ترامب يعيد رسم شرق أوسط بدوننا

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

loading ad...

 الون بن دافيد  16/5/2025

منذ أيام صباي كان الإسرائيليون يتسلون بفكرة أن يجعلوا إسرائيل الولاية الـ51 للولايات المتحدة. هذا الأسبوع يخيل للحظة أننا اتخذنا خطوة في الاتجاه عندما حرر الرئيس الأميركي بشكل مستقل واحدا من مخطوفينا. لكن بدلا من التحرك في تجاه الولايات المتحدة، أخطأنا في المسار وتوجهنا لأن نكون المكسيك وهي من الدول التي يريد دونالد ترامب أن يتخلص منها.اضافة اعلان
العلاقات بين رؤساء وزراء إسرائيل ورؤساء الولايات المتحدة شهدت أيضا ترديات على مدى السنين، لكن في الخمسين سنة الأخيرة من الصعب أن نشير إلى فترة اتخذت فيها أميركا خطوات كبرى في الشرق الأوسط ونحن لم نكن حتى مطلعين عليها. الآن ترامب يعيد رسم الشرق الأوسط، بدوننا.
حتى في الأيام التي عصفت فيها الأمواج بين واشنطن والقدس، حرص رؤساء وزراء إسرائيل على التشديد بأننا الحليف الأكثر استقرارا وولاء للولايات المتحدة في المنطقة. أما هذا الأسبوع فقد أوضح ترامب بأنه بات له حلفاء أغلى منا.
في الأيام التي كان فيها ما يزال معتدا بنتائج الانتخابات في الولايات المتحدة آمن بنيامين نتنياهو، سيد أميركا في نظر نفسه، بأن ترامب سيساند كل خطوة له بما في ذلك جهوده لمواصلة تدليل ملكي التخريب اللذين يديران حكومته. وبالفعل، لا. ترامب ليس معه، ولا معنا أيضا. بقينا، نتنياهو ونحن جميعنا، مع ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش. الالتزام الأميركي الأساس بإسرائيل – الحفاظ على تفوقها النوعي عن المحيط – شطب في لحظة بهراء ترامب. على مدى عشرات السنين تعهدت الولايات المتحدة وحرصت على تزويد إسرائيل بسلاح متطور أكثر من ذاك الذي زودت به أي دولة أخرى في المنطقة أو ما سمي QME (تفوقا عسكريا نوعيا). صفقات السلاح التي أعلن عنها ترامب – طائرات اف 35، قدرة وصول إلى تكنولوجيات القضاء والذكاء الاصطناعي، تشكل تآكلا للتفوق الإسرائيلي.
وما الأسوأ؟ ليس لدينا أي فكرة ما الذي يعتزم ترامب بالضبط أن يبيعه للسعوديين، وهل ستتلقى إسرائيل أي تعويض عن هذه الصفقة؟
مع السعودية توجد لنا مصالح متطابقة كثيرة. لكن منذ 2011، وكما تجسدت في السنة الأخيرة أيضا، لا يمكن توقع استقرار المنطقة. ترامب يقيم إلى جانبنا قوة عظمى عسكرية مع قدرات متطورة، مع نووي مدني وليس فقط لا يسألنا بل إنه حتى لا يتكبد عناء اطلاعنا.
في هذا المناخ على إسرائيل أن تفترض بأن حجم المساعدات العسكرية الأميركية لم يعد مضمونا. في السنة القادمة يفترض بالرئيس ترامب أن يقرر اتفاق المساعدات التالي الذي يدخل حيز التنفيذ في 2028. إذا ما اتسع الشرخ بين نتنياهو والبيت الأبيض – ليس مؤكدا أن نواصل التمتع بمساعدات بمقدار 4 مليارات دولار في السنة؟
ترامب لا يحب توزيع المال، وأقل من هذا لمن لا يطيعه. نتنياهو على ما يبدو يستشرف هذا المستقبل وأعلن منذ هذا
 الأسبوع بأنه من المجدي أن "نشفى من المساعدات الأميركية". باستثناء أنه ليس واضحا من أي مصادر يعتزم تمويل الشفاء.
حتى بعين غير مهنية وغير متفحصة من الصعب ألا نلاحظ أن ملفات نتنياهو الشخصية آخذة في التقلص في الأسابيع الأخيرة. انظروا إليه وإلينا. مكانتنا كقوة عظمى إقليمية مدعومة من القوة العظمى العالمية الأكبر – آخذة في التقلص هي أيضا.
بينما نحن في حرب في سبع جبهات مفتوحة، هجرنا ترامب في الجبهة اليمنية، يتجه للاعتراف بالحكم في سورية فيما يمد بساطا أحمر للرئيس التركي، المشكوك به بقدر لا يقل هو في مفاوضات متقدمة مع إيران ويقيم اتصالا مستقلا مع حماس. ما يسمى بالعبرية البسيطة: هو لا يحصينا.
هو يبقي نتنياهو يتراشق وحده مع الحوثيين، يتسلى بأفكار هجوم في إيران، وليس واضحا أي مجال يبقيه هو له لأن يرسل أبناءنا كي ينزفوا في رمال غزة. نتنياهو بالفعل يتسلى بفكرة هجوم في إيران. هو يتحدث عن ذلك بلا انقطاع. لكن لا يمكن تخيل هجوم كهذا ينطلق على الدرب دون مباركة الأميركيين إذا كان في النهاية انفجار للمفاوضات فلا شك أن سلاحنا الجوي سيكون جاهزا.
اذا ما وحتى يحصل هذا، سيعين على نتنياهو أن يكتفي برؤيا الحرب الدائمة في غزة. الجيش الإسرائيلي مستعد لتوسيع العملية في القطاع. معظم الجيش النظامي استبدل منذ الآن بقوات احتياط في خطوط النشاط العملياتي، وهو يقف جاهزا وخلفه نظام قتالي قبيل عملية واسعة وعديمة الجدوى في غزة. لكن في القطاع أيضا ليس واضحا ما هو مجال المناورة الذي سيتركه له ترامب.
بعد السنتين الأخيرتين توجد أمور قليلة ما تزال تبعث فيّ الدهشة. أن أسمع هذا الأسبوع الرئيس الأميركي يعلن التزامه لإعادة كل المخطوفين وفي نفس الوقت رئيس وزراء إسرائيل يقول لمنتدى الجرحى: "اذا أعطونا عشرة مخطوفين – حسنا، نأخذهم" – انفغر فمي. كانت هذه لحظة صافية من الحقيقة. نتنياهو يؤمن حقا بأنه يفعل للمخطوفين جميلا في أن يوافق على إعادتهم، شريطة أن يقولوا له شكرا، له ولعقيلته. 
في الأيام القريبة القادمة سنعرف ممن يخلف نتنياهو أكثر: من ترامب عديم الكوابح أم من شركائه الائتلافيين الذين يضمنون له الوظيفة والكرسي. "نتنياهو هو مشكلة"، قال في الماضي سموتريتش. "لكنه لن يبقى هنا إلى الأبد. الطبيعة والبيولوجيا سيفعلان فعلهما". نتنياهو سمع ومع ذلك واصل تحقيق كل أماني سموتريتش وبن غفير اللذين يريان فيه ليس اكثر من حمار . والآن عليه أن يختار إذا كان سيحقق أيضا رؤياهما عن "شعب وحده يسكن" وأن يثبتنا كدولة منبوذة.
من يمكنه أن ينقذنا هو نجم الاستعراض الذي يتولى منصب رئيس الولايات المتحدة. مع شهيته التي لا تنتهي للتصريحات والتشريفات، ومع الحلم للسير نحو مبنى بلدية أوسلو لتلقي جائزة نوبل، يمكن لترامب اليوم أن يعفينا من الحرب الزائدة في غزة وربما أيضا أن يخلص النفوس المعذبة التي تبقت في أيدي حماس. هو القوة الوحيدة التي يمكنها أن تجبر نتنياهو على أن يفعل الأمر الصائب وعندها سنرحب كلنا بانتخاب دونالد ترامب.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق