يشهد قطاع غزة تصعيدًا عسكريًا إسرائيليًا غير مسبوق، أسفر عن سقوط أكثر من 130 شهيدًا خلال ساعات، وسط غارات مكثفة استهدفت منازل المدنيين وخيام النازحين، في وقتٍ تتسارع فيه وتيرة الاتصالات الدولية لإنقاذ مفاوضات وقف إطلاق النار وصفقة تبادل الأسرى.
مجازر متلاحقة في الشمال والجنوب.. وغضب شعبي ودولي
أعلنت وزارة الصحة في غزة، اليوم الأحد، عن استشهاد 132 فلسطينيًا، بينهم 61 في مدينة غزة وشمال القطاع، نتيجة قصف إسرائيلي مكثف منذ الفجر. وارتكبت قوات الاحتلال مجازر مروعة في جباليا وبيت لاهيا، حيث استُهدفت منازل عائلات مقاط ونصر والبراوي، ما أدى إلى استشهاد عشرات المدنيين، بينهم نساء وأطفال.
وفي تطور خطير، حاصرت القوات الإسرائيلية المستشفى الإندونيسي شمال غزة، مما يهدد حياة آلاف الجرحى، وسط تحذيرات أممية من كارثة صحية وشيكة.
استهداف مباشر للصحفيين والأكاديميين
واصل الاحتلال الإسرائيلي سياسة استهداف النخب الفكرية والإعلامية، حيث استشهد الدكتور زكريا السنوار، أستاذ التاريخ بالجامعة الإسلامية وشقيق القيادي الراحل يحيى السنوار، برفقة أطفاله الثلاثة، بعد قصف خيمته في النصيرات.
كما أودت الغارات بحياة 5 صحفيين فلسطينيين: عزيز الحجار، نور قنديل، خالد أبو سيف، عبد الرحمن العبادلة، وأحمد الزيناتي، ما يرفع حصيلة الصحفيين المستشهدين منذ بدء الحرب إلى أكثر من 140، وفق نقابة الصحفيين.
انهيار نفسي في صفوف الجيش الإسرائيلي وارتباك سياسي داخلي
في الداخل الإسرائيلي، كشفت صحيفة "هآرتس" عن انتحار 35 جنديًا منذ 7 أكتوبر الماضي، بينهم 7 في عام 2025 وحده، بينما يعاني أكثر من 9 آلاف جندي من اضطرابات نفسية شديدة. وبحسب التقرير، لجأ الجيش إلى استدعاء جنود مصابين باضطراب ما بعد الصدمة لتعويض النقص في صفوفه.
سياسيًا، يسود ارتباك داخل الائتلاف الحكومي في تل أبيب، الذي فشل للمرة الثالثة في تمرير قرار تعبئة الاحتياط، وسط تصاعد الانقسام حول جدوى استمرار الحرب مقابل التوصل إلى اتفاق يضمن استعادة الأسرى.
مفاوضات في الدوحة.. وواشنطن تدفع نحو تسوية مؤقتة
في سياق متصل، أكدت صحيفة "الشرق الأوسط" أن وسطاء دوليين كثفوا اتصالاتهم لإعادة الأطراف إلى طاولة التفاوض، ونجحوا في التوصل إلى تفاهم مبدئي بإزالة الشروط المسبقة، تمهيدًا لمحادثات أكثر مرونة.
وبحسب مصادر في حركة حماس، فقد انطلقت جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة صباح الأحد في الدوحة، بمشاركة وفود أمنية من الجانبين، وبرعاية أمريكية وقطرية ومصرية.
وكشف طاهر النونو، المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحماس، أن المحادثات تجري حاليًا دون شروط مسبقة، في تحول لافت في موقف الحركة، التي كانت تطالب سابقًا بضمانات مكتوبة لوقف دائم لإطلاق النار.
اتفاق مبدئي يشمل وقفًا مؤقتًا وإطلاق أسرى
ووفقًا لمصادر مطلعة، تتضمن بنود الاتفاق المبدئي وقفًا لإطلاق النار لمدة 70 يومًا، مع إدخال مساعدات إنسانية واسعة إلى القطاع، وانسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من بعض المناطق. كما يشمل الاتفاق تبادلًا جزئيًا للأسرى، يقضي بإطلاق 8 إلى 10 محتجزين إسرائيليين مقابل دفعة من الأسرى الفلسطينيين، من بينهم أصحاب محكوميات عالية.
وبحسب القناة 12 العبرية، فإن الوفد الإسرائيلي لا يزال في الدوحة لأن حماس لم تعلن انسحابها من الإطار التفاوضي، فيما أشارت مصادر عبرية إلى أن المحادثات الجارية تتركز على مخطط أعده المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، دون التطرق بعد إلى اتفاق شامل لإنهاء الحرب.
الاحتلال يستعد لعملية برية.. و"عربات جدعون" تهدد غزة مجددًا
في المقابل، نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مصدر أمني أن "إسرائيل" منحت حماس مهلة قصيرة قبل إطلاق عملية برية واسعة تحت مسمى "عربات جدعون"، والتي تستهدف تقسيم غزة إلى محاور جديدة، وإعادة تنفيذ سيناريو رفح في الشمال.
كما أعلن وزير الجيش يسرائيل كاتس توقيع عقد مع شركة أمريكية لبدء توزيع مساعدات في قطاع غزة بدءًا من 24 مايو الجاري، في خطوة وصفت بأنها محاولة لتخفيف الضغوط الدولية المتزايدة على تل أبيب.
احتجاج دبلوماسي عند معبر رفح
وفي تطور لافت، احتج وفد دبلوماسي إيطالي عند معبر رفح المصري، مطالبًا بوقف الحرب على غزة والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، في مؤشر على تصاعد الضغوط الأوروبية لوقف إطلاق النار.
في النهاية الأوضاع في غزة بين التصعيد الدموي والتفاهمات السياسية الهشة. وبينما ينزف الميدان ويشيّع الشهداء، تبدو المفاوضات كخيط أمل رفيع وسط عاصفة الحرب. وبين ضغوط الداخل الإسرائيلي وتململ المجتمع الدولي، تترقب غزة والعالم ما ستؤول إليه الساعات القادمة.
0 تعليق