المناطق ذات الخصوصية التنموية

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

loading ad...

أحسنت الحكومة بإقرارها للإستراتيجية الوطنية المحدثة للحماية الإجتماعية 2025-2033 وإعتبارها جزءً من ركيزة جودة الحياة من رؤية التحديث الإقتصادي.اضافة اعلان

 

صحيح أن الإستراتيجية قد تم إلصقها بوزارة التنمية الإجتماعية، إلا أن المطلع على تفاصيلها يدرك بأن محاورها الأربعة (كرامة، تمكين، فرصة، صمود) تتوزع على العديد من الوزارات، لأنها مشروع وطني بإمتياز.


ما لفت إنتباهي بهذه الإستراتيجية هو حديثها عن المناطق ذات الخصوصية التنموية بدلاً من مصطلح جيوب الفقر، وهذا يقودنا الى ضرورة ربط التنمية بالجغرافيا للوصول الى التنمية المتوازنة. لقد ذكرني الحديث الذي أدلت به معالي وزيرة التنمية الإجتماعية، وفاء بني مصطفى على قناة المملكة بتاريخ 13-5-2025، بخارطة كانت قد نشرتها مؤسسة تشجيع الإستثمار التي تأسست بموجب القانون رقم 16 لسنة 1995 وبدأت نشاطها فعلياً في نهاية التسعينات، وقد استعنت بها أثناء إعدادي لأطروحة الدكتوراة التقنية بالنمسا عام 2002، حيث ركزت على دراسة أثر المناطق التنموية على التنمية الإقليمية والحضرية.


لقد قسمت الخارطة المملكة إلى أربعة مناطق، ثلاثة منها (أ ، ب ، ج) ومناطق المحميات والحفاظ البيئي، وقد خصت كل منطقة من المناطق الثلاثة بإعفاء ضريبي يبدأ ب 25% للمشاريع التي تقع بمحافظة العاصمة وناعور وعين الباشا وجميع ألوية محافظة الزرقاء. الفلسفة التي إعتمدها الخارطة هي التقليل من الحوافز بمناطق الإكتظاظ الحضري، وزيادة الإعفاءات الضريبية للمنطقة (ب) بمقدار 50% وترتفع لتصل الى 75% للمنطقة التنموية (ج) والتي تشمل أقضية معينة بمحافظة العاصمة مثل أم الرصاص والقنيطرة وضبعة والعامرية وزميلة، وتشمل لوائي دير علا والشونة الجنوبية بمحافظة البلقاء، وجميع ألوية محافظة الكرك، وجميع ألوية محافظة معان، وأقضية الضليل وقصر الحلابات من محافظة الزرقاء، وجميع ألوية محافظات المفرق والطفيلة وجرش وعجلون والعقبة.


وعند حساب المساحة التي صنفت بالمنطقة (ج) ذات الإعفاءآت الضريبية الأعلى وتساوي 75% نجد أنها تعادل 80% من مساحة المملكة، ولكنها بالوقت ذاته نفس المساحة التي تحوي أقل من 20% من السكان.


وبالعودة إلى فكرة المناطق ذات الخصوصية التنموية التي طرحتها الإستراتيجية الوطنية المحدثة للحماية الإجتماعية، فإننا نرى أنها تتماهي مع الخارطة التي نشرت قبل 25 سنة تقريباً والتي تعتمد على منح المناطق التي سجلت معدلات عالية للفقر، وفقاً لتقارير مسح دخل ونفقات الأسرة الصادرة عن دائرة الإحصاءآت العامة وهي 27% بمعان و 25% بالطفيلة، و 24% بالكرك، و 19% بالمفرق إعفاءآت أعلى لكي تصبح مراكز نمو تربطها محاور تنمية.  


نحن ندرك بأن القائمين على الإستراتيجية المحدثة يعلمون بأن الإختلال بالتوزيع السكاني سيعطي قراءة خاطئة للتوزيع المكاني للفقر، حيث تبلغ حصة محافظة العاصمة حوالي 41% حسب أرقام سنة 2018، بينما حصة محافظة معان 4% فقط، وهذا لا يعني بأن الإستراتيجية ستركز على المنطقة صاحبة النسبة الأكبر بسبب الخلل في الميزان التنموي بالأردن، وهذا واضح من الخريطة التي أشرنا اليها حيث خصت المناطق النائية بإعفاءآت ضريبية أعلى، مما يؤدي الى توجه الإستثمارات نحوها للتمتع بإعفاءآت ضريبية أعلى.


وإذا ما ربطنا الخارطة الإستثمارية بالمناطق ذات الخصوصية التنموية، نجد بأنه يمكن للجنة العليا للحماية الإجتماعية أن تستند الى قانون تنظيم المدن والقرى والأبنية رقم 79 لسنة 1966 (قانون التنظيم) لإعداد مخططات إقليمية وهيكلية وهيكلية تفصيلية لإنتاج خارطة للحماية الإجتماعية تضم في جنباتها البنى الأساسية اللازمة لتمكين المناطق مثل الطرق وشبكات المواصلات والنقل والطاقة والمياه والحماية.


إن الربط بين خريطة الحوافز الإستثمارية ومناطق الخصوصية التنموية يُمكّن اللجنة العليا من الإنتقال من مجرد توزيع المنافع إلى هندسة عدالة مكانية مبنية على الإحتياج. ونرجو من اللجنة الموقرة الإبتعاد عن فكرة تقسيم المملكة الى أقاليم شمال- وسط – جنوب، وإعتماد فكرة الأقاليم التنموية بثلاثة مستويات، إقليمي يحدد المناطق ذات الأولوية على مستوى الأقاليم التنموية، وهيكلي يشمل نطاقات التدخل وشبكات الخدمة ومراكز الدعم، وتفصيلي توزع فيه مواقع الخدمات مثل العيادات ومراكز التدريب والمأوى وشبكات النقل.


على اللجنة العليا للحماية الاجتماعية أن تُفعّل الصلاحيات التخطيطية المنصوص عليها في قانون التنظيم بالشراكة مع وزارة الإدارة المحلية ودائرة الأراضي والمساحة لإعداد خارطة وطنية للحماية الاجتماعية المكانية، تكون بمثابة الأساس لتوجيه الاستثمارات والمساعدات والبنية الأساسية نحو تحقيق العدالة والتنمية المتوازنة.


إنها فرصة لإزالة التشوهات التي خلقتها السياسات المختلفة بإلأردن والتي نجمت  عن إنشاء ست مناطق تنموية حكومية وسبع مناطق تنموية خاصة، بالإضافة إلى (14) مدينة صناعية حكومية وخاصة. وإذا ما أضفنا منطقة العقبة الإقتصادية الخاصة الى القائمة، نجد أنها مناطق مبعثرة كجلد النمر، ولا تعمل كمراكز نمو، لأنها منسلخة عن محيطها الحضري، ولا تربط بينها محاور تنمية.


وعليه، فإن المناطق ذات الخصوصية التنموية تحتاج الى خارطة مكانية ديموغرافية، ضمن ما يسمى الإستراتيجية المكانية- الديموغرافية الأردنية" أو أي مسمى آخر يخدم فكرة هندسة المكان بما يخدم السكان.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق