مع الخيل يا شقرا

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

كل يوم ترند جديد، وهبّة جديدة، وسباق جماهيري نحو الشيء “الدارج” وكأنه طوق نجاة لا بد أن نتمسك به. ترى طوابير طويلة، وحجوزات ممتدة لأيام، فقط لأن مطعماً جديداً فتح أبوابه، أو لأن مشروبًا غريبًا اجتاح تطبيق “تيك توك”. لا أحد يسأل عن الجودة، أو السعر، أو حتى المنطق. المهم أن نواكب الترند... ولو ليوم واحد!

من آخر الهبّات: خبز “سليس” مع جبن، وعليه رشة من حليب الكرك. وجبة بسيطة تكلفتها الفعلية لا تتجاوز الدينار، لكن تُباع بأضعاف السعر وكأنها اختراع جديد.

لا أحد يتذمر، لأن الهدف لم يعد الأكل أو الاستمتاع، بل التقاط صورة “إنستا-ودية” تُظهر أنك كنت هناك... في الوقت المناسب... مع “الناس الصح”.

تكرار المشهد ذاته من زاوية مختلفة هو الغاية. طبق الكرك، الكوب المزخرف، زاوية الطاولة، والإضاءة المناسبة.

نُشبع الهواتف بالصور، ونُشبع الغرور بلحظات “تواجد اجتماعي” رقمي، ثم نمضي. وغداً؟ يختفي الزحام، وتُغلق الأبواب، وتُولد هبّة جديدة في مكان آخر.

الكارثة أن كثيراً من هذه المشاريع لا تقوم على جودة أو رؤية طويلة الأمد، بل على موجة مؤقتة. مطاعم ومقاهٍ تفتح لمجرد مجاراة صيحة، ثم تُغلق بعد أسابيع لأن الهبّة انتهت.

كأن الاستثمار تحوّل إلى رهانات على مزاج السوشيال ميديا.

وفي المقابل، تنجح المشاريع التي خلقت لنفسها هوية مستقرة، وبنت علاقة مع الزبون تقوم على الطعم، والخدمة، والتجربة، لا على الفلاشات والصور.

لكن المشكلة الحقيقية ليست في أصحاب هذه المشاريع، بل فينا نحن المستهلكين.

نحن من نخلق الفقاعة، وننفخ فيها، ثم نشتكي من الأسعار. نحن من نُخرج آخر ما في الجيب لنشتري “كرك بـ15 ديناراً”، فقط لننشر صورة ونقول: “كنا هنا”.

يبقى السؤال: هل الكرك بهذا السعر يستحق فعلاً؟ أم أننا فقط نركض...

“مع الخيل يا شقرا”؟

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق