في سورية وفي غزة.. إسرائيل تسير نحو التصعيد

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

loading ad...

هآرتس
بقلم: عاموس هرئيل
4/5/2025

في وسائل الإعلام العالمية، وفي أعقابها أيضا وسائل الإعلام في البلاد، فإنه تظهر كل بضعة أيام تقارير عن إعدادات لمهاجمة عسكرية إسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية. وبما أن المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران تتقدم أكثر، فإنه تسمع تهديدات مشفرة تقول إن إسرائيل ستهاجم، حتى من دون ضوء أخضر من الرئيس الأميركي دونالد ترامب.اضافة اعلان
لكن عمليا، رغم الاستعدادات العملياتية، إلا أن احتمالية هجوم إسرائيلي مستقل الآن تبدو متدنية جدا. ترامب يهتم، كل أسبوع بشكل علني، بإظهار تحفظاته من الحرب، وأمله بأن المفاوضات الجديدة مع إيران، بوساطة عُمان، ستؤدي الى التوقيع على اتفاق نووي جديد. ورغم أنه يبدو في هذه الأثناء بأن هذا الاتفاق يمكن أن يكون يشبه جدا الاتفاق الذي وقع عليه الرئيس باراك أوباما في 2015 (الذي انسحب منه ترامب في ولايته الأولى بعد ثلاث سنوات)، فإن ترامب يقنع نفسه بأنه لا يوجد أي مجال للمقارنة بينهما.
في الفترة الأخيرة، دخلت الى حيز التنفيذ تغييرات أولية في قيادة الإدارة الأميركية، وعلى رأسها نقل مايكل وولتس من منصب مستشار الأمن القومي الى منصب السفير الأميركي في الأمم المتحدة. الإقالة مرتبطة بخطأ لوولتس، وهو قضية تسرب النقاشات السرية قبيل قصف الحوثيين في اليمن -لكنه يرجح كفة الميزان الداخلي حول ترامب لصالح المعسكر الانفصالي الذي يتحفظ من توسيع النشاطات العسكرية الأميركية في كل الجبهات. "واشنطن بوست" نشرت، أمس، أن ترامب نقل وولتس من منصبه أيضا لأنه كشف بأن الأخير أدار بالسر محادثات مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، تناولت إمكانية مهاجمة إيران.
نتنياهو يلوح براية النضال ضد النووي الإيراني منذ ثلاثين سنة. تجاه الخارج هو لن يطويها حتى لو كان موقف ترامب الحالي يرفض الهجوم الإسرائيلي. ولكن إزاء الأداء الفاشل للحكومة وعدم شعبيتها في أوساط الجمهور، فإن نتنياهو بحاجة الى الحفاظ على أجواء الحرب في أكبر قدر من الجبهات. الى جانب التحريض المستمر على معارضيه (وجهات رفيعة في جهاز الأمن)، فإنه يؤجج الآن تهديد التصعيد في ساحتين رئيسيتين، وهما قطاع غزة وسورية.
في القطاع، الحكومة تشدد خطابها بخصوص حماس. في مشاورة جرت قبل يومين، تم الاتفاق على الاستعداد لتجنيد عشرات آلاف رجال الاحتياط في فترة قصيرة من أجل ألا يتمكنوا من السيطرة على قطاعات أخرى في الشمال وفي الضفة الغربية وتحويل قوات نظامية من هناك لتعميق الهجوم البري في قطاع غزة. الحكومة تدفع قدما بهذه التحركات في الوقت الذي يزداد فيه الجدال العام حول أهداف الحرب، وفي أوساط جنود الاحتياط تحفظ كبير من أوامر استدعاء أخرى على خلفية العبء الملقى عليهم منذ المذبحة في 7 تشرين الأول (أكتوبر)، قبل 19 شهر تقريبا.
نتنياهو قال في خطاباته في احتفالات الذكرى والاستقلال، إن هدف تصفية حماس في القطاع يسبق هدف إعادة المخطوفين. في المقابل، رئيس الأركان ايال زمير، أكد (مثلما في تصريحات سلفه هرتسي هليفي) أن الهدف الأول هو إعادة المخطوفين الـ59، الأحياء والأموات. الى جانب تسريع الاستعداد لعملية برية أخرى، التي لن تشمل احتلال كل القطاع، الجيش الإسرائيلي يستعد لاستئناف إدخال المساعدات الإنسانية الى القطاع بعد توقف استمر لشهرين تقريبا. في هذه المرة، القصد هو نقل المساعدات بواسطة شركات أميركية. موقف زمير من المخطوفين، ورفضه إلقاء مسؤولية توزيع المساعدات على الجيش الإسرائيلي، حولاه الى هدف لهجمات مسممة من قبل مؤيدي نتنياهو في وسائل الإعلام وفي الشبكات الاجتماعية.
