loading ad...
بينما يحيي العالم في الثالث من مايو/ أيار اليوم العالمي لحرية الصحافة، يعيش الصحفيون الفلسطينيون في قطاع غزة واحدة من أقسى مراحل حياتهم العملية، حيث تحوّلت كاميراتهم إلى هدف مرصود، والكلمة إلى تهمة، في ظل إبادة جماعية ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.اضافة اعلان
ووسط هذه المأساة الإنسانية، لم يعد نقل الحقيقة من غزة مجرّد واجب مهني، بل أصبح مخاطرة يومية، تهدد حياة كل صحفي فلسطيني، حيث بات "يحرق على الهواء مباشرة" بفعل النيران الإسرائيلية.
ومنذ بدء الإبادة الإسرائيلية ضد قطاع غزة قبل 19 شهرا، استشهد أكثر من 212 صحفيا فلسطينيا، وفق إحصائيات رسمية ومحلية، معظمهم سقطوا خلال تغطيات ميدانية مباشرة أو في منازلهم نتيجة قصف متعمّد، في انتهاك واضح للقوانين الدولية التي تحمي الصحفيين في أوقات النزاعات.
وقال المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في 26 أبريل/ نيسان الماضي، إن هذا العدد هو "الأعلى في العالم منذ بدء عمليات إحصاء عدد القتلى الصحفيين في العام 1992".
وبشكل عام، خلفت الإبادة التي ترتكبها إسرائيل بدعم أمريكي مطلق منذ 7 أكتوبر 2023 في قطاع غزة، أكثر من 170 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
- مطالب عاجلة
و في محاولة لرصد واقع العمل الصحفي في قطاع غزة حيث يكون نقل الحقيقة تحديا تحيط به النيران، طالب الصحفي الفلسطيني سامي شحادة، في حديث للأناضول، الجهات المعنية بـ" منح الصحفي الفلسطيني حريته وحقوقه، ليتمكن من أداء رسالته بنقل حقيقة حرب الإبادة التي تُرتكب بحق الشعب الفلسطيني".
وأضاف: "الصحفي في غزة بات مستهدفا، وأصبح مجرد حمله الكاميرا والصورة سببا للرعب والخوف، في ظل ما يواجهه من انتهاكات واستهدافات من قبل الاحتلال الإسرائيلي".
وأشار إلى وجود "حملة تشويه وتضليل تقودها إسرائيل بحق الصحفيين الفلسطينيين"، واصفا هذه الحملة بأنها "خطيرة وتمس بالرسالة الإعلامية".
وأوضح شحادة الذي يعاني من إصابة جسدية حيث بترت قدمه، شأنه شأن عدد كبير من الصحفيين الجرحى في القطاع الذين ينتظرون العلاج، أن إصابته "تمنعه من العمل كما كان سابقا، حيث يحتاج لمساعدة من الآخرين كونه مصورا".
وكشف شحادة للأناضول أنه "ممنوعا من السفر" لتلقي العلاج، وهي الواقعة التي لم يكشف مزيدا من التفاصيل حولها.
ويخرج المصابون من قطاع غزة للعلاج بعد موافقة إسرائيلية على أسمائهم، وهو ما يكشف التضييق الإسرائيلي علي صحفيّ قطاع غزة، حتي بعد إصابتهم.
ولفت إلى أنه في اليوم الذي يفترض أن يُكرم فيه الصحفي، يأمل أن "يتم إنصاف الصحفي الفلسطيني، ويمنح حقه في الكاميرا والصورة، لنقل صوت الحقيقة إلى العالم".
وقال: "أتمنى من المجتمع الدولي والمحاكم المختصة إنصافنا، في القوانين التي وُضعت لحماية الصحفيين".
- "نحرق على الهواء"
ومن جهته، ناشد الصحفي الفلسطيني المتعاون مع الأناضول، رمزي محمود، أي جهة دولية بـ" كبح جماح هذا الاستهداف المنهجي" الذي تمارسه إسرائيل بحق الصحفيين الفلسطينيين.
وقال إن إسرائيل "اغتالت أكثر من 200 صحفي فلسطيني منذ بدء حرب الإبادة، ودون أن تتم محاسبتها".
وأضاف للأناضول: "اليوم العالمي لحرية الصحافة بات بلا معنى، لأن الجرائم مستمرة، ولم يتم إنصاف الصحفيين الذين يتعرضون لإبادة جماعية".
وأوضح أن إفلات إسرائيل من العقاب "أثر بشكل مباشر على واقع الصحافة الفلسطينية".
وتابع: "الصحفي الفلسطيني يحرق على الهواء مباشرة، دون أن تحرك المنظمات الدولية ساكنا، أو تتمكن من ردع الاحتلال الإسرائيلي عن جرائمه".
وأشار محمود إلى أنه نجا بنفسه من حرب الإبادة ، لكنه فقد 19 فردًا من عائلته، بينهم زوجته وابنته ووالدته وشقيقاته، بعد قصف منزله.
وأضاف: "منذ عام ونصف، لم أتمكن من انتشال جثامينهم بسبب منع الاحتلال الإسرائيلي إدخال المعدات الثقيلة."
ويأمل محمود أن تتوقف الإبادة عن شعبه، ويتوقف قتل إسرائيل للصحفيين.
وأردف: "لقد آن الأوان لأن ينصف الصحفي الفلسطيني، ويسمح له بأن يعيش بحرية وكرامة".
- خطة ممنهجة
وعلى هذا النحو، اعتبر الصحفي مطيع مصبح، إن استهداف إسرائيل للصحفيين لم يعد مصادفة، بل هو "خطة ممنهجة لإسكات الرواية الفلسطينية، ومنع الصحفيين من كشف وجهها الحقيقي" أمام العالم في ظل الإبادة والمجازر المستمرة بحق الفلسطينيين ليلا ونهارا.
وأبرز أنهم يواجهون "خطر الموت في كل لحظة".
لكنه شدد على استمرار الصحفيين الفلسطينيين "مستمرون" في أداء واجبهم المهني، مؤكدا حاجتهم للدعم والمساندة من أجل إكمال مسيرتهم.
وأمام مركز لتجمع الصحفيين في غزة، التقت الأناضول بالصحفي الشاب محمد جربوع، وهو يمسك لاقط الصوت "مايكروفون" محاولا إيصال صورة الواقع الأليم الذي يعيشه مع أكثر من 2 مليون فلسطيني في القطاع.
وقال: "في هذا اليوم، كنا نتمنى أن يكون زملاؤنا الذين فقدناهم معنا. فقدنا مراسلين ومصورين في كل محافظة، لكننا باقون لنكمل رسالتهم".
وأضاف: "تمنينا أن تأتي هذه الذكرى وقد توقفت الحرب، لكننا اليوم نرفع الصوت مجددًا: أوقفوا الحرب، واتركوا لنا حقنا في نقل الرواية".
ويدعو الصحفيون في غزة المجتمع الدولي إلى تقديم الحماية اللازمة لهم، وضمان توفير الاحتياجات الأساسية التي تساعدهم على أداء عملها، بدءا من المعدات التقنية وأجهزة الاتصالات، وصولا إلى الحماية القانونية.
وأسوة بنحو 2.4 مليون فلسطيني في القطاع المحاصر إسرائيليا منذ 18 عاما، يواجه الصحفيون بغزة وعائلاتهم مخاطر كبيرة، بدءا من الاستهداف والقتل مرورا بالاعتقال وصولا للمعاناة اليومية من حصار وتجويع وتعطيش، وصعوبة في الوصول للحق في العلاج.
ويوافق 3 مايو من كل عام اليوم العالمي لحرية الصحافة، بموجب قرار من الأمم المتحدة في 20 ديسمبر/ كانون الأول 1993.
والجمعة، قال أجيث سونغاي ممثل مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة للأناضول، إنهم يعتقدون بأن إسرائيل "تتعمد قتل الصحفيين في غزة".
وأشار إلى أن غزة هي "واحدة من أخطر الأماكن في العالم للصحفيين"، وأن الصحفيين يبذلون جهدا كبيرا في تغطية الأحداث في القطاع الفلسطيني والضفة الغربية المحتلة.
- 400 مليون دولار خسائر القطاع الإعلامي
والجمعة، قال مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة للأناضول، إن الصحفيين المستهدفين إما "محليون أو مراسلو وكالات أنباء أو مراسلو قنوات فضائية دولية".
وذكر الثوابتة أن إسرائيل أصابت منذ بدء الإبادة نحو 409 صحفيين وإعلاميين واعتقلت 48 آخرين، واغتالت 21 ناشطا إعلاميا مؤثرا عبر الإعلام الاجتماعي.
وذكر أن عدد أسر الصحفيين التي اغتالتها إسرائيل بلغت 28 عائلة منذ بدء الإبادة، لافتا إلى أن إسرائيل دمرت 44 منزلا لصحفيين بشكل كلي أو جزئي.
واعتبر أن استهداف القوات الإسرائيلية للصحفيين في قطاع غزة "جريمة ممنهجة ترتقي إلى جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية، وانتهاكا صارخا لاتفاقيات جنيف والقانون الدولي الإنساني، الذي ينص بوضوح على وجوب حماية الطواقم الصحفية أثناء النزاعات المسلحة".
كما لفت إلى أن هذا "السلوك العدواني الذي تمارسه إسرائيل جزءا من حرب شاملة لا تستثني حتى حملة الكاميرا والقلم".
وحول خسائر القطاع الإعلامي بسبب الإبادة الإسرائيلية، أوضح الثوابتة أن التقديرات الأولية للخسائر تقدر بنحو 400 مليون دولار أمريكي، تشمل تدمير مقرات عمل المؤسسات الإعلامية وفروعها المختلفة وأدواتها ومستلزماتها من فضائيات وإذاعات ووكالات إخبارية ومراكز إعلامية تدريبية.
وفي 26 أبريل الماضي، قال المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إن إسرائيل "تتعمد قتل الصحفيين بغزة" بهدف ترهيبهم ومنعهم من نقل الحقيقة ووقائع الإبادة الجماعية.
وأضاف المركز (مستقل) في بيان أن "استمرار استهداف وقتل الصحفيين بشكل متصاعد يظهر بما لا يدع مجالا للشك أن القتل عمدي ومقصود، بهدف ترهيبهم وتخويفهم ومنعهم من نقل الحقيقة للعالم وتغييب نقل وقائع الإبادة ضد المدنيين بغزة".
وذكر المركز الحقوقي أن الغالبية العظمى من الصحفيين قُتلوا خلال "غارات جوية إسرائيلية، سواء من الطائرات الحربية أو طائرات الاستطلاع، بينما قتل آخرون جراء إطلاق النار عليهم من قناصة".
وعد القتل العمد للصحفيين "جريمة حرب تقع ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، وفقًا للمادة 8 من نظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة".
وفي السياق، حذر المركز الفلسطيني من أن استمرار إفلات إسرائيل من العقاب "يشجعها على ارتكاب المزيد من الجرائم بحق الصحفيين وعائلاتهم بلا رادع".-(الأناضول)
0 تعليق