العُمانية: أكد برلمانيون وأكاديميون ومحللون وصحفيون بالجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية على أهمية زيارة "دولة" التي يقوم بها حضرةُ صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ إلى الجزائر غدًا، والتي تتزامن مع تطورات اقتصادية وسياسية على المستوى العالمي وتتطلب دفعة من التعاون الاقتصادي لما فيه مصلحة البلدين الشقيقين والتشاور وتبادل وجهات النظر حيال القضايا السياسية خاصة على مستوى العمل العربي المشترك.
وقال الدكتور علي محمد ربيج أكاديمي ونائب برلماني: إن هذه الزيارة لها تأثير كبير على مسار العلاقات العُمانية ـ الجزائرية كونها تتناول جملة من الموضوعات خاصة العلاقات العربية ومن بينها القضية الفلسطينية والتي تعد الملف الأبرز بالإضافة إلى الملف الاقتصادي ومجالات الاستثمار المتبادل وتبادل الخبرات بين البلدين الشقيقين، نظرًا لكون سلطنة عُمان تملك تجربة في المجالات الزراعية والصحية والتعليم وهي واحدة من الدول التي نستطيع أن نعتمد عليها في الجزائر في هذه القطاعات، وكذلك الجزائر بها فرص للاستثمار بالنسبة لرجال الأعمال العُمانيين مع الاستفادة من نقل خبراتهم وتجاربهم في هذه المجالات.
ووضح أن هذه الزيارة ستعمل على تعزيز الشراكة على مستوى البلدين الشقيقين مع الدفع بالتعاون المشترك إلى آفاق أرحب في ظل الانسجام والتوافق السياسي بينهما وجعلها في مصاف العلاقات العربية الفريدة التي يمكن أن تعطي فرصًا للشباب في البلدين وفرصًا للنخب الجامعية والمثقفة لتبادل الزيارات والخبرات لتقوية اقتصاديهما.
موضحًا أن سلطنة عُمان تتمتع ببعد النظر والوقوف مسافة واحدة بين كل الأطراف ويمكن أن تكون واحدة من الدول العربية التي ترشح للعب دور الوسيط في الكثير من الخلافات على المستويين العربي والدولي وهذا ما تلتقي فيه سلطنة عُمان مع الجزائر التي دائمًا تريد أن تقف مسافة واحدة بين كل الأطراف وأن تقدم نفسها كوسيط محايد لحل ما تمر به بعض الدول العربية من أزمات والدفع نحو إصلاح هذا البيت العربي وإعطاء فرصة للأجيال والشعوب العربية أن تعيش مرحلة جديدة مختلفة.
من جانبه عبّر الدكتور زهير بوعمامة أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية عن أجواء الارتياح ومشاعر الغبطة الكبيرة التي تسود الجزائر بمناسبة الزيارة المرتقبة لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظّم ـ حفظه الله ورعاه ـ إلى الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، مؤكدًا أن هذه الزيارة تعكس عمق العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين، رغم البعد الجغرافي، إذ تجمعهما روابط تاريخية وثقافية متجذرة، وتفاهم سياسي متين، يجعل من علاقتهما نموذجًا فريدًا للتقارب والتعاون العربي.
ووضّح أن سلطنة عُمان والجزائر تتشابهان في جوانب عديدة، فهما شعبان ودولتان راسختان في التاريخ، تمتلكان عمقًا حضاريًّا وإسهامًا بارزًا في محيطيهما الإقليمي والدولي، وفي الحضارة الإنسانية بشكل عام.
وأشار إلى أنّ العلاقات الجزائرية العُمانية تُجسّد دلالة واضحة على عمق الروابط التاريخية والثقافية التي تجمع البلدين، ومن أبرز ما يجمع بين الشعبين الشقيقين تاريخهما الحافل بالإنجازات المشرّفة، كما كانت قوتين بحريتين كبيرتين، فرضت احترامهما وهيبتهما في منطقتيهما على مدى قرون.
