loading ad...
ياريف موهير 16/5/2025
عندما صدر تقرير حركة "امنستي العالمية"، الذي يتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة، كنت أتولى منصب نائب المدير العام لفرع الحركة في إسرائيل، وكنت من رؤساء المعارضة العلنية للفرع لهذه المقولة – معارضة كلفت الفرع الطرد الفعلي من الحركة العالمية.اضافة اعلان
أنا كنت من بين الذين اعتقدوا أن أمنستي لن تنجح في الإثبات في التقرير عنصر النية، الذي هو ضروري من أجل القول بأنه تم ارتكاب إبادة جماعية. لم نقم بالاحتجاج على استنتاجات التقرير، بل بشكل محدد قمنا بالاحتجاج على التحليل الذي جاء فيه بأنه لا يوجد تفسير منطقي آخر لأفعال إسرائيل عدا عن نية من الأعلى لإبادة سكان غزة. لقد اعتقدنا أنه بالتأكيد يوجد تفسير آخر محتمل، مثلا الاستخفاف بحياة الغزيين في الطريق إلى تحقيق الأهداف العسكرية. واعتقدنا أنه محظور أن يكون الانحياز لإسرائيل سيثقل على القيام بتحليل مهني. كل ذلك تغير إزاء الوقف الشامل لإدخال المساعدات إلى غزة.
قرار منع كل المساعدات الإنسانية الذي يطبق منذ شهر آذار، يعطي أكثر فأكثر تأثيره في أوساط السكان المحليين (ربما أيضا في أوساط المخطوفين)، وكل يوم يمر بدون مساعدات فإن الصورة تزداد قتامة. هذه لحظة فاصلة. فالأمر لا يتعلق بتقييد نطاق المساعدات مثلما كان في السابق، بل يتعلق بمنعها كليا وبشكل مستمر.
يصعب الادعاء بأنه لا يوجد هنا عامل "النية" – حيث إن هذا قرار رسمي للحكومة، متسق ومطبق أيضا بعد تقارير عن نتائج مخيفة، وبعد إعلان المسؤولين عن مؤشر آي.بي.سي للأمم المتحدة بأن واحدا من بين 5 غزيين يوجد في حالة جوع. وهذه السياسة تغير قواعد اللعب: المبرر الوحيد لها هو تجويع السكان الذين لا يملكون أي سيطرة على حماس، من أجل تحقيق استسلام المنظمة التي لا تهتم بمصير رعاياها.
تصريحات من جانب جهات إسرائيلية التي بحسبها منع المساعدات سيتوقف قبل لحظة من التجويع الجماعي، تعكس خط تفكير مثيرا للغضب ومشوها. هو يرتكز إلى الادعاء بأنه في مخازن الغذاء في غزة ما يزال يوجد احتياطي كاف – الأمر الذي يناسب التقارير من الميدان، بما في ذلك تقارير جهات إنسانية دولية. بشكل عام، لا يمكن التوقف مرة أخرى قبل التجويع الجماعي. لا يوجد أي كبسة يمكن تشغيلها أو وقفها في أي وقت نريده.
التجويع الجماعي يبدأ بـ "الجيوب الجائعة" للآلاف في ظل الفوضى والتوزيع الداخلي السيئ، هكذا فإن للضعفاء ولمن هم غير مقربين من حماس، لن يبقى غذاء. إضافة إلى ذلك إزاء معلومات طبية التي تقول بأنه للأطفال الخدج أيضا توجد تغذية غير سليمة، التي لا تؤدي إلى الموت، لكنها يمكن أن تؤدي إلى أضرار خطيرة لا يمكن إصلاحها – هناك فئة عمرية كاملة في غزة معرضة لهذه الأخطار إذا أوقفت إسرائيل منع المساعدات. وحقيقة أنه معروف أن حماس لن تستسلم بسهولة، هذا إذا استسلمت، فإن إبادة السكان تبدو كهدف ثانوي للحكومة، وليس فقط كوسيلة مشوهة أمام حماس، والتي تفحص من سيتراجع أولا.
إسرائيل تقول بأنها ستعمل على تطوير منطقة إنسانية تمكن من توزيع المساعدات بحيث لا تصل إلى حماس، لكنها لم تنتظر إقامتها. يجب التأكيد على أن إقامة هذه المنطقة لن يحل، ولن يبرر تجويع السكان في أرجاء القطاع الأخرى، حيث إن هذه المنطقة لن تستطيع حقا أن تستوعب 2 مليون شخص. ولكن عدم استعداد إسرائيل للانتظار يدل على عدم الرغبة حتى في تخفيف المس بالسكان.
صحيح أن حماس هي شريكة في هذا الرعب: كان يمكنها فتح مخازن الغذاء خاصتها، وكان يمكنها تحرير المخطوفين، وأن لا تنفذ المذبحة من البداية أو الاستسلام. ولكن هذه الشراكة لا تعزينا. أيضا هذه ليست المرة الأولى التي يوجد فيها بين حكومة نتنياهو وحماس شراكة مقنعة. مسؤولية حماس لا تعفي إسرائيل من المسؤولية، لأنها هي التي تقوم بالتجويع مباشرة. إسرائيل تعد قوة محتلة، لذلك فإنها هي المسؤولة عن سكان المنطقة حسب القانون الدولي.
كيفما أدير الأمر فإن الوضع مخيف، وإسرائيل تصعب أكثر فأكثر على من يريد الدفاع عنها من تهمة الإبادة الجماعية. كيف يمكن الادعاء الآن بأن إسرائيل لا تعمل من خلال نية؟ هذه الوصمة أيضا توجد على جبيننا.
0 تعليق