loading ad...
عمان – "الأسلوب متقن بشكل غير معتاد، والمصطلحات علمية دقيقة تفوق قدرة طلاب الصف التاسع" بهذه الكلمات بدأت معلمة مادة العلوم في إحدى المدارس الخاصة سمر خوالدة حديثها مع "الغد"، لافتة إلى أنها واجهت بعض الطلبة، واعترفوا بأنهم استخدموا الذكاء الاصطناعي لكتابة مهام محددة.اضافة اعلان
البداية كانت حينما قامت بمراجعة واجبات طلابها في مادتها، لاحظت أن عددا من التقارير كانت متشابهة في البنية والأسلوب، رغم اختلاف أسماء الطلاب.
من جهته، يقول يزن وهو اسم مستعار لطالب جامعي، إنه يستخدم الذكاء الاصطناعي بانتظام للمساعدة في إعداد التقارير والمشاريع، مبررا الأمر "الدراسة صعبة، والضغط كبير، فلا أرى ضررا في الاستعانة بأداة توفر لي الوقت وتنتج شيئا جيدا".
هذه الحالات ليست فردية، بل أصبحت تمثل ظاهرة مقلقة في النظام التعليمي، حيث يعتمد عدد متزايد من الطلاب على أدوات الذكاء الاصطناعي، مثل ChatGPT وCopilot وGemini، لأداء الواجبات المدرسية والجامعية، بل وحتى لحل أسئلة الاختبارات القصيرة والواجبات التقييمية، الأمر الذي بدأ يثير قلق المعلمين والجامعات، وحتى أولياء الأمور.
تساؤلات حول حقيقة التحصيل الأكاديمي
وأكدت دراسة نشرت ضمن تقرير "مؤشر الذكاء الاصطناعي" الصادر عن جامعة ستانفورد لعام 2023، أن ما يزيد على
30 % من طلاب الجامعات في الولايات المتحدة استخدموا أدوات الذكاء الاصطناعي في واجباتهم، وغالبا دون توجيه أكاديمي واضح. كما أشار التقرير إلى تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الأنشطة الكتابية، ما يثير تساؤلات حول نزاهة التحصيل الأكاديمي.
"الذكاء الاصطناعي يعطل التعبير، ولا ينتج إعلاميا حقيقيا"، بهذه الجملة بدأ دكتور الإعلام الرقمي بركات زيود كلامه، وحذر من الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية، خاصة لدى طلاب الأعوام الأولى في كليات الإعلام، معتبرا أن هذا التوجه يضعف قدراتهم التعبيرية ويحول دون تكوين إعلاميين حقيقيين قادرين على صناعة المحتوى والتفاعل مع الحدث لحظة بلحظة.
ويقول زيود "إن كثيرا من الطلاب الجدد في قسم الإعلام يدخلون الجامعة مباشرة بعد الثانوية العامة، من دون خلفية واضحة عن طبيعة العمل الإعلامي، مما يتطلب بناء قدراتهم من الصفر، لا سيما في مجال التعبير، الذي يعد الركيزة الأهم في مواصفات الإعلامي الناجح".
ويؤكد أن بعض الطلاب أصبحوا يعتمدون على أدوات الذكاء الاصطناعي لإنجاز واجباتهم، وهو ما انعكس بوضوح في الأعمال التي يقدمونها، حيث لاحظ أنها مكتوبة بلغة ومصطلحات لا تنتمي إلى أسلوبهم الشخصي، مما يدل على أن الأداة هي التي أنتجت النص وليس الطالب.
ووفق قوله، "أصبح بعض الطلاب يقولون لي بالحرف، الله يبارك لنا في الذكاء الاصطناعي"، مشيرا إلى أن هذا الاعتماد يعطل تفكير الطالب، ويجرده من ملكة التعبير، وهو ما يؤدي في نهاية المطاف إلى تخريج طلاب غير قادرين على إنتاج محتوى إعلامي أصيل أو التعامل مع المواقف التي تتطلب تفاعلا مباشرا، مثل كتابة خبر عاجل، أو بيان صحفي، أو تغطية مؤتمر في اللحظة ذاتها.
ويرى زيود أن الإعلام لا يمكن تدريسه اعتمادا على التلقين أو الحفظ فقط، بل يجب أن يدرب الطالب على التعبير بلغة الإعلام الحية، التي تنقل الواقع وتتفاعل معه. ويقول "الإعلام يتعامل مع حدث وليد اللحظة، والذكاء الاصطناعي لا يمتلك روح اللحظة ولا قدرة الصحفي على التعبير الإنساني".
ويلفت إلى أنه رغم كل التطور في أدوات الذكاء الاصطناعي، إلا أن هذه الأدوات قد تتعطل فجأة، كما يمكن أن ينقطع الاتصال بالإنترنت في لحظة الحدث، وهنا تظهر الحاجة الحقيقية إلى المهارات الذاتية للصحفي، وقدرته على نقل الرسالة بمفرده، من دون الاتكال على وسائط مساعدة.
استخدام AI كأدوات تساعد في البحث
ويضيف أدوات الذكاء الاصطناعي يجب أن تكون مساعدا في البحث عن الخلفيات والسياقات، لكنها لا تستطيع أن تحل محل الصحفي في التعبير والتفكير وصناعة الموقف الإعلامي، مشددا على ضرورة أن تتنبه كليات الإعلام في الجامعات الأردنية إلى هذه المسألة الخطيرة، حتى لا تتحول الأدوات الذكية إلى عائق أمام بناء الكفاءات الإعلامية المطلوبة.
ويختم د. زيود بالتأكيد على أن الطلاب يقادون في سنوات دراستهم نحو الطريقة الطبيعية في التعبير والعمل الإعلامي، وعليهم أن يتدربوا على استخدام أدوات الإعلام الرقمي، ومنها الذكاء الاصطناعي، كوسائل مساعدة فقط، لا كبديل عن التفكير والتفاعل، إذ نريد إعلاميين يصنعون التأثير بأنفسهم، لا أن يكونوا مجرد ناقلين لما تقوله الآلات.
وفي تقرير آخر صادر عن منظمة اليونسكو في أواخر 2023 بعنوان "الذكاء الاصطناعي ومستقبل التعليم"، حذر من مخاطرة استخدام هذه التقنيات بشكل غير أخلاقي، ودعا إلى ضرورة تضمين الذكاء الاصطناعي في المناهج بطريقة مسؤولة ومنظمة، وأكد التقرير أن المؤسسات التعليمية يجب أن تعد أطرا واضحة لاستخدام هذه الأدوات بما يعزز التعلم ولا يلغيه.
المشكلة تتفاقم مع محدودية الأدوات المتوفرة للكشف عن المحتوى المنتج بالذكاء الاصطناعي، كما أن جزءا كبيرا من المعلمين والمعلمات لم يتلقوا تدريبا كافيا لتمييز هذا النوع من النصوص. وتقول المعلمة ليلى الخطيب التي تدرس في إحدى المدارس الخاضة "من الصعب أن تعرف إن كان الطالب هو من كتب الواجب أم لا، لكن إذا كان النص متماسكا ومنسقا، واللغة سليمة تماما على عكس مستوى الطالب يمكن كشف الأمر".
إعادة النظر في نظام الواجبات
وتشير التربوية والمرشدة النفسية رائدة الكيلاني إلى أن طرق التقييم التقليدي باتت غير مناسبة للعصر الرقمي، حيث تركز هذه الأساليب على تقارير مكتوبة وأسئلة إنشائية، وهي عناصر يسهل على الذكاء الاصطناعي إنجازها.
وتدعو إلى إعادة النظر في نظام الواجبات، والاتجاه نحو أساليب تقييم تتطلب مشاركة فكرية ومهارات تحليل ومناقشة، كالعروض التقديمية التفاعلية، والنقاشات الصفية، والمشاريع الجماعية التطبيقية.
وتعترف بصعوبة منع الذكاء الاصطناعي، لذا ينبغي توجيه استخدامه، حيث يمكن أن يكون أداة تعليمية قوية إذا ما استخدم بطريقة مدروسة، ومن الممكن مثلا تدريب الطلاب على تحليل نصوص أنشأها الذكاء الاصطناعي، أو استخدامها كنقطة انطلاق للنقاش، لا كبديل عن التفكير الشخصي.
وعن تداعيات هذه الظاهرة ترى الكيلاني أنها من الممكن أن تكون أعمق من مجرد درجات زائفة، إذ تحذر من أن الطلاب الذين يعتمدون على الذكاء الاصطناعي دون فهم حقيقي للمواد، قد يجدون أنفسهم عاجزين عن أداء المهام المهنية لاحقا، مما يضر بثقتهم بأنفسهم ويقلل فرصهم في النجاح والتطور المهني.
وقد أظهرت دراسة أُجريت في كلية التعليم بجامعة هارفارد عام 2024 أن الإفراط في الاعتماد على أدوات الكتابة الذكية يقلل من تطور مهارات التفكير النقدي لدى الطلاب، إذا لم تستخدم في إطار تعليمي منظم. وأوصت الدراسة بضرورة تدريب الطلاب على استخدام الذكاء الاصطناعي كمساعد في التعلم، وليس كبديل عن الفهم والتحليل الشخصي.