وقال عمرون محمد رئيس لجنة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي والجالية الجزائرية بالخارج بمجلس الأمة: إن الزيارة السامية التي يقوم بها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق إلى الجزائر، تتجاوز الطابع البروتوكولي التقليدي، وتأتي في أعقاب أقل من عام من زيارة الرئيس عبد المجيد تبون إلى سلطنة عُمان، والتي لم تزل أصداء الاستقبال الحافل والترحيب الكبير الذي حظي به الرئيس الجزائري راسخة في الأذهان.
وأضاف: أن حضور جلالة السلطان في الجزائر يُعد تأكيدًا صريحًا على نجاح تلك الزيارة، كما يُجسد حرص قائدي البلدين على مواصلة الزخم الإيجابي الذي تشهده العلاقات الثنائية، والعمل الجاد على تنفيذ ما تم الاتفاق عليه على أعلى مستوى.
ووضح: مسقط والجزائر لا يجمعهما الاقتصاد أو المصالح المشتركة فقط، بل هناك رابط أقوى وأعمق وأدوم وهو الرابط الإنساني، تقوم أسسه على قيم ومبادئ تاريخية وثقافية مشتركة، تجسدت في مواقف متطابقة للبلدين على الساحتين الإقليمية والدولية، وما جمع الجزائر ومسقط خلال العقود الماضية من مظاهر التضامن، والاحترام المتبادل، والدعم المستمر خلال مختلف المحطات التاريخية التي مر بها الشعبان، هو الأساس المتين الذي صمدت عليه هذه العلاقة رغم التحديات، وظلت مثالًا يُحتذى به في العلاقات العربية ـ العربية.
وقالت غدير سهام باحثة وصحفية مهتمة بالشؤون الدولية إن هذه الزيارة السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- إلى الجزائر تعد زيارة تاريخية وهي الأولى من نوعها منذ نحو 52 عامًا، وتأتي كذلك بعد زيارة "دولة" التي قام بها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في أكتوبر الماضي والتي أعطت حركية استثنائية بعد 34 عامًا من آخر زيارة لرئيس جزائري، كل هذا يعكس إرادة ورغبة الجزائر ومسقط في رسم مسار جديد لعلاقاتهما الثنائية، بحكم تقارب وجهات النظر في العديد من القضايا، سواء ما تعلق بمنطقتنا العربية، وامتدادًا لمختلف الملفات الدولية الراهنة، خاصة في ظل المرحلة الدقيقة والحساسة التي يعيشها العالم اليوم والنظام الدولي عمومًا، والتي تتطلب مزيدًا من التشاور السياسي والتنسيق بين البلدين على كافة المستويات، خدمة لمصالحهما المشتركة ومصالح الأمة العربية والإسلامية.
ويؤكد الإعلامي الجزائري، فيصل سراي، رئيس تحرير جريدة "الجزائر اليوم" الإلكترونية، بالقول "ما ميّز العلاقات الجزائرية العُمانيّة، طيلة ثلاثة عقود مضت أو أكثر، أنّها كانت علاقات هادئة، على كلّ المستويات. ومع تولّي الرئيس عبد المجيد تبون مقاليد الحكم في الجزائر، راهن على البُعدين العربي والأفريقي، وشكّلت الزيارة التي قام بها إلى سلطنة عُمان، في شهر أكتوبر 2024، والاستقبال التاريخيّ الذي خصّه به جلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ قفزة نوعيّة في العلاقات بين البلدين، وتكلّلت بالتوقيع على العديد من الاتفاقيات الثنائيّة، وزار الجزائر، في وقت سابق، وفد عماني يُمثّل عملاق صناعة السيارات الكورية "هيونداي"، ومن المرتقب أن يتمّ التوقيع لإقامة شراكة في صناعة السيارات مع هذه العلامة الكورية.
0 تعليق