عودة البريمي مَقيظًا مُستداما

صحيفة عمان 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

ما زالت المشاريع التنموية في محافظات سلطنة عُمان المختلفة محاور رئيسة لقياس مستوى الإنجاز ومؤشرات التحقق الفعلي بعيدا عن المخططات التنظيرية، كما أنها مؤشر واقعي لقياس نجاح فكرة الخروج عن المركزية إلى اللامركزية الإدارية والمالية، وحيث إنه لا يمكن لكل ذلك أن يتحقق دون مشاركة مجتمعية واعية يمثلها المواطنون في كافة القطاعات ومن مختلف الفئات العمرية والتخصصات العلمية والوظيفية إيمانا بأهمية الشراكة وضرورة المتابعة التفصيلية، وانطلاقا من هذا الفهم لتكاملية الأدوار قدم مكتب محافظ البريمي سعادة السيّد الدكتور حمد بن أحمد البوسعيدي مبادرة لدعوة مجموعة من مواطني محافظة البريمي الممثلين لقطاعات مختلفة حكومية وخاصة، متضمنة حتى طلاب المدارس والجامعات للوقوف على أهم المشاريع التنموية الواعدة بالمحافظة ومتابعتها وإبداء الملاحظات حول مراحل التنفيذ المختلفة إيمانا بعجز اليد الواحدة عن التصفيق، واللبنة الواحدة عن البناء والتعمير دون إشراك الجميع، فالشراكة في التخطيط والتنفيذ شراكة في المسؤولية.

ولمّا كانت واحة البريمي (تاريخيا) مقيظا يستقطب زواره ومحبيه لا من عُمان وحسب، بل من دول شقيقة كان أهلها يترقبون قيظ البريمي الظليل، وموسمها السخي لينعموا بأشهر من الخير في رعاية الواحة الوادعة الطيبة بعيدا عن الهجير القاسي للبيد المكشوفة دون غطاء النخل الرؤوم ظلا وغذاء، كان لا بد من زيارة مشروع «مركز المدينة» الذي يربط السوق الشعبي والحصن التاريخي بإنسان المكان ليتحول التاريخ إلى واقع معاصر معاش، وحيث إنه لا يمكن تجميد اللحظة التاريخية ولا استعادة الماضي دون قراءة الحاضر واستشراف المستقبل فلا أقل من رؤية طموحة لأنسنة المكان بشكل عصري يتواءم ومعطيات الوقت وتحديات الواقع، ولتجاوز حرارة الجو حرصا على استدامة المشروع وفاعليته لا بد من تفكير جاد في نُظُمٍ للتكييف وتجديد الهواء بالمكان حرصا على استقطاب الزوار لهذه الواحة عبر «مركز المدينة» لا في موسم الشتاء وحسب، بل في كل المواسم ومختلف الفصول .

أما «البحيرة الصناعية» في محافظة البريمي فهي حلم يسعى به المخلصون للتحقق، كيف لا والماء حلم البيد وأمل الواحات في استنطاق المكان وإنعاش المتعبين؟! مشروع تطلب الكثير من الجرأة وأضعافها من الشجاعة توفيقا بين طبيعة المكان ومعطيات الزمان، وحيث إن المعطيات -من عقول تخطط لرسم غد أفضل، وسواعد تتكاتف لتجاوز التحديات ماديا وفنيا- متوافرة، تحملها رؤى تحلم بالأفضل لمكان يستحق الأفضل من المتاح والأكثر من الممكن فلا أقل من بحيرة مائية تستدير ليتحلّق حولها مجاميع البشر مقيمين وزوارا مستمتعين بتفاصيل المشروع من «شاليهات» ومقاهٍ ومطاعم ومسرح، ووحدات سكنية تضمن للمشروع التحقق وللمكان الاستدامة.

ثم مشروع تفعيل بوابة محافظة البريمي بتصييرها مركزا سياحيا ثقافيا حرصا على استغلال الموارد المالية على أكمل وجه توافقا مع فكرة البوابة التي تقدم لزائر المحافظة ما قد يحتاجه من بيانات ومعلومات تاريخية، وإرشادات سياحية عبر شاشات رقمية مصممة وفق أحدث المواصفات، إضافة إلى المتعة العصرية متمثلة في الألعاب الرقمية والمقاهي الشبابية بحيث يجد زائرها فائدة المعرفة ومتعة المتكأ قبل أو بعد زيارة الواحة التاريخية الوادعة.

مشاريع «الأكشاك» التي تستحضر عناية المحافظة بكل فئات المجتمع نهوضا بالمشاريع الصغيرة وتنظيما لعشوائية توزيعها، ثم مشروع الممشى الصحي، وغيرها من المشاريع الهادفة لتهيئة وتطوير خدمات البنية الأساسية بالمحافظة، كل تلك المشاريع الواعدة موزعة على أحياء ومناطق البريمي المختلفة مرآة تعكس وعي المسؤولين بأهمية التنمية، كما تعكس حرصهم على أدق التفاصيل متضمنة توفير الكثير من فرص العمل لأبناء المحافظة إضافة إلى العناية بكبار السن والأطفال والعائلات توافقا و«رؤية عمان 2040».

ختاما؛ ونحن نترقب الاحتفاء بالمؤمل من مشاريعنا التنموية لا بد من ثناء لكل مستحق للثناء ولا بد من تعزيز الجهد بشكر المجتهد، لا بد من متابعة لكل ما من شأنه النهوض بتنمية المكان والإنسان، حتى لا يأتي الملام أوان فوات الأوان ويأتي التفكير بعد انتهاء التدبير دون تمامه، وما كان حلما للجميع لا بد أن يكون شراكة مجتمعية بمتابعة مجتمعية توافقية تعكس وعي أفراد الشعب وحرصهم على مواردهم الوطنية العامة بعيدا عن الأنوات الفردية وجشع النفوس، وكما كانت البريمي (تاريخيا) واحة للمقيظ ملتقى للأحبة فإننا نكاد نرى عودتها ملتقى للجميع بطابع عصري موظف تقنيات الحاضر وإمكانيات العصر بسواعد المخلصين من أبنائها ومقيميها.

حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق