loading ad...
ليست العلاقة بين الدين والدولة علاقة خصومة كما يصوّرها البعض، بحيث يجعل من الدين مواجهاً للدولة، وهذا مدخل خطير لإعادة إنتاج الفتنة، ووضع للدين في قلب معركة سياسية هو بريء منها، بل هي علاقة تكامل وتوازن، شرط أن يُفهم الدين بوصفه قيمة عليا للهداية، لا وسيلة ضغط وتوظيف لأهداف فئوية أو خاصة، وأن تُفهم الدولة بوصفها الضامن لترتيب الحياة، وحماية وعي المجتمع الجمعي، وهويته من الاختطاف أو الاحتكار.اضافة اعلان
إن أخطر ما يواجه المجتمعات الإسلامية اليوم ليس “ضعف التدين”، بل “سوء توظيف الدين”، عندما يتحوّل الدين إلى أداة للصراع من أجل المصالح، وإلى سيف يُشهر في وجه الدولة من أجل تقويضها لصالح مشروع سياسي مغلّف بعباءة دينية.
تاريخيًا، حين دخل الدّين في صراع مع الدولة، لم ينتصر لا الدّين ولا الدولة، بل انهارت الأمة نفسها، كالفتنة الكبرى التي حصلت في صدر الإسلام وما نجم عنها من كارثة نتيجة لزج الدين في صراع مع السلطة بناء على تفسيرات ضيقة للنصوص، في مشهد تتماهى فيه الخيوط وتتكاثر فيه الأصوات المتعارضة، حتى يبدو الصمت أكثر صدقاً من الهتاف، إنها لحظة ارتطام عنيف بين شهوة السلطة، وتيه الجماعة، وانزياح المعايير، فالخوارج لم يرفعوا سيوفهم لأنهم أحبوا الطهر، بل لأنهم أرادوا احتكار التفسير، ثم الانقضاض على من يخالفهم باعتباره عدوًا لله، لا مجرد مخالف سياسي، وعبر القرون، كل محاولة لفرض فهم أحادي للدين على مؤسسات الدولة، كانت نتيجتها دماء، لا هداية.
الهاشميون في الأردن هم من يحكمون البلاد، ومؤسسات الدولة تَرعى دور العبادة، وتنتشر المساجد في كل كتيبة عسكرية، وينصّ الدستور بوضوح على أن الإسلام دين الدولة، وهذا كافٍ في تأكيد مرجعية الإسلام في التشريع والثقافة العامة، لكن بعض التيارات لا تكتفي بهذا، بل تسعى إلى تحويل الدين من مصدر هداية إلى منصة للصراع، ويصورون أنفسهم على أنهم يملكون مفاتيح الحل باسم الإسلام، من غير أن يقدموا مشروعاً إصلاحياً واحداً واضحاً، ويصورون الدولة على أنها خصم شرعي يجب التصدي له، هذا الانحراف عن جادة الفهم هو الفتنة بعينها.
إن حماية الدين لا تكون بمواجهة الدولة، بل بتحصينها وتقويتها وحماية مؤسساتها، فالدولة هي الضامن لاستمرار المؤسسات الدينية، وهي من يصون الخطاب الديني من الابتذال أو الاستغلال، الدولة وحدها من تستطيع حماية الدين من عبث السياسيين، ومن تحويل النصوص إلى قنابل موقوتة قد تفسّر بما يثير الفتنة ويريق الدماء.
فمن الخطأ الجسيم أن يُزج بالدين في معركة إسقاط الدولة، فالدولة الأردنية ليست مشروعًا سياسيًا لأقلية، بل فضاء جامع يحمي التنوّع، ويضمن العدالة، ويُنظم التنافس بين أبناء المجتمع، أما إذا حوّلنا الدين إلى أداة للسيطرة السياسية، فإننا نكون قد اختزلنا رسالة السماء في صراع الأرض.
هناك من التيارات الإسلامية السياسية من يسوّق نفسه وكأنه “حارس الفضيلة”، متناسياً أن الدولة الأردنية التي أسسها الهاشميون سبقت التيارات في حماية الدين، فالقوانين التي تحظر الإساءة للمقدسات، وتحمي الشعائر وبيوت الله، وتُدرّس الدين في المدارس، لم تأت بها أحزاب ولا تيارات الإسلام السياسي، بل صاغتها الدولة نفسها منذ تأسيسها قبل أن تخلق الأحزاب والتيارات الأخرى، إذًا الدين كان مرافقاً لتأسيس الدولة في الأردن، والدولة هي من حمت الدين في الماضي وفي العصر الحديث.
ولا بد أن نعي الفرق بين أن تكون الدولة “دينية” بمعنى أن يحكمها رجال دين باسم التفويض الإلهي، وهذا مرفوض، وبين أن تكون الدولة “ذات مرجعية دينية” في تشريعاتها وهويتها، وهذا هو المعتمد في دستورنا، فليس المطلوب تسييس الدين، بل عقلنة السياسة بروح دينية تحترم كرامة الإنسان، وتؤمن بالتعدد والتعايش، كقيم إنسانية مستمدة من ديننا الحنيف.
