ثقافة النصح والإصلاح في الأسرة.. حقبة جديدة وفكر جديد

صحيفة مكة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
النصح والإصلاح بالنسبة للكثيرين حقل ألغام تختلط فيه كثير من المفاهيم، وتعترضه مجموعة من التحديات السلوكية، وتتراكم عبر نتائجه المختبرة في تجارب الأجيال كثير من الأصول المتعلقة بمنهجية التأصيل لإدارة مطلب اجتماعي أو أسري ملح، ولا يمكن تجاوزه في ظل منظومة الحياة وما يعتريها من تفاعلات ومتغيرات ظرفية تمتد عبر حياة كل فرد منا. من هنا تبرز الحاجة لوضع أسس مفاهيمية واضحة لثقافة النصح، للوصول إلى حالة من الفهم الأفضل المفضي إلى إدارة صحيحة وسليمة لكل عناصر هـ > هـ القيمة الأخلاقية العليا.

ولأن الناس عبر كل العصور قد اعتادوا أن يلجأوا للموروث السلوكي في مواقف حياتية متعددة، فقد باتت الأزمة الراهنية حول قضايا النصح والإصلاح ناتجة عن تأثيرات الحداثة في الفكر البشري، وانتقال الإنسان إلى مرحلة جديدة كليا في فهم ذاته وقيمتها وحقيقتها، وربط هذه النقلة الفكرية المعرفية بالدين ومفاهيمه الصحيحة ما أنتج لدينا وعيا حقيقيا حول حقوق الإنسان داخل منظومة الأسرة، وبتنا أكثر فهما لحقوق منها الحق في الخصوصية، والحق في المعاملة الحسنة، والحق في الاحترام للجميع وليس للكبير فقط، وتحسنت لدينا معايير فهم وإدراك عظمة الإسلام الذي جاء ليكون كرامة للجميع ذكرا وأنثى، كبيرا وصغيرا على المقياس نفسه الذي أقره الدين في قول الله تعالى (ولقد كرمنا بني آدم)، فلم يستثنِ من الحق في الكرامة أحدا بعينه، وجعل الكرامة الإنسانية حقا مطلقا للجميع، وهذا ما أسقط مفاهيم أسرية تغلغلت ربما لقرون في النفوس وأنتجت فكرا أسريا مجتمعيا مشوها تسبب بالكثير من الأخطاء.

في هذا السياق الذي يدعمه الدين ويؤصل له في مجتمعات متدينة بطبعها في منطقتنا العربية، بات مفهوم النصح والإصلاح داخل منظومة الأسرة أقرب من أي وقتٍ مضى إلى أن يفهم الفهم الصحيح، وباتت أدوات النصح والإصلاح أكثر اتزانا وقابلية للاستجابة لضوابط الحكمة وحسن الخطاب، ليقل بذلك مستوى الخطاب الانفعالي غير المنضبط بضوابط التشريع الإسلامي السليم.

كنتيجة لهذا التحسن الفكري في فهم خارطة الطريق الصحيحة التي وضعها الإسلام لتشكيل وتأسيس منهج النصح والإصلاح في الأسرة، بتنا اليوم أكثر قدرة على ملامسة مستوى جيد من التناغم داخل الأسرة، إذ يقود ذلك التناغم كل رب أسرة وربة أسرة على إدراك لمثل هذه المفاهيم، وأصبحت قضية النصح الواجبة داخل الأسرة تؤخذ في سياق إنساني قابل للملاحظة الذاتية، وقابل للتصحيح، وقابل للإرشاد المتخصص من قبل المتخصصين، وباتت مسألة اللجوء إلى أهل العلم والاختصاص من قبل الأسر لمواجهة مشاكل معينة هي مسألة مستساغة ومقبولة. النصح والإصلاح في الأسرة إذًا بات اليوم يأخذ أبعادا صحيحة بفضل انتشار العلم والمعرفة وبفضل قدرة إنسان اليوم على تصحيح المفاهيم بدعم غير محدود من أدوات التكنولوجيا.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق