للبحرين أبناء قدّموا ما يمكن لأجيال قادمة أن تنتفع به، تركوا إرثاً يظل فاعلاً حتى وإن غاب صاحبه، فلا يقتصر نفع إنجازاتهم على عهدهم وعصرهم بل يمتد للمستقبل كالصدقة الجارية، ولهؤلاء استحقاق بتكريم خاص هم الأجدر أن يُقدّم لهم حتى تبقى أسماؤهم حاضرة على مر التاريخ تُذكِّر الأجيال التي لحقت بهم بأن هؤلاء قدّموا ما ينفع البحرين إلى اليوم، وتُذكِّر أهل البحرين وجيرانها أن وطنهم كان ومازال وسيظل منبعاً للخير والعطاء دوماً.
أسماء كثيرة كُرّمت على حياتها -وهم جديرون بذلك التكريم- إنما بقاء أسمائهم محفورة على شوارعنا أو مدارسنا أو مؤسساتنا فكرة تحفظ لهم حقهم فيما قدّموه لأجيال قادمة، والأهم أنها فكرة تحفظ للذاكرة الوطنية الشعبية حقها أيضاً مجسّدة بالأسماء تقرؤها الأجيال القادمة.
ما استدعى هذا المقال هو ما قرأته عن «عبدالعزيز بوحجي» الذي ارتبط كل ما له علاقة بالتوعية المرورية بنبرة صوته ولهجته البحرينية الأصيلة المُحبّبة لأهلنا في الخليج والتي حُفرت في ذاكرة أجيال بحرينية وغير بحرينية ممن كانت تصلهم تردّدات إذاعة البحرين، استدعى هذا المقال ما ذُكِر عنه مِن أثر طيّب لا مِن محبيه ومَن يعرفه عن قرب فقط، بل ما قرأته من أجيال لم تعرفه معرفة شخصية ولكنها كَبُرت على صوت التوعية والتثقيف والنصح الهادف الذي كان يصاحبها كل صباح في طريقها إلى مدارسها يحفر في وعيهم معنى الأخلاق المرورية قبل القوانين المرورية، مما يدل على أن صوته لم يكن للسائقين فحسب، بل للمشاة وبكل أعمارهم حتى وإن كانوا أطفالاً، أليس هو صاحب فكرة الروضة المرورية التي أعجبت بتجربتها جميع الدول في مجلس التعاون وطلبت من البحرين مساعدتها في نقل التجربة.
لا يمكننا أن نُنكر أن صوت بوحجي رسم إلى حدٍّ كبير ملامح ما اشتُهرت به البحرين مما يُسمّى «بأخلاق السياقة البحرينية» تلك التي شهد بها القاصي والداني، وشكّلت سِمَةً من سمات وصف أهل البحرين، بالسماحة والإيثار والهدوء والرصانة والالتزام والانضباط، جميعها سماتٌ نجح بوحجي في توظيفها كصفات في الشخصية البحرينية الأصيلة أن تنعكس على استخدامه للطرقات سائقاً كان أو ماشياً، فكانت السياقة في البحرين مَضرِباً للأمثال وشاهداً على تحضّر هذه الدولة وشعبها.
بوحجي وأمثاله ممن ترك بصمة يبقى أثرها ثابتاً ونفعها مستمراً على بلده وأهله يستحقون أن تَحفظ لهم البحرين أسماءهم.
0 تعليق