loading ad...
نداف ايال 4/5/2025
الصاروخ الحوثي الذي سقط في مطار بن غوريون ذكر إسرائيل ببضع حقائق أليمة. الأولى هي أن الحرب – وليس فقط في غزة، بل في كل المنطقة – ما تزال هنا. الثانية هي أنه لا توجد نجاحات تامة ولا في الدفاع الجوي الإسرائيلي الممتاز بمساعدة إدارة ترامب. الثالثة، التي جاءت مع موجة إلغاء الرحلات الجوية الأجنبية هي أن ليس لإسرائيل مصلح في حرب لا تنتهي. وأن هذا التهديد، في أن الحرب ستستمر وتستمر يهدد أساسا الإسرائيليين، الاقتصاد والمجتمع هنا. وأن المفهوم البن غوريوني عن الحروب القصيرة لم ينبع من ضعف إسرائيل، من قصر نظر او من تحديات محدودة في 1948. نبع من فهم واعٍ للعمق الاستراتيجي الإسرائيلي، من موقف الدولة في الأسرة الدولية، اعتمادها الزائد على جهات اجنبية والجيش الإسرائيلي كجيش احتياط.اضافة اعلان
أمس تحدثت مع رجلي أعمال كانا في طريقهما إلى مناسبة مهنية في إسرائيل ورحلتاهما الغيتا. وهما يعتزمان محاولة الوصول، اذا ما نجحا، لكن حدثا كالإصابة للمطار هو ذو مغزى بعيد المدى وضرر متراكم. مقاطع الفيديو بثت في أرجاء العالم. انحراف طفيف واذا بالصاروخ كان سيضرب طائرات مسافرة أو قاعة السفر. شركات طيران اجنبية يتعين عليها أن تجري حساب المخاطر (وفي حالة العال حساب رفع الأسعار). التهديدات بردود حادة ضد الحوثيين في مكانها بالطبع. لكن الحقيقة هي أن المشكلة الحوثية يمكنها أن تحل بثلاث وسائل. الأولى هي احتلال قوة خصم لهم في أراضي اليمن. هذا ليس على جدول الأعمال حاليا. الثانية هي انهاء الحرب في قطاع غزة. والثالثة، التي يجربها الأميركيون الآن هي نزع قدرات من النظام الحوثي بهجمات متكررة، وهذا يستغرق وقتا.
في هذه الاثناء، الأسياد في طهران راضون. من جهة سلحوا ودربوا الحوثيين. من جهة أخرى هم يتفاوضون مع الإدارة الاميركية التي تريد اتفاقا معهم. للامريكيين يقولون لم تعد لنا سيطرة فاعلة على الحوثيين.
الصورة الكبرى هي أن تواصل الجهود للوصول إلى صفقة مخطوفين، محدودة، لكن صفقة فيها مسار لإنهاء الحرب حقا. مبعوث الرئيس ستيف ويتكوف يواصل بذل الجهود في الموضوع. رئيس الوزراء نتنياهو يواصل اتهام قطر بانها لا تضغط بما يكفي على حماس؛ هذا مؤشر على الوضع السيئ للاتصالات الآن. توسيع العملية العسكرية في قطاع غزة ما يزال يستهدف الضغط على حماس. هذه ليست بعد واحدة من الخطتين الكبيرتين لاحتلال القطاع. أمس نشر في اخبار 13 بأن رئيس الأركان حذر من أن تنفيذ خطة كهذه يمكن أن يتسبب بموت المخطوفين؛ في أخبار 12 نشر أن رئيس الأركان أبلغ المستوى السياسي قطعيا بأن جنود الجيش لن يوزعوا الطعام للسكان الفلسطينيين. هذا كله جزء من الصورة إياها التي ترتبط بما يريده الجيش في القطاع.
تخوف من "نموذج حزب الله"
في هيئة الأركان توجد خيبة أمل من الطريقة التي يشد بها المستوى السياسي لحملة لا عودة منها في القطاع. لا عودة منها للمخطوفين ولا لمكانة القطاع أيضا، تحت الاحتلال. في واقع الأمر، يقود المستوى السياسي إلى مستوى T كهذا: إما أن تدفع الضغوط التي تمارس في القطاع بحماس إلى صفقة أو نسير إلى احتلال كامل للقطاع. أناس كسموتريتش وبن غفير يتطلعون ويصلون الا توافق حماس على صفقة. هم يريدون الاحتلال. المستويات العليا في الجيش تقول هكذا لا يمكن. توجد إمكانية ثالثة، ومن الواجب على الأقل التفكير بها والبحث فيها بشكل جدي. الوصول إلى توافقات تسمح بانهاء الحرب، إزالة حكم حماس وإعادة المخطوفين. هذه المستويات لا تقول بالضرورة كلمتي "المبادرة المصرية" لكنها لا تريد ان يحشر الجيش في مثل هذا الخيار الصعب. وهنا ينبغي أن نشرح نقطة حرجة. في كل الخطط التي توجد على الطاولة، المصرية او الإماراتية او تلك للرئيس ترامب، حماس لا تسيطر في قطاع غزة. التخوف الإسرائيلي هو من "نموذج حزب الله"، والذي تبقى فيه حماس خلف الكواليس.
