غازي الغريري
عند زيارة أي طبيب أصبح لدى الكثير من المرضى الذين يدخلون العيادات فكرة شائعة للحصول على الوصفة الدوائية، حيث يتوقع المرضى الخروج بكيس من الأوية وربما يشعر البعض بخيبة أمل إذا لم يحصلوا على تلك الأدوية، وهذا حقيقة ولم تكن وليدة الصدفة بل نتيجة تراكمات من الثقافة الصحية، وما يلفت النظر أن كثيرا من هذه الوصفات تصرف دون مناقشة كافية للأسباب الحقيقية التي تقف خلف الأعراض، على سبيل المثال، قد يعاني شخص من ارتفاع في ضغط الدم، فيصرف له دواء يعالج النتيجة بينما نغفل عن الأسباب التي ربما تتمثل في نمط حياة يتمثل في الكسل والخمول أو زيادة في الوزن، فحين يصاب أحدهم بالسمنة مثلا لا ينبغي أن يكون الخيار الأول هو دواء يسد الشهية أو اللجوء للعمليات في قص او تحوير للمعدة والتي انتشرت مؤخرا بشكل كبير بل مراجعة شاملة للنظام الغذائي وللروتين اليومي وتغيير العقلية تماما، فالعلاج الحقيقي يبدأ من التفكير والرغبة في التغيير ومن القناعة بأن الصحة لا تختصر في دواء يصرف من صيدلية.
هذا لا يعني أن الأدوية ليست ضرورية فهي بلا شك أحد أعمدة العلاج الحديث ولكن المشكلة تكمن في الاعتماد الكلي عليها دون التفكير في الوقاية أو تعديل الأسباب التي قد تكون وراء المرض نفسه، وبالتالي لابد من تعديل نمط الحياة وممارسة المشي اليومي وتحسين العادات الغذائية التي حتما سيكون لها الأثر الكبير في التقليل من التوتر والضيق، وهذا ما كنت قد بدأته بعد أن تقاعدت من عملي الحكومي ذهبت إلى إحدى صالات الرياضة وقمت باتباع نظام غذائي صحي والتي امتدت لعدة أشهر وقتها نزل الوزن وأصبح مثاليا وقام الدكتور بإيقاف حبوب الكوليسترول وتقليل قوة حبوب الضغط والأهم من ذلك كانت النفسية في أفضل حالاتها كل ذلك ينعكس بلاشك على الحياة اليومية والتعامل مع من حولك بكل أريحية ولا تشعر بالضيق أو الملل والضجر، إلا أنني وللأسف واعترف رجعت للمربع الأول لعوامل كثيرة أبرزها الكسل والتسويف واللامبالاة وهذا ما جعلني أكتب هذا المقال لتذكير نفسي وغيري بأن الإصرار والعزيمة هي السبب في تحقيق الأهداف مهما كانت مستحيلة.
في الغالب العام أصبحت العودة للرياضة وتحسين نمط الحياة ففط بعد حدوث انتكاسة صحية وبات الخيار الأخير لا الأول والأصعب من ذلك أن بعض المرضى حتى بعد ظهور أولى علامات تدهور حالتهم الصحية يفضلون مواصلة الاعتماد على الدواء ويتجنبون إدخال تغييرات حقيقية على حياتهم، وهذا ليس دائما بدافع الكسل بل أحيانا بسبب قناعة مترسخة بأن ما حدث كان حتميا ويقنع الشخص نفسه بذلك وهو يعلم في قرار نفسه بأنه نتيجة التقصير والإهمال والتأجيل والتسويف في ممارسة الرياضة واتباع نظام غذائي صحي، لذلك ومن هنا أدركت بأن ثقافتنا الصحية بحاجة إلى إعادة التوازن وتعزيز الوعي بأهمية العادات اليومية، وأن يكون لدينا قناعة بأن الأمراض المزمنة إن لم تكن وراثية يمكن التخفيف منها أو حتى تجنبها بالكامل إذا اعتنينا بجذور المشكلة والسعي لمعالجتها ولو كان ذلك بعد فترة طويلة قد تمتد لشهور وربما لسنوات.
0 تعليق