اكتسبت زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى منطقة الخليج العربي، وتحديداً، إلى المملكة العربية السعودية، ودولة قطر، ودولة الإمارات العربية المتحدة، أهمية استراتيجية وسياسية بالغة، ولاقت زخماً إعلامياً عالمياً، خاصة وأن الرئيس الأمريكي حرص على اختيار ثلاث دول في مجلس التعاون الخليجي لتكون أول وجهة خارجية له منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير الماضي، بالإضافة إلى انعقاد القمة الخليجية الأمريكية في مدينة الرياض، والتي تعد القمة الخامسة بين الولايات المتحدة الأمريكية ودول مجلس التعاون الخليجي، عقب انعقادها 4 مرات سابقة، كانت الأولى في كامب ديفيد مايو 2015، والثانية في أبريل 2016، في حين كانت الثالثة في مايو 2017 في العاصمة السعودية الرياض، بمشاركة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال ولايته الأولى، وجاءت الرابعة في يوليو 2022 بمشاركة عربية شملت مصر والأردن والعراق.
من هذا المنطلق، كشفت الزيارة عن مدى اهتمام إدارة ترامب بتوطيد العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي، خاصة وأن من يحمل شعار «أمريكا أولاً»، حريص على ترسيخ العلاقات مع تلك الدول التي تمثل ثقلاً سياسياً واقتصادياً، خليجياً وإقليمياً ودولياً، وبالتالي لا يخفي الرئيس الأمريكي مدى حرصه على استقرار مصالح بلاده في المنطقة، بالإضافة إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي بنفوذها السياسي تقوم بدور الوساطة الدولية من أجل إحلال السلام في ملفات إقليمية ودولية، تلك الملفات التي تلقى اهتماماً كبيراً من جانب واشنطن في المقام الأول.
لذلك كان ترامب حريصاً بعد الزيارة على الإعلان عن الصفقات التي أبرمت بمليارات الدولارات، بالإضافة إلى موقفه من سوريا، حيث أطلق إشارات دبلوماسية تجاه دمشق، مؤكداً أنه «قرر رفع العقوبات عن سوريا بعد مناقشة هذا الأمر مع ولي العهد السعودي، وقد جاء القرار لمنح السوريين فرصة جديدة». ليس هذا فحسب، بل إنه كان حريصاً على التأكيد على تفاؤله بقرب التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران.
وفي الشأن الاقتصادي، لعل من أبرز المكاسب التي تحصدها دول مجلس التعاون الخليجي من زيارة الرئيس الأمريكي، ترسيخ التعاون الثنائي في مجالات التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي، لذلك جاءت الاتفاقيات المعنية بالتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي على رأس الاتفاقيات التي تم توقيعها بين واشنطن من جهة، والرياض، والدوحة، وأبو ظبي من جهة أخرى، خاصة وأن الاستثمارات في هذا المجال جاءت بمبالغ ضخمة، وهو ما يؤكد أن دول الخليج في طريقها إلى أن تكون مركزاً إقليمياً للابتكار والبيانات والتحول الرقمي، في حين تشير التقارير الدولية إلى أن المنطقة في طريقها إلى أن تصبح مركز القوة الثالث في المنافسة العالمية على الذكاء الاصطناعي بعد الولايات المتحدة الأمريكية والصين.
سعي دول الخليج إلى الاستثمار وإبرام الاتفاقيات في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي خطوة استراتيجية متميزة ونظرة بعيدة المدى للمستقبل تحصد من خلالها مكاسب جمة تعزز من الطموحات في هذا القطاع الحيوي والاستراتيجي، وتزيد من الثقل السياسي والاقتصادي لدول المجلس إقليمياً ودولياً.
0 تعليق