مضامين سامية ورؤية نحو السلام والتنمية

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
توفيق السباعي

جاءت الكلمة السامية الّتي ألقاها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم حفظه اللّه ورعاه، خلال ترؤس جلالته وفد مملكة البحرين في أعمال القمّة الخليجيّة الأمريكيّة المنعقدة يوم الأربعاء الماضي في الرياض، لتجسّد بوضوح مكانة البحرين السياسيّة ودورها المحوريّ في ترسيخ الأمن والسلام الإقليميّين والدوليّين، ضمن إطار من الشراكة الاستراتيجيّة المتينة بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربيّة والولايات المتّحدة الأمريكيّة.

أبرز ما يلفت النظر في كلمة جلالة الملك المعظم أيده الله، الّتي تميّزت بنبرة دبلوماسيّة هادئة لكنّها في ذات الوقت كانت واضحة في رسم ملامح السياسة البحرينيّة والخليجيّة المتّزنة في التعامل مع التحدّيات العالميّة والإقليميّة، هو التأكيد على محوريّة الدبلوماسيّة الفاعلة كوسيلة لتحقيق السلام، وهو ما تجلّى في الإشادة برؤية الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب، خاصّة في ملفّ رفع العقوبات عن سوريا، والعودة إلى مسار دعم الاستقرار الإقليميّ، عبر تسوية عادلة وشاملة للقضيّة الفلسطينيّة، تقوم على حلّ الدولتين وتبقي على المنطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل. ويأتي ذلك انسجاماً مع مواقف مملكة البحرين الثابتة، الّتي طالما دعمت القضايا العربية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطينيّ، في إطار من الواقعيّة السياسيّة والحرص على الاستقرار الإقليميّ.

كما عبر جلالته أيّده اللّه عن تفاؤله بنجاح المفاوضات الجارية بين واشنطن وطهران، معتبراً أنّ أيّ اختراق في هذا الملفّ الشائك سينعكس إيجاباً على دول المنطقة من حيث الأمن والازدهار، وهو ما يعكس رؤية بحرينيّة تقدّميّة تقوم على الحوار والانفتاح وتفادي التصعيد.

وفي سياق متّصل، سلّطت الكلمة الضوء على عمق التحالف العسكريّ القائم بين البحرين والولايات المتّحدة، من خلال التعاون مع الأسطول الخامس، والّذي يعدّ نموذجاً لشراكة دفاعيّة فعّالة تساهم في حماية الملاحة البحريّة من القرصنة والإرهاب، وتؤكّد التزام مملكة البحرين الدائم بالحفاظ على استقرار المنطقة.

ولم تُغفل الكلمة البعد الاقتصاديّ، حيث أكّد جلالة الملك أهمّيّة تعزيز العلاقات التجاريّة والاستثماريّة مع الولايات المتّحدة، مشيراً إلى أنّ التكامل الاستراتيجيّ في مجالي الأمن والتنمية هو الأساس لتحقيق تطلّعات الشعوب الخليجيّة نحو مستقبل أكثر رخاء واستقراراً. وهذا يعكس فهماً دقيقاً لأبعاد الشراكة مع واشنطن، الّتي لم تعد تقتصر على الجانب الأمنيّ فقط، بل تمتدّ لتشمل مجالات النموّ الاقتصاديّ والتكنولوجيّ والتحوّل الرقميّ.

إنّ الكلمة الملكيّة السامية، في هذا السياق الحيويّ، كانت بمثابة وثيقة سياسيّة ورؤية استراتيجيّة متكاملة؛ تبرز ثوابت البحرين في سياستها الخارجيّة، وتؤكّد الدور الخليجيّ الجامع في مواجهة التحدّيات، وتعزّز مكانة البحرين كدولة مبادرة في طرح رؤى عقلانيّة ومسؤولة، تصبّ في صالح استقرار المنطقة وازدهار شعوبها، وترسيخ شراكات دوليّة مبنيّة على المصالح المتبادلة والاحترام المشترك.

وفي ظلّ هذه التحوّلات، يمكن القول إنّ القمّة الخليجيّة الأمريكيّة، بما حملته من مضامين، وبما تضمّنته الكلمة السامية لجلالة الملك المعظم، تمثّل منعطفاً مهمّاً نحو بناء مرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجيّة، تتجاوز الاعتبارات الآنيّة، وتؤسّس لتفاهمات أوسع وأكثر شموليّة، من أجل مستقبل يسوده السلام والتقدّم والأمن المشترك.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق