ما الذي يجمع التنظيف بالتحرير؟

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أكثر ما يُثير إعجابي في سوريا الجديدة هو مشاهد التنظيف، التي تقوم بها مجموعات من النساء والرجال والشباب والشيوخ، ويشارك فيها حتى الأطفال، للشوارع والمنشآت في المدن السورية والمنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي.

حيث تُصوّر الشوارع قبل وبعد تنظيفها أو المراكز الصحية أو المساجد أو المنشآت الحكومية أو الحدائق والمنتزهات بعد أن تقوم مجموعات من المواطنين بعملية التنظيف وتجميع القمامة.

هناك مقولة قديمة للدكتور محمد جابر الأنصاري «إن المواطن العربي يعرف كيف يكنس الاستعمار من بلده لكنه يجهل أهمية تنظيف الشارع الذي أمام بيته» والمقصود أن ثقافة بناء الدولة لم تكن واردة عند أصحاب هتافات يسقط الاستعمار، لكن الشعب السوري اليوم أعاد إلينا الأمل في العقلية العربية التي تعي تماماً أن بناء الدولة مسؤولية لا تقلّ في أهميتها عن تحريرها.

فلا بناء بلا مشاركة شعبية، بل لا بناء إلا بالاقتناع بأن تلك الممتلكات العامة هي للإنسان، للمواطن، لا للحكومة ولا للنظام، ومن هنا شعر المواطن السوري بأن دوره لا يتعطّل إلى أن تستقر الدولة، ولا يتأخر إلى حين استكمال نيله حقوقه، بل بدأ بواجبه، وفعّل دوره فوراً، وتواضع أمام حق الوطن عليه، فنزل للشارع كنسه ونظفه وأعاد ترتيب بيته الكبير.

كانت الفوضى السابقة ترسم مقدار المسافة بينه وبين الاقتناع بأنه هو «العامة» وأن تلك الممتلكات العامة هي له، تلك القناعة مع الأسف هي ثقافة عربية عامة، إنما الصحوة السورية لابد لها أن تستمر عنده وعند كل مواطن، وفي كل دولة، وتحت أي نظام، هي ليست أموراً بسيطة متعلقة بالنظافة فقط، بل هي قناعة بأن حماية ونظافة ورُقيّ أي منشأة أو شارع مسؤولية من مسؤوليات المواطن، لا مسؤولية البلدية أي الدولة فحسب، تلك القناعة مع الأسف غير واردة عند المواطن العربي، إن رأى حديقة أو شارعاً متّسخاً لام البلدية وشركات النظافة، وإن وضعت غرامة كبيرة على إتلاف الممتلكات أو رمي الأوساخ اعترض وقال المبلغ كبير!! وكأن القاعدة هي الإتلاف والفوضى والوساخة والاستثناء هو الالتزام بالضوابط، لذلك لابد أن تكون الغرامة بسيطة! منطق مقلوب فعلاً.

لا خوف على مجتمع يؤمن أن الممتلكات العامة له هو شخصياً وحريص على حفظها وصيانتها ونظافتها، ذلك مجتمع يتشافى بسرعة، ويُعيد إعمار دولته بسرعة ويقف صدّاً أمام أي تدخل أجنبي، أو من يريد به سوءاً، هما صنوان اثنان لا يفترقان، فإن كنت مؤمناً بأنك كمواطن مسؤول عن حماية بلدك، فلابد أن تكون مؤمناً أنك مسؤول عن أمن ونظافة منشآتك العامة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق