تابعت لجنة الاستثمار بحزب الوعي المصري باهتمام بالغ تصريحات نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، التي أدلى بها خلال مؤتمر صحفي في القاهرة بتاريخ 10 أبريل 2025، والتي دعا فيها صراحةً إلى انضمام مصر إلى مشروع "طريق القطن الجديد" (IMEC)، مؤكّدًا أن مصر "ينبغي أن تكون طرفًا فاعلًا في هذا الممر التجاري الاستراتيجي الذي يربط الهند بأوروبا عبر الشرق الأوسط".
وتأتي هذه الدعوة في توقيت بالغ الأهمية، تزامنًا مع تصاعد المنافسة الدولية على مسارات التجارة العالمية، ومع تفعيل مذكرات التفاهم بين الهند، الاتحاد الأوروبي، دول الخليج، والولايات المتحدة ضمن إطار مشروع IMEC، الذي تم الإعلان عنه خلال قمة G20 في نيودلهي في سبتمبر 2023
مخاطر استبعاد مصر
يمر المسار المبدئي للمشروع عبر الهند، الإمارات، السعودية، الأردن، وإسرائيل، ثم إلى أوروبا، متجاوزًا الأراضي والموانئ المصرية بالكامل. وهو ما يحمل دلالات جيوسياسية واقتصادية خطيرة، لعل أبرزها:
• تهديد تنافسي مباشر لقناة السويس التي تمثل شريانًا حيويًا للتجارة العالمية وبلغت إيراداتها في عام 2024 نحو 7 مليارات دولار فقط، متأثرةً بالأزمات الأمنية في البحر الأحمر.
• فقدان مصر فرصًا استثمارية ولوجستية لصالح موانئ إسرائيلية وخليجية، في ظل تحوّل الممرات الحيوية شرق المتوسط.
• تحرك مركز الثقل التجاري والسياسي من مصر لصالح محاور بديلة في الإقليم، بما يهدد موقعها التاريخي كجسر بين آسيا وأوروبا.
الدعوة الإيطالية: إنذار استراتيجي وفرصة نادرة
تصريحات السيد “تاياني” – والتي جاءت خلال زيارة رسمية لإحياء العلاقات الاقتصادية الثنائية – تعكس قناعة أوروبية بضرورة إدماج مصر في المعادلة الجديدة، لكنها في الوقت ذاته تكشف عن أن مصر ليست طرفًا فاعلًا بعد في مراحل التخطيط الفعلي للمشروع، مما يستدعي تحركًا وطنيًا عاجلًا لتدارك هذا الفراغ الاستراتيجي.
توصيات لجنة الاستثمار للحكومة المصرية:
1. التجاوب الفوري مع المبادرة الإيطالية عبر طرح تصور مصري متكامل يربط الموانئ المصرية بمسار IMEC، خصوصًا ميناء شرق بورسعيد والعين السخنة.
2. إطلاق مسار نقل داخلي سيادي بين البحرين الأحمر والمتوسط عبر القطار الكهربائي السريع، كبديل استراتيجي جاهز للتفعيل.
3. تعزيز تنافسية قناة السويس من خلال تحسين الخدمات، تقديم حوافز، وتسعير مرن يتماشى مع المنافسة الإقليمية.
4. التحرك دبلوماسيًا لإبرام مذكرة تفاهم رسمية مع الجانب الهندي–الأوروبي–الخليجي، تضع مصر ضمن الدول المؤسسة للشبكة اللوجستية الجديدة.
5. تأسيس لجنة وطنية مشتركة من وزارات النقل، الخارجية، التجارة، وهيئة قناة السويس، لرصد وتقييم الفرص والمخاطر الجيو-اقتصادية الجديدة.
إن تاريخ 10 أبريل 2025 يجب أن يُسجل كلحظة فارقة: فإما أن تستثمرها مصر لتثبيت دورها في ممرات التجارة العالمية القادمة، أو تُواجه واقعًا متغيرًا دون أن يكون لها فيه موطئ قدم.
تؤكد لجنة الاستثمار بحزب الوعي أن التحرك الآن، بشجاعة ورؤية شاملة، هو الضمان الوحيد لحماية مصالح مصر الاستراتيجية، والحفاظ على مكانتها التي لم تكن يومًا منحة جغرافية فقط، بل ثمرة وعي وإرادة وسياسة.
0 تعليق