وفي نهاية المطاف، يجد الطلاب أنفسهم أمام مفترق طرق إما اللجوء إلى الطريق السهل الذي توفره التكنولوجيا، أو مواجهة التحديات التي تفرضها الدراسة الحقيقية.
البداية كانت حينما قامت بمراجعة واجبات طلابها في مادتها، لاحظت أن عددا من التقارير كانت متشابهة في البنية والأسلوب، رغم اختلاف أسماء الطلاب.
من جهته، يقول يزن وهو اسم مستعار لطالب جامعي، إنه يستخدم الذكاء الاصطناعي بانتظام للمساعدة في إعداد التقارير والمشاريع، مبررا الأمر "الدراسة صعبة، والضغط كبير، فلا أرى ضررا في الاستعانة بأداة توفر لي الوقت وتنتج شيئا جيدا".
هذه الحالات ليست فردية، بل أصبحت تمثل ظاهرة مقلقة في النظام التعليمي، حيث يعتمد عدد متزايد من الطلاب على أدوات الذكاء الاصطناعي، مثل ChatGPT وCopilot وGemini، لأداء الواجبات المدرسية والجامعية، بل وحتى لحل أسئلة الاختبارات القصيرة والواجبات التقييمية، الأمر الذي بدأ يثير قلق المعلمين والجامعات، وحتى أولياء الأمور.
تساؤلات حول حقيقة التحصيل الأكاديمي
وأكدت دراسة نشرت ضمن تقرير "مؤشر الذكاء الاصطناعي" الصادر عن جامعة ستانفورد لعام 2023، أن ما يزيد على
30 % من طلاب الجامعات في الولايات المتحدة استخدموا أدوات الذكاء الاصطناعي في واجباتهم، وغالبا دون توجيه أكاديمي واضح. كما أشار التقرير إلى تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الأنشطة الكتابية، ما يثير تساؤلات حول نزاهة التحصيل الأكاديمي.
"الذكاء الاصطناعي يعطل التعبير، ولا ينتج إعلاميا حقيقيا"، بهذه الجملة بدأ دكتور الإعلام الرقمي بركات زيود كلامه، وحذر من الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية، خاصة لدى طلاب الأعوام الأولى في كليات الإعلام، معتبرا أن هذا التوجه يضعف قدراتهم التعبيرية ويحول دون تكوين إعلاميين حقيقيين قادرين على صناعة المحتوى والتفاعل مع الحدث لحظة بلحظة.
ويقول زيود "إن كثيرا من الطلاب الجدد في قسم الإعلام يدخلون الجامعة مباشرة بعد الثانوية العامة، من دون خلفية واضحة عن طبيعة العمل الإعلامي، مما يتطلب بناء قدراتهم من الصفر، لا سيما في مجال التعبير، الذي يعد الركيزة الأهم في مواصفات الإعلامي الناجح".
ويؤكد أن بعض الطلاب أصبحوا يعتمدون على أدوات الذكاء الاصطناعي لإنجاز واجباتهم، وهو ما انعكس بوضوح في الأعمال التي يقدمونها، حيث لاحظ أنها مكتوبة بلغة ومصطلحات لا تنتمي إلى أسلوبهم الشخصي، مما يدل على أن الأداة هي التي أنتجت النص وليس الطالب.
ووفق قوله، "أصبح بعض الطلاب يقولون لي بالحرف، الله يبارك لنا في الذكاء الاصطناعي"، مشيرا إلى أن هذا الاعتماد يعطل تفكير الطالب، ويجرده من ملكة التعبير، وهو ما يؤدي في نهاية المطاف إلى تخريج طلاب غير قادرين على إنتاج محتوى إعلامي أصيل أو التعامل مع المواقف التي تتطلب تفاعلا مباشرا، مثل كتابة خبر عاجل، أو بيان صحفي، أو تغطية مؤتمر في اللحظة ذاتها.
ويرى زيود أن الإعلام لا يمكن تدريسه اعتمادا على التلقين أو الحفظ فقط، بل يجب أن يدرب الطالب على التعبير بلغة الإعلام الحية، التي تنقل الواقع وتتفاعل معه. ويقول "الإعلام يتعامل مع حدث وليد اللحظة، والذكاء الاصطناعي لا يمتلك روح اللحظة ولا قدرة الصحفي على التعبير الإنساني".
ويلفت إلى أنه رغم كل التطور في أدوات الذكاء الاصطناعي، إلا أن هذه الأدوات قد تتعطل فجأة، كما يمكن أن ينقطع الاتصال بالإنترنت في لحظة الحدث، وهنا تظهر الحاجة الحقيقية إلى المهارات الذاتية للصحفي، وقدرته على نقل الرسالة بمفرده، من دون الاتكال على وسائط مساعدة.
استخدام AI كأدوات تساعد في البحث
ويضيف أدوات الذكاء الاصطناعي يجب أن تكون مساعدا في البحث عن الخلفيات والسياقات، لكنها لا تستطيع أن تحل محل الصحفي في التعبير والتفكير وصناعة الموقف الإعلامي، مشددا على ضرورة أن تتنبه كليات الإعلام في الجامعات الأردنية إلى هذه المسألة الخطيرة، حتى لا تتحول الأدوات الذكية إلى عائق أمام بناء الكفاءات الإعلامية المطلوبة.
ويختم د. زيود بالتأكيد على أن الطلاب يقادون في سنوات دراستهم نحو الطريقة الطبيعية في التعبير والعمل الإعلامي، وعليهم أن يتدربوا على استخدام أدوات الإعلام الرقمي، ومنها الذكاء الاصطناعي، كوسائل مساعدة فقط، لا كبديل عن التفكير والتفاعل، إذ نريد إعلاميين يصنعون التأثير بأنفسهم، لا أن يكونوا مجرد ناقلين لما تقوله الآلات.
وفي تقرير آخر صادر عن منظمة اليونسكو في أواخر 2023 بعنوان "الذكاء الاصطناعي ومستقبل التعليم"، حذر من مخاطرة استخدام هذه التقنيات بشكل غير أخلاقي، ودعا إلى ضرورة تضمين الذكاء الاصطناعي في المناهج بطريقة مسؤولة ومنظمة، وأكد التقرير أن المؤسسات التعليمية يجب أن تعد أطرا واضحة لاستخدام هذه الأدوات بما يعزز التعلم ولا يلغيه.
المشكلة تتفاقم مع محدودية الأدوات المتوفرة للكشف عن المحتوى المنتج بالذكاء الاصطناعي، كما أن جزءا كبيرا من المعلمين والمعلمات لم يتلقوا تدريبا كافيا لتمييز هذا النوع من النصوص. وتقول المعلمة ليلى الخطيب التي تدرس في إحدى المدارس الخاضة "من الصعب أن تعرف إن كان الطالب هو من كتب الواجب أم لا، لكن إذا كان النص متماسكا ومنسقا، واللغة سليمة تماما على عكس مستوى الطالب يمكن كشف الأمر".
إعادة النظر في نظام الواجبات
وتشير التربوية والمرشدة النفسية رائدة الكيلاني إلى أن طرق التقييم التقليدي باتت غير مناسبة للعصر الرقمي، حيث تركز هذه الأساليب على تقارير مكتوبة وأسئلة إنشائية، وهي عناصر يسهل على الذكاء الاصطناعي إنجازها.
وتدعو إلى إعادة النظر في نظام الواجبات، والاتجاه نحو أساليب تقييم تتطلب مشاركة فكرية ومهارات تحليل ومناقشة، كالعروض التقديمية التفاعلية، والنقاشات الصفية، والمشاريع الجماعية التطبيقية.
وتعترف بصعوبة منع الذكاء الاصطناعي، لذا ينبغي توجيه استخدامه، حيث يمكن أن يكون أداة تعليمية قوية إذا ما استخدم بطريقة مدروسة، ومن الممكن مثلا تدريب الطلاب على تحليل نصوص أنشأها الذكاء الاصطناعي، أو استخدامها كنقطة انطلاق للنقاش، لا كبديل عن التفكير الشخصي.
وعن تداعيات هذه الظاهرة ترى الكيلاني أنها من الممكن أن تكون أعمق من مجرد درجات زائفة، إذ تحذر من أن الطلاب الذين يعتمدون على الذكاء الاصطناعي دون فهم حقيقي للمواد، قد يجدون أنفسهم عاجزين عن أداء المهام المهنية لاحقا، مما يضر بثقتهم بأنفسهم ويقلل فرصهم في النجاح والتطور المهني.
وقد أظهرت دراسة أُجريت في كلية التعليم بجامعة هارفارد عام 2024 أن الإفراط في الاعتماد على أدوات الكتابة الذكية يقلل من تطور مهارات التفكير النقدي لدى الطلاب، إذا لم تستخدم في إطار تعليمي منظم. وأوصت الدراسة بضرورة تدريب الطلاب على استخدام الذكاء الاصطناعي كمساعد في التعلم، وليس كبديل عن الفهم والتحليل الشخصي.
وفي نهاية المطاف، يجد الطلاب أنفسهم أمام مفترق طرق إما اللجوء إلى الطريق السهل الذي توفره التكنولوجيا، أو مواجهة التحديات التي تفرضها الدراسة الحقيقية.
0 تعليق