في زمن الفتن، تصبح الكلمات أخطر من السلاح، لذلك يجب أن نعيد صياغة العلاقة بين الدين والدولة لا على أساس الخصومة، بل على أساس الرعاية المتبادلة: الدولة تحمي الدين من التوظيف، والقيم الدينية تضيء دروب الدولة، ويكون الدين مصدراً غنياً بالمعرفة تنهل منه الدولة بما يصلح حياة الناس ومعاشهم، فلنبقِ على الدّين في حماية الدولة، لا في مواجهتها؛ فالمواجهة وهم، والحماية وعي.
إن أخطر ما يواجه المجتمعات الإسلامية اليوم ليس “ضعف التدين”، بل “سوء توظيف الدين”، عندما يتحوّل الدين إلى أداة للصراع من أجل المصالح، وإلى سيف يُشهر في وجه الدولة من أجل تقويضها لصالح مشروع سياسي مغلّف بعباءة دينية.
تاريخيًا، حين دخل الدّين في صراع مع الدولة، لم ينتصر لا الدّين ولا الدولة، بل انهارت الأمة نفسها، كالفتنة الكبرى التي حصلت في صدر الإسلام وما نجم عنها من كارثة نتيجة لزج الدين في صراع مع السلطة بناء على تفسيرات ضيقة للنصوص، في مشهد تتماهى فيه الخيوط وتتكاثر فيه الأصوات المتعارضة، حتى يبدو الصمت أكثر صدقاً من الهتاف، إنها لحظة ارتطام عنيف بين شهوة السلطة، وتيه الجماعة، وانزياح المعايير، فالخوارج لم يرفعوا سيوفهم لأنهم أحبوا الطهر، بل لأنهم أرادوا احتكار التفسير، ثم الانقضاض على من يخالفهم باعتباره عدوًا لله، لا مجرد مخالف سياسي، وعبر القرون، كل محاولة لفرض فهم أحادي للدين على مؤسسات الدولة، كانت نتيجتها دماء، لا هداية.
الهاشميون في الأردن هم من يحكمون البلاد، ومؤسسات الدولة تَرعى دور العبادة، وتنتشر المساجد في كل كتيبة عسكرية، وينصّ الدستور بوضوح على أن الإسلام دين الدولة، وهذا كافٍ في تأكيد مرجعية الإسلام في التشريع والثقافة العامة، لكن بعض التيارات لا تكتفي بهذا، بل تسعى إلى تحويل الدين من مصدر هداية إلى منصة للصراع، ويصورون أنفسهم على أنهم يملكون مفاتيح الحل باسم الإسلام، من غير أن يقدموا مشروعاً إصلاحياً واحداً واضحاً، ويصورون الدولة على أنها خصم شرعي يجب التصدي له، هذا الانحراف عن جادة الفهم هو الفتنة بعينها.
إن حماية الدين لا تكون بمواجهة الدولة، بل بتحصينها وتقويتها وحماية مؤسساتها، فالدولة هي الضامن لاستمرار المؤسسات الدينية، وهي من يصون الخطاب الديني من الابتذال أو الاستغلال، الدولة وحدها من تستطيع حماية الدين من عبث السياسيين، ومن تحويل النصوص إلى قنابل موقوتة قد تفسّر بما يثير الفتنة ويريق الدماء.
فمن الخطأ الجسيم أن يُزج بالدين في معركة إسقاط الدولة، فالدولة الأردنية ليست مشروعًا سياسيًا لأقلية، بل فضاء جامع يحمي التنوّع، ويضمن العدالة، ويُنظم التنافس بين أبناء المجتمع، أما إذا حوّلنا الدين إلى أداة للسيطرة السياسية، فإننا نكون قد اختزلنا رسالة السماء في صراع الأرض.
هناك من التيارات الإسلامية السياسية من يسوّق نفسه وكأنه “حارس الفضيلة”، متناسياً أن الدولة الأردنية التي أسسها الهاشميون سبقت التيارات في حماية الدين، فالقوانين التي تحظر الإساءة للمقدسات، وتحمي الشعائر وبيوت الله، وتُدرّس الدين في المدارس، لم تأت بها أحزاب ولا تيارات الإسلام السياسي، بل صاغتها الدولة نفسها منذ تأسيسها قبل أن تخلق الأحزاب والتيارات الأخرى، إذًا الدين كان مرافقاً لتأسيس الدولة في الأردن، والدولة هي من حمت الدين في الماضي وفي العصر الحديث.
ولا بد أن نعي الفرق بين أن تكون الدولة “دينية” بمعنى أن يحكمها رجال دين باسم التفويض الإلهي، وهذا مرفوض، وبين أن تكون الدولة “ذات مرجعية دينية” في تشريعاتها وهويتها، وهذا هو المعتمد في دستورنا، فليس المطلوب تسييس الدين، بل عقلنة السياسة بروح دينية تحترم كرامة الإنسان، وتؤمن بالتعدد والتعايش، كقيم إنسانية مستمدة من ديننا الحنيف.
في زمن الفتن، تصبح الكلمات أخطر من السلاح، لذلك يجب أن نعيد صياغة العلاقة بين الدين والدولة لا على أساس الخصومة، بل على أساس الرعاية المتبادلة: الدولة تحمي الدين من التوظيف، والقيم الدينية تضيء دروب الدولة، ويكون الدين مصدراً غنياً بالمعرفة تنهل منه الدولة بما يصلح حياة الناس ومعاشهم، فلنبقِ على الدّين في حماية الدولة، لا في مواجهتها؛ فالمواجهة وهم، والحماية وعي.
0 تعليق