لكن هيا نفترض أن الحرب استمرت والجيش الإسرائيلي احتل كل القطاع. وفي نهاية هذه الحملة أيضا ستنفذ خطة ما. بكلمات أخرى: كل اللاعبين الإقليميين يتفقون منذ الآن على إزالة حماس. السؤال في هذه اللحظة هو إلى أي حد تكون هذه الإزالة فاعلة، مشددة، بعيدة المدى. اذا تقررت الحملة الكبرى فإن فرضية العمل هي انه لا يمكن الوصول إلى نتيجة قاطعة تلقي بحماس عن حق. لكن الثمن هو المخطوفون. وعليه فالسؤال ليس إزالة حماس مقابل تحرير مخطوفين بل هل مناسب التضحية بالمخطوفين لقاء الفجوة بين ما يمكن لإسرائيل أن تحصل عليه منذ الآن وبين الإنجاز بعد أن تحتل (مثلا) مخيمات الوسط وقلب مدينة غزة، بثمن باهظ للجيش ولدولة إسرائيل. هذا هو السؤال.
لكن هذا السؤال موضوعي جدا. الحقيقة هي انه اذا ما اجرى نتنياهو البحث الجدي الذي يريده جهاز الامن واذا لم يتخذ القرار الذي يتبناه سموتريتش وبن غفير، فان حكومته في خطر. وهم سيسلمون بصفقة جزئية لكن ليس أكثر من ذلك.
زيارة ترامب الحرجة
في هذه اللحظة تتحكم بالجدول الزمني زيارة ترامب إلى المنطقة. مشكوك أن تخرج إسرائيل إلى حملتها الواسعة قبل أن يعود إلى واشنطن. في الولايات المتحدة ما يزال يأملون باختراق في الاتصالات للصفقة. اختراق يؤدي إلى أن حتى ترامب يفكر بتغيير خططه ويأتي ليستقبل المحررين في إسرائيل – وبينهم، اذا ما كانت صفقة، المواطن الأميركي عيدان الكسندر. لكن حاليا، الاختراق ليس هنا. ما هو هنا حقا هو زيارة حرجة لترامب إلى المنطقة، زيارة يوشك على أن يخرج منها بنجاحات اقتصادية ذات مغزى وتوقيع اتفاقات أمنية – وكل ذلك بدون زيارة إسرائيل وبدون حديث عن تطبيع مع إسرائيل. الرئيس ترامب الذي تعزى اتفاقات إبراهيم له ما يزال يتطلع إلى جائزة نوبل للسلام. والطريق لتحقيق ذلك هو سلام سعودي إسرائيلي. لكن السعوديين يأخذون في الشهرين الأخيرين خطوات واسعة إلى الوراء. النقطة ليست فقط استمرار الحرب في غزة. فلئن كانوا اعتقدوا قبل سنة بأن بنيامين نتنياهو يمكنه ان يوفر البضاعة، فان محافل سعودية تقول لنظرائها الأميركيين إن رئيس الوزراء ليس الحل بل المشكلة.
هذه الأمور تنضم إلى احتكاكات كبرى بين القدس وواشنطن؛ في الإدارة ومحيطها توجد محافل ذات نفوذ كبير تتخوف من محاولة جر الولايات المتحدة إلى حرب في الشرق الأوسط وتدعو إلى التركيز فقط وحصريا على التهديد الصيني. أمس نشر نبأ يتحدث عن "خيبة امل" نتنياهو من الرئيس ترامب، الامر الذي لن يستقبل جيدا في البيت الأبيض، وقبل يومين نشرت "واشنطن بوست" نبأ طويلا ادعى بان مستشار الامن القومي مايك فالتس اقيل (أيضا) بسبب اتصالاته مع الإسرائيليين. نتنياهو اضطر لأن ينشر نفيا، أما الأميركيون بالذات فلم ينفوا بالقطع.
0 تعليق