أقر مجلس النواب في جلسته الاستثنائية، أمس، مشروع قانون بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 47 لسنة 2002 بشأن تنظيم الصحافة والطباعة والنشر، والمتضمن إلغاء عقوبة الحبس في جميع النصوص العقابية الواردة في القانون، والاكتفاء بعقوبة الغرامة الجنائية، وتنظيم الإعلام الإلكتروني باعتباره أحد مكونات المنظومة الإعلامية في مملكة البحرين.
وقال وزير الإعلام د. رمزان النعيمي: «يعتبر هذا القانون خطوة بالغة الأهمية لتنظيم قطاع الإعلام، حيث يشمل الصحافة والإعلام الإلكتروني والمطبوعات بكافة أشكالها، من هنا، فإن عدم مسايرته للتطور التكنولوجي يُعتبر بمثابة عرقلة للعمل الإعلامي».
وتابع: لقد تلقينا آراء ومقترحات من جهات عديدة مثل الجمعيات السياسية والأهلية، وجمعية الصحفيين، والصحف، والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان. نتيجة لذلك، عملنا على إجراء تعديلات واسعة على مشروع القانون، فجاءت التغييرات شاملة. على سبيل المثال، القانون الحالي يعاقب على 14 جريمة، في حين تقلص هذا العدد إلى جريمتين فقط في المشروع الجديد، كما أنه يهدف للمرة الأولى إلى تنظيم الإعلام الإلكتروني بشكل دقيق.
وأضاف النعيمي أن: القانون الساري حالياً يفرض قيوداً صارمة جداً على الإعلام الإلكتروني. ومع ذلك، نؤكد أن النسخة الجديدة من القانون جاءت لتخفيف تلك القيود وجعل الأمور أكثر مرونة. خلال اجتماعاتنا مع أصحاب الحسابات الإلكترونية، استمعنا لآرائهم حول المواد المقترحة، وانحصر تعليقهم على مادة واحدة تتعلق بالحقوق السياسية. وبالفعل تم تعديل هذه المادة. أعد الجميع بأن التسجيل سيكون شفافاً وسهلاً، خصوصاً أن أغلبهم مسجلون لدى الوزارة بالفعل فيما يتعلق بالإعلانات.
وأردف: من الجدير بالذكر أن القانون لا يمس الحسابات الشخصية، ولا يتدخل فيها. أما المادة التي تمنح التفويض لوزير الإعلام، فتتعلق بتغطية الأمور التي قد لا تكون مشمولة في القوانين الحالية. والهدف هو ضمان عدم تأخر البحرين عن أي تطورات تنظيمية في مجال الإعلام. القانون الجديد يرتبط بمبادئ حرية الرأي والتعبير، ولجنة الخدمات حرصت على توفير جميع الضمانات فيه، بما في ذلك حق التظلم أمام القضاء.
من جانبه، أشار مقرر لجنة الخدمات ممدوح الصالح إلى أن: حسابات السوشيال ميديا أبدوا تخوفهم من شطب التمتع بالحقوق السياسية، ألغيناها بالكامل، ووزير الإعلام تعهد لنا في اللجنة في أكثر من اجتماع، أن التخوف الذي لديكم نحن أيضاً متخوفون منه.
وقالت رئيس لجنة الخدمات جليلة علوي إن: المشروع وطني وليس مشروعي، وسأدافع عنه، لنرتقي أكثر دعونا في المشروع بحد ذاته، اليوم نضع التشريع، ونهديه لجلالة الملك المعظم.
وشدد النائب جلال كاظم المحفوظ على أهمية تنظيم عملية النشر في البيئة الإعلامية الحديثة، مؤكداً أن تطور التكنولوجيا وهيمنة الإعلام الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي على المشهد الإعلامي، فرض ضرورة ملحة لتقنين هذا القطاع تحت مظلة الدولة وبما يحفظ الأمن المجتمعي وحقوق العاملين في القطاع الصحفي المسجل بشكل رسمي.
وأكد المحفوظ أن الدولة معنية اليوم أكثر من أي وقت مضى بوضع إطار قانوني شامل ينظم عملية النشر، خصوصاً في ظل ما وصفه بـ»الفوضى» التي تشهدها بعض المنصات الإعلامية الإلكترونية، والتي باتت مساحة خصبة لبث الفتن والإشاعات وسرقة محتوى الصحف، ونسبه زوراً إلى حسابات فردية على «السوشال ميديا». وأضاف أن بعض الحسابات العاملة في النشر الإلكتروني لا تكتفي بتجاوز القوانين والأعراف الصحفية، بل تمعن في تأجيج الرأي العام والتلاعب بالمحتوى، مشدداً على أن هذا السلوك يستدعي تدخلاً حازماً من الجهات المعنية لحماية النسيج المجتمعي وضمان بيئة إعلامية مسؤولة.
وأعرب المحفوظ عن دعمه لمواد قانون الصحافة الجديدة، مؤكداً أنها جاءت واضحة، ولا تستدعي إثارة اللغط، مشيراً إلى أنها تسعى لحماية قطاع الصحافة والإعلام التقليدي والرقمي على حد سواء، وضمان استمراره في أداء دوره التنويري والرقابي في إطار القانون. وأوضح أنه تقدم بعدد من المرئيات والملاحظات حول مشروع القانون، بعد استئناسه بآراء نخبة من الصحفيين إلى جانب عدد من الناشطين في مجال النشر على وسائل التواصل الاجتماعي، إيماناً منه بأهمية أن يأتي القانون معبراً عن واقع المهنة وتحدياتها.
وأكد النائب حسن إبراهيم حسن دعمه الكامل لما تضمنه مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام والنشر الإلكتروني من إلغاء كافة المواد التي تتيح محاكمة الصحافي وفق قانون العقوبات، معتبراً ذلك خطوة متقدمة في تعزيز حرية الرأي والتعبير وترسيخ مكانة الإعلام كسلطة رابعة في المجتمع.
وقال النائب حسن إبراهيم إن «مشروع القانون يمثل نقلة نوعية نحو قانون مستنير يتماشى مع متطلبات العصر الرقمي، ويعزز مناخ الحرية الإعلامية في مملكة البحرين، ويحمي الصحافيين من الملاحقة القضائية». وأضاف: «ندعم أيضاً ما تضمنه المشروع من إلغاء الحبس الاحتياطي على ذمة التحقيق نهائياً، واستبدال كلمة «تأديب» بكلمة 'مساءلة' في جميع مواد القانون، بما يعكس روح العدالة واحترام حقوق العاملين في الحقل الإعلامي».
وشدد على أن المشروع يُعد حجر الأساس لتنظيم الإعلام الجديد، بما في ذلك الإعلام الإلكتروني، الذي أصبح مكوناً رئيسياً في المنظومة الإعلامية الوطنية، مشيراً إلى ضرورة ترخيص المواقع الإلكترونية التي تمارس أنشطة إعلامية أو دعائية داخل البحرين، مع فرض ضوابط واضحة وشروط قانونية تحددها وزارة الإعلام بقرار وزاري. كما أوضح أن المواقع الإلكترونية التابعة للصحف الورقية المرخصة تُستثنى من شرط الترخيص، في إشارة إلى أهمية دعم الصحافة الورقية التقليدية ومساعدتها على مواكبة التحولات الرقمية.
وأكد إبراهيم، أن صحافتنا الوطنية تطورت بشكل لافت في تغطية الأحداث، من خلال توظيفها للإعلام الجديد إلى جانب محافظتها على الصحافة الورقية التي لا تزال تحظى بجمهور واسع. وقال إن الصحف البحرينية تميزت في نقل الأخبار والحوارات بشكل متوازن عبر مختلف الوسائل، وهو ما يستدعي ضمان خصوصيتها وصون حقوقها في الأخبار الحصرية. وأشار إلى أن مشروع القانون تناول الصحف المحلية الأربع الناطقة بالعربية، بالإضافة إلى صحيفتين باللغة الإنجليزية، والمواقع الإلكترونية التابعة لها مضيفاً بأنه من المهم التفرقة بين المواطن الذي يعبّر عن رأيه الشخصي عبر منصات التواصل، وبين الصحفي المهني الذي يعمل ضمن مؤسسات مرخصة وملتزم بالضوابط المهنية»، مشدداً على أهمية حماية الصحفيين دون المساس بحرية المواطنين في التعبير.
ونوه بأهمية المادة 77 من القانون النافذ، والتي تنص على أن تكون المحكمة الكبرى المدنية هي الجهة المختصة بنظر قضايا الإعلام، داعياً إلى الإبقاء عليها بدلاً من نقل الاختصاص إلى المحكمة الكبرى الجنائية.
من جهتها، أكدت النائب مريم الظاعن على أهمية الإعلام الإلكتروني في الوقت الراهن، حيث بات يُشكل ركيزة أساسية في المنظومة الإعلامية البحرينية، وله دور فعّال في إبراز جهود الدولة، سواء على المستوى الحكومي أو النيابي، وأصبح المواطن يعتمد بشكل متزايد على مواقع التواصل الاجتماعي كمصدر للمعلومة والخبر. والدليل على ذلك أن الصحف الورقية نفسها أصبحت تركّز على حساباتها الإلكترونية لمواكبة هذا التطور.
وتابعت أن: هناك حسابات إعلامية إلكترونية تقوم بجهد ميداني ملموس، تُغطي فعاليات حكومية، مجتمعية، برلمانية، وحتى فنية، وتقوم بدور مكمل للإعلام الرسمي. في المقابل، لا ننكر وجود حسابات أخرى تنشر الشائعات، أو تعمل على بث الفتنة، وهنا تكمن الحاجة إلى التنظيم.
لكن، يجب أن نكون حذرين في الصياغة التشريعية، حتى لا يتحوّل القانون إلى سيف مسلط على الجميع، بما فيهم من يعملون بحسن نية، ويؤدون دوراً وطنياً. المطلوب هو وضع ضوابط واضحة تضمن معرفة من يقف خلف هذه الحسابات، وتنظيم ترخيصها، مع إخضاعها لرقابة مسؤولة، دون تعسف. كما نؤكد على أهمية أن لا يُعامل أصحاب هذه الحسابات معاملة تجارية تؤثر على امتيازاتهم الوظيفية، مثل العلاوات الحكومية، أو تُضيق عليهم في أعمالهم. يجب أن تكون هناك ضمانات وتشجيع لهؤلاء الشباب بدلاً من تنفيرهم.
وأضافت الظاعن: نؤمن أن تنظيم الإعلام الإلكتروني هو في مصلحة الجميع، ولكن نخشى من أن يُفهم النص القانوني الجديد على أنه تضييق لحرية التعبير أو تسجيل الحسابات، بدلاً من كونه تنظيماً لها، ولا بد من توضيح هذه الجوانب بشكل دقيق، وخاصة ما يتعلق بطريقة ترخيص الحسابات، وهل ستكون هناك رسوم؟ وهل ستُعامل معاملة المؤسسات التجارية؟ وما هي المعايير التي ستحكم هذا الترخيص؟ وذلك حتى تتضح الصورة أمام الجميع، ويطمئن كل من يعمل في هذا المجال بشكل إيجابي وبنّاء.
0 تعليق