هل ينضم الاتحاد الأوروبي لشراكة الهادي؟

مصدرك 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

د. عبدالعظيم حنفي

بالرغم من علاقات الاتحاد الأوروبي الاقتصادية العميقة والمتشابكة بالولايات المتحدة التي تعد أكبر شريك تجاري لأوروبا، حيث يتجاوز حجم التجارة بين الجانبين 1.2 تريليون دولار سنوياً، كما تعد أمريكا أكبر مصدر للاستثمار الأجنبي المباشر في دول الاتحاد الأوروبي، في حين تستثمر الشركات الأوروبية بقوة داخل السوق الأمريكية، وقد بلغ إجمالي واردات السلع الأمريكية إلى الاتحاد الأوروبي 334 مليار يورو (366.2 مليار دولار) في عام 2024، مقابل 532 مليار يورو من صادرات الاتحاد الأوروبي.

إلا أنه مع وصول الرئيس الأمريكي ترامب الى البيت الأبيض في انتخابات عام 2016، وعودته الى البيت الأبيض في انتخابات عام 2024 وقيامه بتصعيد النزاعات التجارية، وفرض رسوم جمركية على واردات أوروبية، وقناعاته المعلنة بأن الدول الأوروبية كانت تستغل الولايات المتحدة.

(ا) ما أسهم في إحياء خطة تعميق الروابط بين السوق المشتركة للاتحاد الأوروبي واتفاقية الشراكة الشاملة والتقدمية عبر المحيط الهادئ (CPTPP). وقد طُرحت تلك الفكرة في تقرير صادر عن مجلس التجارة في السويد، ثم أعيد طرحها في تقرير أصدرته مؤسسة «بروجيل» البحثية في بروكسل. وكانت هناك محاولة سابقة لتعزيز العلاقات في عام 2023، فشلت في جذب تأييد دبلوماسي.

(ب) سبق أن صرحت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين: إن الطرفين يرغبان في التعاون لوضع «قواعد تنظم كيفية عمل التجارة العادلة على مستوى العالم بما يعود بالنفع على البشرية».

وأوضحت فون دير لاين، أن التكتلين يسعيان إلى استغلال حالة الاضطراب الراهنة للنظر، فيما يحتاج إلى تحسين داخل منظمة التجارة العالمية.

(ج) أصبح الاتحاد الأوروبي على استعداد للنظر في نوع من التعاون المنظم، مع تكتل الاتفاق الشامل والتقدمي للشراكة عبر المحيط الهادئ»، وقد أبرم الاتحاد الأوروبي بالفعل، اتفاقيات ثنائية مع 9 من أعضاء التكتل. ومن بين دول التكتل، كانت نيوزيلندا وكندا وسنغافورة من أبرز المؤيدين لتوثيق العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، فيما أفاد دبلوماسيون بأن اليابان أيضاً تدعم الفكرة بشكل غير معلن

(د) إن هذا الانفتاح الجديد من جانب بروكسل على الشراكة، والتي قد تشمل تقارباً في مجاليْ التجارة الرقمية وتجارة السلع، تحول جوهري في الموقف عند أعلى مستويات الاتحاد الأوروبي.

ويرى مسؤولون من الجانبين أن هذه المبادرة من شأنها أن تجمع تحت مظلتها اقتصادات وطنية، تمثل نحو 30% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

(ه) إن آليات تعزيز التعاون مع الاتحاد الأوروبي، قد تُطرح خلال اجتماع وزراء التجارة المزمع عقده في إطار منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (أبيك) في كوريا الجنوبية «هذا الشهر كما قال مسؤول في تكتل الشراكة، وفق فاينانشيال تايمز.

الخيارات المتاحة أمام الاتحاد الأوروبي:

أولاً- تعميق الروابط بين السوق المشتركة للاتحاد الأوروبي، واتفاقية الشراكة الشاملة والتقدمية عبر المحيط الهادئ (CPTPP).

ثانياً- الانضمام الكامل للاتحاد الأوروبي، وهو ينطوي على إمكانات تحويلية، إذ يُحتمل أن يرفع الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي بنسبة 0.3-0.5% على المديين المتوسط والطويل، مع إعادة ضبط ديناميكيات القوة العالمية.

ويمكن لخريطة طريق مُتدرجة ومُتفاوض عليها بعناية، أن تُسهم في سد الفجوات التنظيمية والتعقيدات المؤسسية، ما يُعزز سمعة الاتحاد الأوروبي كقائد تجاري عالمي ملتزم المعايير والمنافسة العادلة.

الشراكة عبر المحيط الهادئ

إن اتفاقية «الشراكة عبر المحيط الهادئ TPP. لا تتضمن الصين، التي لم توجه إليها الدعوة بحجة أن الصين ما زالت تمارس أعمال القرصنة التجارية، وترفض احترام حقوق الملكية الفردية. ولم تخفِ الصين استخفافها بهذه الحجة».

وأشار بعض مطبوعاتها الإعلامية إلى أن عدد من الدول الاعضاء ترتكب المخالفات نفسها، ومع ذلك دعيت للانضمام

واعتبر الرئيس أوباما اتفاقية الشراكة وسيلة لتعزيز النفوذ الأمريكي في آسيا.. لأنه أدرك أن الكثير من تاريخ القرن الواحد والعشرين، سوف يكتب في آسيا. وسوف تشهد هذه المنطقة أكبر نمو اقتصادي تحولي على وجه الكرة الأرضية، وأن آسيا ضمانة لتوفير مزايا تجارية للولايات المتحدة.

واعتبرها أوباما حجر الزاوية في «المحور الآسيوي». الا ان الرئيس ترامب، الذي خلف الرئيس أوباما اعتبرها الاتفاقية مصدر خطر على الصناعة الأمريكية، وقد انبثقت اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ الشاملة والتقدمية (CPTPP) من اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ TPP، بعد انسحاب الولايات المتحدة منها عام 2017، واصبحت، تُوحّد الاتفاقية 11 اقتصاداً في منطقة آسيا والمحيط الهادئ - من كندا واليابان وأستراليا إلى فيتنام وسنغافورة - وتغطي ما يقارب 95% إلى 100% من إلغاء الرسوم الجمركية بين الأعضاء.

فرص الاتحاد الأوروبي

هناك فرص يجنيها الاتحاد الأوربي في حالة الانضمام الى تكتل CPTPP؟، أبرزها:

(1) يُوفر تعزيز التوافق الأوروبي مع أعضاء اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ الشاملة والتقدمية (CPTPP) - أو الانضمام إلى الاتفاقية - مزايا قيّمة، بل وفرصة «مرتكز اقتصادي»: أهمها تنويع الأسواق: يُقلل تعزيز الوصول إلى أسواق آسيا والمحيط الهادئ الديناميكية من الاعتماد على شركاء التجارة التقليديين.

(2) انضمام الاتحاد للاتفاقية المكونة من اثنتي عشرة دولة، ليس مجرد انضمام لمجموعة اقتصادية، وإنما هناك عنصر استراتيجي ألا وهو توجيه رسالة بشأن النظام المستند إلى قواعد والدفاع عن التجارة الحرة ومعارضته لمبادئ الحمائية. وحتى من دون العضوية الكاملة، فقد أرسى الاتحاد الأوروبي بالفعل أسساً مهمة، من خلال اتفاقيات التجارة الحرة مع الدول الرئيسية في اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ (CPTPP)، وهو من شأنه أن يُشكّل اتفاقية تجارية، تعود بالنفع على الطرفين.

(3) يُمكن لتحالف الاتحاد الأوروبي مع (CPTPP) أن يُعزز سلاسل توريد أكثر مرونة، ويعزز المنافسة العادلة، ويُحفّز إصلاحات في حوكمة التجارة العالمية.

كما يمكن لانضمام الاتحاد الأوروبي إلى اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ والتقدمية أن يُنوّع محفظة أعماله التجارية.

(4) إن الاتحاد الأوروبي قادرٌ عملياً على توفير ركيزة بديلة محتملة لتأمين ودفع أجندة التجارة الإقليمية لاتفاقية الشراكة.
[email protected]

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق