الأميركي يريد تسريع التوصل إلى اتفاق جديد مع إيران حول كبح مشروعها النووي. احتمالية ذلك تبدو عالية، رغم أن مستوى معرفة التفاصيل من قبل ترامب ومبعوثه لكل المهمات، ستيف ويتكوف، منخفض جدا. في حين أنه من أجل تحقيق الهدف الثاني المعلن، إنهاء الحرب بين إسرائيل وحماس واستكمال صفقة المخطوفين، فقد أصبحت هناك حاجة إلى إشراك إسرائيل في هذه المهمة.
ترامب قام بزيارة السعودية واتحاد الإمارات وقطر. وفي كل مكان أمطرت عليه أكوام من الاحترام. الحاكم السوري الجديد أحمد الشرع دعي للمشاركة في هذه الاحتفالات، وردد عن ظهر قلب الرسائل التي تريدها الإدارة الاميركية، وحصل وفقا لذلك على الثناء بأنه "شاب جذاب"، ولم يعد جهاديا يرتدي البدلة.
الشرع حصل على تصريح رئاسي بشأن رفع العقوبات الأميركية عن سورية، وأطلق أقوال سلام غير ملزمة مثل أن ترامب توسل إليه من أجل الانضمام لاتفاقات إبراهيم.
من تصريحات الرئيس خلال زيارته ظهر استعداد أميركي لإعادة مناقشة تزويد طائرات اف 35 لتركيا والسعودية. الحفاظ على التفوق العسكري لإسرائيل كان خلال خمسة عقود مبدأ رئيس في العلاقات مع الولايات المتحدة. أي شخصية إسرائيلية رفيعة لن تتجرأ على التعبير عن ذلك علنا، لكن التفكير بأن دولا عظمى إقليمية غير صديقة بشكل خاص ستحصل على فخر التكنولوجيا الجوية الأميركية يثير القشعريرة لدى مهنيين كثيرين في إسرائيل.
نتنياهو في المقابل بقي في هذه الأثناء خارج الصورة. في بداية تشرين الأول 2023، عشية المذبحة في غلاف غزة، حلم رئيس الحكومة بصوت مرتفع بالتطبيع بين إسرائيل والسعودية برعاية الإدارة الأميركية، وفي السر كان يأمل بأن هذه الخطوة ستساعده على تجاوز القضية الفلسطينية. بعد المذبحة قالت شخصيات كبيرة في حماس في مقابلات مع "نيويورك تايمز" و"الغارديان" بأن الرغبة في تخريب الاتفاق السعودي وإعادة النزاع بين إسرائيل والفلسطينية إلى رأس أجندة الشرق الأوسط، كانت من الاعتبارات الرئيسة لتنفيذ الهجوم.
في هذه الأثناء يبدو أن التطبيع لا يوجد في الأوراق. حتى العائلة المالكة في السعودية يجب أن تأخذ في الحسبان الرأي العام فيها، الذي يعارض الفكرة على خلفية فظائع الحرب في غزة. ترامب في الأصل ينوي تنفيذ معظم طلبات النظام في الرياض، بدون المرور عبر الكونغرس وبدون ربط ذلك بخطوات إسرائيل. في غزة نحن نراوح حتى الآن بين الصفقة والحرب. رسالة الإدارة الاميركية لنتنياهو هي "خذ هذا أو سنترك ذلك".
حسب ترامب في غزة بقي 20 مخطوفا على قيد الحياة (إلى جانبهم 38 جثة)، بعد تحرير جندي لواء غولاني عيدان ألكسندر في يوم الاثنين الماضي. ويتكوف، الذي جاء إلى إسرائيل للتأكد من أن التحرير يجري كما هو مطلوب وأن ترامب يحصل على الفضل الذي يستحقه، قام بزيارة ميدان المخطوفين في تل أبيب وأوضح لعائلات المخطوفين بأن الإدارة الأميركية ما تزال تلتزم بالصفقة إلى حين تحرير آخر مخطوف.
لكن من أجل فرض اتفاق كامل وشامل فإنه يجب على ترامب التصادم مباشرة مع نتنياهو، الذي لديه الرغبة في الحفاظ على الائتلاف، لذلك هو بحاجة إلى مواصلة الحرب في عدة جبهات في نفس الوقت. الإدارة الأميركية ما تزال تتذبذب في جهودها بين صفقة شاملة لتحرير جميع المخطوفين في فترة قصيرة وبين صفقة مؤقتة "خطة ويتكوف"، التي في إطارها سيتم إطلاق سراح نصف المخطوفين الأحياء، وإعادة عدد من الجثث، خلال وقف لإطلاق النار يمتد لـ 45 – 70 يوما. الأميركيون ألمحوا لدول الوساطة ومن خلالها لحماس بأنهم يأملون أنه حتى ذلك الوقت نتنياهو لن يكون موجودا بشكل عميق في داخل المشهد، وأنه سيتم إدخاله إلى داخل المسار الذي سيؤدي إلى استكمال الصفقة، بدون أن يستطيع العودة إلى القتال.
0 تعليق