في موضوع واحد، فإن الحكومة والجيش يتحدثون بصوت واحد -الادعاء بأن زيادة الضغط العسكري ستخدم إعادة المخطوفين. ولكن عمليا، مرت مدة 70 يوما منذ تمت إعادة مخطوفين الى إسرائيل، ومر تقريبا 50 يوما منذ خرقت إسرائيل وقف إطلاق النار في القطاع واستأنفت القتال، ولكن لم يتم إطلاق سراح أي مخطوف آخر، بالقوة أو بالاتفاق. حماس ما تزال تعارض صفقة جزئية لتحرير المخطوفين وتطالب بصفقة شاملة، تشمل إنهاء الحرب والانسحاب الكامل لقوات الجيش من القطاع. الوسطاء المصريون يعبرون عن خيبة الأمل من معاملة إسرائيل، في هذه الأثناء بدعم أميركي، مع مفاوضات حول صفقة، ويحذرون من تدهور آخر للحرب في القطاع.
سورية تحظى في هذه الأثناء باهتمام ضئيل نسبيا، لكن المهم هو عدم تفويت ما يحدث هناك. الهجوم على أبناء الطائفة الدرزية فاقم التوتر في الدولة في الأسابيع الأخيرة. نتنياهو ووزير الدفاع هددا الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع وطلبا منه وقف الهجمات. من أجل توضيح الرسالة، فإن سلاح الجو هاجم أهدافا تتماهى مع النظام والجيش السوري. قوات من الميليشيات السنية، وفي فجر يوم الجمعة، قام بقصف محيط القصر الرئاسي في دمشق.
نتنياهو نشر صورة (قديمة) له مع الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل، الشيخ موفق طريف، ووعد بالوقوف الى جانب الدروز في سورية. أفلام الفيديو التي صورت في سورية ووثقت عمليات قتل وإهانة للدروز على خلفية دينية أثارت قلق الدروز في إسرائيل. عشرات الشباب الدروز اخترقوا الحدود في هضبة الجولان لمساعدة إخوتهم في سورية. في الأشهر الأخيرة، تم توطيد العلاقات بين الدروز في إسرائيل وفي سورية في أعقاب سقوط نظام الأسد وسيطرة الجيش الإسرائيلي على مناطق في جبل الشيخ في هضبة الجولان السوري. في الشهر الماضي، استضافت قيادة الطائفة 600 رجل دين درزي في سورية، جاؤوا للمشاركة في احتفالات أجريت في البلاد.
في أوساط الدروز في إسرائيل، هناك خلاف بخصوص الخط الذي يقوده طريف. يوجد في الطائفة من يعتقدون أن الزعامة الروحية في إسرائيل ذهبت خطوة أبعد في الخطوت العلنية تجاه الدروز في سورية، وأن نظام الشرع الجديد نظر الى ذلك كتحد، بشكل عام يبدو أن الحكومة الإسرائيلية تواجه أيضا صعوبة في صياغة سياسة مدروسة بشأن سورية، نظرا للوضع الجديد الذي نشأ هناك. في الوقت الذي يتفاخر فيه نتنياهو بأن الهزيمة التي ألحقتها إسرائيل بحزب الله في لبنان أدت الى تسريع انهيار نظام الأسد في سورية، فإن كثيرين في المؤسسة الأمنية يخشون من أن الشرع ليس إلا جهاديا متخفيا، وأن منظومة القوات التي يبلورها حوله في سورية ستشكل تحديا أكثر تهديدا لإسرائيل في السنوات المقبلة.
رئيس الحكومة عقد، مؤخرا، مشاورات عدة حول التطورات في سورية وفي قطاع غزة. في هيئة الأركان، تم التعبير عن القلق المتزايد من خطوات نتنياهو في الساحة السورية، من خلال الخوف من أن هذه الخطوات ستورط إسرائيل في مواجهة أخرى وستفاقم أكثر العلاقات المشحونة مع تركيا، وهي المؤيدة الرئيسية للشرع. في إسرائيل، يقلقون من إمكانية أن تساعد تركيا من وراء الكواليس التنظيمات الجهادية. وقد تم نقل أكثر من عشرة دروز من سورية، الذين أصيبوا في الأحداث، الى المستشفيات في شمال البلاد، بعضهم أصيبوا كما يبدو بإصابات مسيرات، التي من المرجح أنه تم تزويدها للمنظمات من قبل تركيا.
في الجيش يقلقون من أن طلبات الحكومة ستجبره على نقل قوات بصورة ضئيلة جدا، مع المطالبة بمواجهة معقدة في عدد كبير من الجبهات. في حين أنه في الطائفة الدرزية يشتكون من المعاملة الفوضوية والبطيئة من الحكومة ومن جهاز الأمن مع التطورات في سورية، حيث تفاقم التصعيد في الأسبوع الماضي خلال بضع ساعات، قبل فترة طويلة على بدء إسرائيل في الرد. في الوقت الحالي يتعامل مع الساحة السورية عدد كبير من الأجهزة مثل الاستخبارات العسكرية، قيادة المنطقة الشمالية، مقر الإدارة العسكرية، الذي يخضع لقيادة المنطقة الشمالية، ولكنه يحصل أيضا على تعليمات مهنية من جهاز تنسيق العمليات في المناطق، الموساد والشاباك. الدروز في إسرائيل توجهوا بدعوة مستعجلة للحكومة، وبعد ذلك اتخذوا خطوات احتجاج شملت إغلاق الشوارع في الشمال، الى أن أمر نتنياهو الجيش بالرد.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق