المنتدى العربي للتنمية المستدامة

مصدرك 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

د. محمد الصياد *

عقد في بيروت خلال الفترة من 14 إلى 16 إبريل/نيسان 2025، المنتدى العربي للتنمية المستدامة، برعاية رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزيف عون، بتنظيم من الأمم المتحدة ممثلة في اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (ESCWA) برئاسة رولا دشتي وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، وبمشاركة رئيس جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط والوزراء العرب المعنيين بالتنمية المستدامة وعدد كبير من الخبراء العرب والأجانب المتخصصين في قضايا التنمية المستدامة والتمكين الواسع للمرأة العربية من المشاركة في التنمية والبناء المجتمعي الشامل.

وقد سبق انعقاد المنتدى، الاجتماع الإقليمي لمنظمات المجتمع المدني حول التنمية المستدامة، الذي انعقد خلال الفترة 12-13 إبريل/نيسان 2025، بتنظيم من شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية بالتعاون مع منصة المجتمع المدني حول التنمية المستدامة، وشارك فيه عديد المنظمات والخبراء المتخصصين في مجالات الاقتصاد المختلفة والتنمية المستدامة في الدول العربية. وقد تشرفت، بناءً على دعوة من الجانبين، بالمشاركة في أعمال الملتقيين.

توزعت جلسات الاجتماع الإقليمي لمنظمات المجتمع المدني حول التنمية المستدامة، على مدار يومين، بينما امتدت أعمال المنتدى لثلاثة أيام. وبكل تجرد، أزعُم أن الموضوعات التي تضمنتها أجندة الاجتماع الإقليمي، تميزت بالمواكبة الذكية للمستجدات الجارية على ساحة العمل الدولي والإقليمي في المجالات الجيوسياسية والاقتصادية والاجتماعية الملحّة. كما تميزت النقاشات والمرئيات بشأن القضايا والموضوعات التي طُرحت في جلسات الاجتماعات، بالعمق والدقة والموضوعية والشمولية؛ تناوب على عرضها وفرش الأرضية لمناقشتها عدد من الباحثين والباحثات من مختلف البلدان العربية. أبرز هذه القضايا والموضوعات: الوضع الدولي السائل ومصير النظام الدولي المتعدد الأطراف؛ واقعية الدبلوماسية الوقائية Preventive diplomacy (اتخاذ إجراءات دبلوماسية لمنع تفاقم النزاعات وتحولها إلى صراعات، والحد من انتشارها عند وقوعها)؛ تعاظم المقاربات الأمنية والعسكرية المهددة للاستقرار والسلم الدوليين، وانعكاساتها على بلدان المنطقة العربية وعلى مصير القضايا الاقتصادية والاجتماعية لأهداف الأجندة العالمية 2030؛ مشاكل المديونية وسياسات التقشف؛ الضرائب، وانعكاساتها على اتجاهات الإنفاق العام والتنمية وعلى مخصصات شبكات الأمان والحماية الاجتماعية، مع إلحاحية عدم التفريط فيها في إطار سياسات «ترشيق» الإنفاق العام؛ الحوكمة المناخية؛ اتساع بؤر التوتر والنزاعات الجيوسياسية والتنافس الشرس للاستحواذ على المعادن الأرضية النادرة التي تشكل أهم مدخلات مصادر الطاقة المتجددة؛ والتحول الطاقوي.

وفي ضوء التمثيل رفيع المستوى التخصصي، العلمي والأكاديمي والمهني، فقد جاءت توصيات الاجتماع الإقليمي لمنظمات المجتمع المدني حول التنمية المستدامة، نوعية ومواكبة للمستجدات الإقليمية والدولية، على الصعد الجيوسياسية والاقتصادية والاجتماعية. أبرز هذه التوصيات: إصلاح الحوكمة العالمية لتحقيق تمثيل مناسب للجنوب العالمي في المؤسسات المفتاحية لصناعة القرار الدولي، وتجاوز مركزة وتركيز القوة المهيمنة، المكرَّسة لخدمة رأس المال وتعظيم الأرباح. احترام سيادة الدول النامية فيما يتعلق بتمويل مشاريع التنمية، ووجوب توقف مؤسسات التمويل الدولية عن دفع الدول النامية المدينة والمقترضة، لشطب شبكة الحماية الاجتماعية من مخصصات إنفاقها العام. أيضاً، تم التشديد على أن من الاستحالة بمكان تحقيق استدامة التنمية من دون معالجة مشكلة الفساد، ووضع الشفافية ومكافحة الفساد كأولوية سياسية جذرية وليس كإشكال تنموي تقني، بحيث يُصار إلى دمج المسألتين (الشفافية ومكافحة الفساد) في حيثية الإصلاحات الهيكلية على المستويات المحلية والدولية.

وبعد المشاركة، في الأيام الثلاثة التالية، في أشغال المنتدى العربي للتنمية المستدامة، كنت أتمنى لو أن المنتدى، وتحديداً الأخوة والأخوات في اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، اختاروا المزج في المنتدى بين التمثيل الرسمي وتمثيل المشاركين في أعمال الاجتماع الإقليمي لمنظمات المجتمع المدني حول التنمية المستدامة، عوضاً عن قصر أعمال المنتدى على الجهات الحكومية الرسمية التي التزمت، بصرامة مفرطة، بحيثية خطابها الرسمي التقليدي، سواء في كلمات الافتتاح التي تناوب عليها الوزراء ورئيس جامعة الدول العربية، أو في مداخلات الشخصيات شبه الرسمية التي دعيت للإضاءة على تقديم رؤاها ومقترحاتها استعداداً للمشاركة العربية الفاعلة في القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية التي ستُعقد في دولة قطر.

* خبير بحريني في العلاقات الاقتصادية الدولية

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق