أيها الجندي.. هناك جريمة ضد الإنسانية أمامك

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

loading ad...

بقلم: ميخائيل سفارد
في نهاية الأسبوع، بدأت إسرائيل في إخراج عملية "عربات جدعون" إلى حيز التنفيذ. الجيش الإسرائيلي أمر سكان غزة بالانتقال الى الجنوب. ومثلما نشر ينيف كوفوفيتش في "هآرتس" في 7/5، فإن أحد أهداف القتال، التي تم تحديدها في أمر العملية، هو "تجميع ونقل السكان". توقفوا للحظة وقوموا بلفظ التعبير الذي استخدم في الأمر، "تجميع السكان". يبدو أن هناك شخصا ما في مشروع غسل الكلمات في الجيش الإسرائيلي لم يصل الى العمل.اضافة اعلان
النقطة المهمة هي أن "تجميع ونقل السكان" يعد هدفا للعملية، وليس وسيلة لتحقيق أهداف أخرى؛ أي أن الحديث لا يدور عن النقل القسري للسكان الى منطقة أخرى بشكل مؤقت الى حين انتهاء الحرب، بل الحديث يدور عن هدف للتحقق. وإذا نجحت العملية في تحقيق أهدافها في نهاية المطاف، فإن مليوني غزي سيتجمعون في منطقة توجد في جنوب محور موراغ مساحتها أقل من ربع مساحة القطاع.
كما كتب البروفيسور ايال بنفنستي والبروفيسور حاييم غينس، فإن هذا النقل القسري، الذي ينفذ بحجم كبير كما هو مخطط له في غزة، هو ليس فقط جريمة حرب، بل جريمة ضد الإنسانية ("هآرتس"، 11/5). وما الذي سيُفعل بالـ2 مليون غزي الذين سيتجمعون بين محور فيلادلفيا ومحور موراغ؟ هكذا، الزعماء لدينا يتحدثون عن "التشجيع على الهجرة"، وفي الأسبوع الماضي، نشر أن الإدارة الأميركية تجري مفاوضات مع ليبيا، الدولة الآخذة في الانهيار تحت الحروب والإرهاب الخاصة بها، من أجل استيعاب مليون "مهاجر" من غزة. لا توجد طريقة لوصف موقف بنيامين نتنياهو وعصابته من الناس الذين يعيشون في غزة، عدا عن أنهم "قمامة إنسانية" نريد تصديرها ورميها في دول أخرى.
أيها الجنود المشاركون في العملية، أنتم بالصدفة تقرأون "هآرتس"، أنا أريد تقديم نصيحة قانونية بالمجان: الطرد الجماعي، الذي هو جريمة ضد الإنسانية، يمكن تنفيذه ليس فقط بواسطة تحميل أشخاص في شاحنات بتهديد البنادق. القانون الدولي واضح جدا -حتى استخدام وسائل الضغط التي تجعل الناس يرغبون في الهرب من أماكنهم يعد طردا. والدي، الذي كان ناشطا في مظاهرات الطلاب في آذار (مارس) 1968 في وارسو، قامت السلطات في بولندا بطرده من الجامعة وسجن من دون محاكمة. جدي، والد أمي، الذي أيد الاحتجاج، قرروا إقالته من وظيفته كمحاضر في الجامعة.
السكرتير الأول في الحزب الشيوعي في حينه، فلادسلاف غومولكا، قال في خطاب لاسامي للأمة بأن "اليهود، الذين هم غير مخلصين للنظام، مدعوون للمغادرة. السلطات في بولندا "شجعتهم" على الهجرة، من دون تجويع أو تفجير بيوتهم أو تخريب البنى التحتية الصحية والتعليمية والغذاء والمجاري وكل ما مكن من وجود حياة إنسانية. بالطبع، لا يوجد مكان للمقارنة بين الضغط السياسي، الاقتصادي - الاجتماعي، الذي استخدم عليهم من أجل المغادرة وبين حملة القتل والتدمير العنيفة التي يشهدها الغزيون. مع ذلك، هم يعتبرون كمن تم طردهم من بولندا.
الغزيون لن يغادروا غزة طواعية. في ظروف غزة لا توجد حياة كهذه، لا يوجد شيء يسمى الهجرة الطوعية. الذين سيغادرون، هذا إذا غادروا، فهم سيفعلون ذلك لأن الجريمة ضد الإنسانية نفذت ضدهم. هم لن يهاجروا، بل سيهربون. وإسرائيل هي التي ستكون مسؤولة عن التطهير العرقي الإجرامي في القرن الواحد والعشرين.
الحقيقة هي أن الأقوال نفدت. ماذا يمكن أن يقال بعد؟ هل يجب التوضيح بأن ارتكاب جريمة ضد الإنسانية أمر غير قانوني بشكل واضح؟ هذا واضح من تلقاء نفسه. هل يجب القول إن ضباطا وزعماء سياسيين يهودا، الذين يتحدثون عن "تجميع" السكان وطرد مئات الآلاف ويسمحون بتجويع الأطفال والنساء والشيوخ والرجال الأبرياء، انتزعوا من أنفسهم العبر الأخلاقية الأكثر أهمية، التي كان يجب على تاريخ اليهود زرعها في كل واحد منا.
جميعنا نعرف أن استمرار الهدف يهدف الى التمكين من بقاء الحكومة، وفي نهاية المطاف إلغاء محاكمة نتنياهو، وأنها ستؤدي الى الموت الفظيع للمخطوفين الذين يناضلون تقريبا منذ 600 يوم في أسر حماس. أجيال من الإسرائيليين ستحمل وصمة العار التي نقشت على جبيننا في هذه الأيام، التي نواصل فيها تجويع وطرد أشخاص عاجزين. ما الذي سيحدث لنا؟ كيف يمكننا العيش مع أفعالنا؟
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق