لماذا دائماً بعد فوات الأوان؟

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

ما أعقل الدول الخليجية وأنظمتها وما أكبر حكمتها هذا الذي نكتشف بشكل متكرر ويعزز هذه النتيجة كلما عاد بعض المزايدين إلى عقله، وقال كنتم على حق إنما بعد فوات الأوان.

مثلما مقولة حسن نصر الله «لو كنت أعلم» التي عبر فيها عن ندمه على استدراج إسرائيل للحرب عام 2006 بعد أن رأى حجم الدمار الذي حل على لبنان، اكتشفنا أن جمال عبدالناصر وصل إلى ذات القناعة بعد أن هزم عام 1967، الذي أثبت أن ما كنا نقوله نحن الدول العربية خاصة الخليجية، والتي تتهم بالتصهين والتطبيع لمحور المقاومة هو الصح، وقد اكتشفه عبدالناصر، وقاله قبل 55 عاماً، أي قبل أكثر من نصف قرن، ولكن بقي كلامه سراً لا يعلم به أحد إلى أن نشر قبل أسبوع.

وأن يقول مثل هذا الكلام جمال عبدالناصر الذي كان قائداً من قيادات ما يسمى بمحور المقاومة، أصحاب ما أخذ بالسلاح لا يسترد إلا بالسلاح، المحور الذي وجه سلاحه لكل من عارض فكرته حتى وإن كان عربياً، المحور الذي سمى دول الخليج حينها بالدول الرجعية، بل وحارب المملكة العربية السعودية عن طريق اليمن؛ لأنها لم تقبل الدخول في مغامراته، كل ذلك في سبيل فكرة الدولة العربية الكبرى، وفي سبيل إنهاء دولة إسرائيل بالسلاح.

لذلك فإن التسجيل السري الذي نشره أبناء جمال عبدالناصر قبل أسبوع، والذي كان عبارة عن مكالمة بينه وبين القذافي، كشف أن الزعيم الراحل بعد ثلاث سنوات من هزيمته عام 67 تخلى تماماً عن محور المقاومة، وتخلى عن السلاح، بل وتخلى عن القضية الفلسطينية برمتها!! وقبل بمبدأ التفاوض ومبادرة روجرز التي أطلقها الأمريكيون لوقف إطلاق النار بين مصر وإسرائيل والجلوس على طاولة الحوار.

وطلب عبدالناصر في المكالمة من محور المزايدين وعلى رأسهم القذافي -الذين هم لا مقاومين ولا مطبعين- بل هم في المنتصف مهمتهم كانت الدفع باتجاه تصادم مصر إنما، دون أن يدخلوا في الصراع كليبيا والجزائر والعراق حينها، طلب منهم التقدم ومحاربة إسرائيل، وأن (يحلوا عن نفوخي)!

لماذا نعقل بعد فوات الأوان، وليس قبل أن تقع الفأس في الرأس؟ لماذا نخسر بشكل متكرر ونرتكب ذات الأخطاء، ونندم ذات الندم؟ لماذا لم نكتشف طرقاً لاستعادة الحقوق غير الانتحار؟ لماذا اكتشفت الهند وجنوب أفريقيا واليابان وغيرها طرق أساليب مقاومة بأشكال أخرى غير السلاح والأهم أنها انتصرت فيها واستعادت حقوقها، بل وردت اعتبارها.

لماذا علينا نحن فقط أن نقدم القرابين كل مرة لمن صوته أعلى ولمن يسارع بتخوين المعارضين لفكرة السلاح؟

بهذا الفكر الذي تحدث به عبدالناصر لو كان موجوداً الآن هل كان السنوار سيدخل ذات الفخ، وسيجر معه ملايين البشر إلى هذا الجحيم الذي يعيشون فيه الآن، ويموتون فيه ألف مرة؟ ما قاله عبدالناصر تقوله دول الخليج ومصر منذ عقود، وتتهم من قبل ذات الأطراف التي لا تدخل الحرب ولا تقاوم، بل الأدهى لا تساعد حتى مساعدات إنسانية، إنما تريد منا نحن أن نموت.

لماذا؟ لماذا بعد فوات الأوان، وليس قبله.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق